عادت تَهلْهلَ ظهــــــرها مُحدودبَه
في العينِ آثارُ الظلامِ مُسرَّبه
•
وكأنَّما الضوءَ اشتهى أن يختفي
حتى يغضَّ الطرفَ عن مُتحجِّبَه
•
يومٌ وحتــــــى الغيمُ بُــــدِّدَ جمعهُ
كي لا يَراها بالأسى مُتعصِّبه
•
ذبُلت بثغرِ الكـــــــــونِ أيةُ بسمةٍ
مُذ أنَّ دمعَ الهمِّ أورقَ كوكبَه
•
ومشت ولا أدري بأيةِ حـــالـــةٍ
مجروحةً .. موجوعةً .. ومُعذَّبَه
•
ومضت وخلف ركابها جسـدٌ بقى
وبحسرةٍ لم تحظَ أن تتقربه
•
لهفي عليها وهي في ركبِ السبا
وبها فؤادٌ .. كلُّ جرحٍ صوَّبه
•
الذُّلُ مــرٌّ .. يا مرارة ذُلِّـــها
لم أدرِ من أي البلايا مُتعبَه
•
الذُّلُّ صارَ مُعرَّفٌ فــي حالها
والذُّلُ يكسر بالرزايا صاحبَه
•
صعبٌ بأن يصفَ الزمانُ دموعها
لا يعرفُ الذُّلَّ سوى من جرَّبه
•
من كثرِ ما تبكي تذوبُ عُيونها
و كـ مزنِ دمعٍ أمطرت مُتصبِّبه
•
كانت يداها في يدي عباسها
وكفوفهُ قـــد قُطِّعت يا زينبه
•
كانت عزيزةَ حيدرٍ في عهدهِ
عجبا تطُوفُ الشامَ وهيَ مُغربَه
•
وتصيحُ يا حصنَ اليتامى من لنا
لو جرَّحوا متني وأصرخُ: يا أبه
•
•
ابو مقداد ..
الأربعين 1435
Pages
Tuesday, December 24, 2013
~ مناجاة ~
Monday, December 23, 2013
من أنت سيدي، عرفني نفسك؟!
تاهت بي الأفكار،، فلم أجد شيئا في خيالي،،
بماذا أصفك لا أعلم؟
قطعوا جسدك، فبني به كيان أمة بكاملها!
قتلوك عطشانا فسقيت كل الأمة ماء!
سالت دماك فانسكبت بعروق أمة فأحيتها بعد احتضارها!
رفعوا رأسك على الرماح، فارتفع رأس كل من والاك.. وكل من أحبك.. وكل من صار خادما بين يديك..
قتلوك.. وسلبوك.. وسبوا نسائك وعيالك.. فأيقظت ضمير الإنسانية جمعاء..
ما أعظمك سيدي..
سبحان الله الذي خلقك فسواك،،
وما أجل وأعز ما قدمت وضحيت،،
فسبحان من جازاك،،
وبين كل العالمين اختارك..
من أنت يا حسين؟!
محمود سهلان
19 صفر 1435
Sunday, December 22, 2013
ومضات: حياتك من صنع أفكارك
إن سعادة الإناء أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها.
إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج، أو المنقبض، كما يتلون السائل بلون الإناء الذي يحتويه : ( فمن رضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط ).
عاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعرابيا يتلوى من شدة الحمى، فقال له مواسيا ومشجعا: ( طهور )، فقال الأعرابي: بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، لتورده القبور. قال ( فهي إذن ).
يعني أن الأمر يخضع للاعتبار الشخصي، فإن شئت جعلتها تطهيرا ورضيت، وإن شئت جعلتها هلاكا وسخطت.
إن العمل الواحد بما يصاحبه من حال نفسي يتغير تقديره تغيرا كبيرا.
وانظر إلى هاتين الآيتين وما تبرزانه من صفات الناس قال تعالى: ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما، ويتربص بكم الدوائر، عليهم دائرة السوء، والله سميع عليم )، وقال تعالى ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول، ألا إنها قربة لهم )
هؤلاء وأولئك يدفعون المال المطلوب.
هؤلاء يتخذونه غرامة مؤذية مكروهة، ويتمنون العنت لقابضيه.
وأولئك يتخذونه زكاة محبوبة تطيب النفس بأدائها، وتطلب الدعاء الصالح بعد إيتائها.
وشئون الحياة كلها لا تعدو هذا النطاق.
قيمة العمل، بل قيمة صاحب العمل ترتبط إرتباطا وثيقا بحقيقة الأفكار التي تدور في الذهن، والمشاعر التي تعتمل في النفس، قال " ديل كارنيجي " : ( إن أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصايرنا ).
ولذلك يتساءل " إيمسون " : ( نبئني ما يدور في ذهن الرجل، أنبئك أي رجل هو ).
نعم هي حقيقة يجب أن نعيها جميعا، فكيف يكون الانسان شيئا أخر غير ما يدل عليه تفكيره ..؟! ، واعتقادي الجازم أن المشكلة التي تواجهنا هي: كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة ..؟ فإذا انحلت هذه المشكلة انحلت بعدها سائر مشكلاتنا واحدة إثر أخرى. قال الإمبراطور الروماني " ماركوس أورليوس " : ( إن حياتنا من صنع أفكارنا ) . - وكان هو السبب في اختيار عنوان هذه الومضة ..
فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء، وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء ... وهكذا.
إذا فكل ما يصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور في فكره، فكما أن المرء ينهض على قدميه وينشط وينتج بدافع من افكاره، كذلك يمرض ويشقى بدافع من أفكاره أيضا ..
أم علي
12/22/2013
كلمات على طريق كربﻻء
من انت يا حسين!؟
لتلبيك الأرض ومن عليها، والسماء ومن فيها
وتتسابق الخطوات لبقعة سقيت بدمك فطهرت، مﻻيين من شتى بقاع العالم تزحف إليك راكبة وماشية ذاب وتﻻشى كل ما يفرقها وبقى عشق حسيني يجمع القلوب بنبض واحد يهتف لبيك ياحسين.
أسمع النداء
إﻻ من ناصر ينصرنا
وأهتف مع المﻻيين لبيك سيدي يا حسين، وأغمض عيني وأعود ليوم عاشوراء لأراك واقفا هناك بكربﻻء وحيدا تردد النداء الأزلي فيصل صداه كل عام لتلبيه المﻻيين نافضة أكوام الذل من على ظهرها لتنير ظلمات قلوبها بشمس كربﻻء.
ترى لو لم تقتل سيدي!!؟
هل سنعرف معنى للدين وللإيمان أم اننا سنخوض مع الخائضين ونتوه مع التائهين حتى ننغمس في ذل أنفسنا ونموت ويموت المعنى الحقيقي للخلق.
وقتلوك ... فمت لتحيي النفوس ..
فأنت قتيل العبرة، قبرك كعبة للعاشقين.تربتك موضع جباه الساجدين وقبتك أمان للناظرين وقبرك مناخ المﻻئكة المقربين فلبيك سيدي لبيك إن لم يجبك بدني أجابتك روحي وجميع جوارحي لبيك داعي الله لبيك ..
أم حسين
12/20/213
كُنْ أنتَ .. لِـ يكونَ العالَم ..
ابدأ بنفسكَ أولاً, لتغيّر العالمَ معك, كُن محوراً لحياتك, تكُن مِحوراً لمجتمعك, فبِمقدارِ تغيير النفسِ يتغيّرُ العالَم, العملية صَعبةٌ حتى تفكَّ شفراتها وتفهم فلسفتها وحيثياتها وآثارها, فالتغيير لغزٌ سهلٌ وصعبٌ في ذات الوقت, ويحدد مستوى السهولة والصعوبة معرفة الحلِّ من عدمه!
يقول أحدُهم وهوَ كهلٌ " عندما كُنت شاباً, كان بإمكاني صنعُ التغيير, لكنِّي كنتُ أجهل طريقَ الوصولِ إليه, وعندما صِرتُ كهلاً, صرتُ أَعرفُ طريقَ التغيير, لكني عاجزٌ عن صنعه ..!! " ما النتائج التي توصلَ لها هذا الكهلُ حتى تيقنَ من مقدرته؟ وما الأثر الذي ترتب على تأخير معرفته ؟!
للتغيير قانونٌ ذُكِرَ في القرآنِ الكريم حينَ قال الله تعالى في سورة الرعد آية 11 (( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ)) وفي هذا القانون الخارطة الواضحة للوصول للهدفٍ المنشود وهو التغيير, وهو أنت!
السؤال الأول الذي قد يتبادر في ذهن أي انسانٍ سيبدأ أي مشروعِ هو: من أين أبدأ ؟ وهو حقاً سؤال جديرٌ بالوقوفِ عنده, لأنّ نقطة الإنطلاقة ستحدد الكثيير من الأمور, وهي التي تتحكم ضمنياً بنقطة الإنتهاء وهي الهدف, من أينَ أبدأ هو السؤال الذي جعل صاحبنا الكهل يتحمل كل هذه السنوات حتى اكتشف – متأخراً - طريقه الذي لم يعد قادراً على السيرِ فيه, من أين نبدأ؟
يمرٌّ الإنسانُ بقصدِ أو بدونِ قصد عبر محطتان في مشروعه التَّغييري, و أيّ خللٍ في ترتيب هاتين المحطتين, هو خلل في كل المشروع الذي لن ينجح ولو تحققت الأهداف, المحطة الاولى نفسه, والثاني المُجتمع, أَقفُ عند المحطة الأولى, والتي أعني بها التغييرُ من الداخل, وهذا لن يتم إلا عبر معرفة الإنسانِ لنفسه أولاً, واكتشاف كل مفاتيح نفسه ثانياً, والمقدرة على التحكم في كل جوانب النفسِ, فمن يتمكن من إدارة نفسهِ هو إنسانٌ قادرٌ على إدارة الحياة, جرّب نفسك حين الغضب, هل تغضبُ لانك فقدت أعصابك؟ أم لأن الموقفُ الذي أنت فيه لا يُعالج إلا بهذا النوعِ من الغضب؟ أم أنك لا تعلمُ لماذا غضبت, فقط كانت ردة فعلٍ عكسية؟ هذا مثال جربه, وطبّقه على كل ردود أفعالك, هل انت من تتحكم بها أم هي من تتحكم بك؟ فقط حين تتمكن من نفسك ستتمكن من الإنتقال للمحطة الثانية وتتحكم بالمجتمع بالمستوى الذي تتحكم فيه بنفسك أنت!
بما أنكَ أنت محورٌ لحياتك, و بمقدار تحكمك وإدارتك لحياتك, سيحدثُ التغيير, إذا فهذا يُعطيكَ انفراداً في النجاحات, ويلغي مصطلح النجاحَ الجماعي, فمثلاً, لو كنتَ ضمنَ فريقٍ في مُسابقةٍ ما, ماهو معيارُ النجاح بالنسبةِ لك؟ هل سيكونً إحرازك للجائزة؟ أم أداؤكَ انتَ في الفريق؟ ولو قدّمتَ أنت كل ما في وسعكَ, وبذلتَ جُهدك الذي يُرضيك, ولكن لتقاعسِ أحد الأعضاء خسرتم الجائزة, فهل ستكونُ أنت الفاشلُ الذي تسبب في الخسارة؟ ولو أحرزتم المركز الأول في المسابقةِ ولكنك لم تبذل أي جهدٍ بينما بذل الإخرون جهداً مميزاً, فهل ستشعرُ في قرارةِ نفسكَ انّك من أحرز الفوز واستحقه؟!
رُغم العملِ الجماعي هنا, إلا أن الفوز أو الإنتصار هو فردي, لا يمكن أن يكونَ جماعياً, وإن حققت نجاحا ما، بالنظر إلى الإختلافات الطبيعية في إمكانيات الإنسان ومهاراته ومستوياته, فلا يُعقل أن يكونَ الجميعُ مُشاركاً في هذا الفوزِ بمقدارٍ مُتساوٍ, مع النظر طبعًا لضرورة تهيئة الوضع المثالي لتحقيق الانتصار والنجاح الفردي والجماعي في الوقت ذاته، لذافأنتَ من ستحدد مقدارَ انتصارك بينَ المجتمع, فحينَ تبدأ مشروعك التغييري من نفسك, وتقنع نفسكَ بانك من تحمل هذا المشروع على عاتقك, وتُقدم كل ما تستطيع وتبذل كل جهدٍ ممكن, تكونُ قد أديتَ تكليفكَ ومهمتك, وإن لم تتمكن من الإنجاز فلن يكونَ الخللُ منكَ حيثَ أنكَ - كإنسان - قدمت كل ما تستطيع, تماماً كما لو في المثال السابق أديتَ مهمتك في الفريق على أكمل وجهِ, وتقاعس غيركَ ففشلتم في إنجازِ المُهمة, لكنكَ انت قدمتَ أداءً راقياً يًشادُ به, لذلك ستشعرُ انتَ بإنتصاركَ رغمَ خسارةِ الفريق, تماماً كمن يستشهدُ في سبيلِ تحقيقِ هدفٍ ما, يكونُ قد انتصرَ بالشهادةٍ ولو لم يتحقق الهدف الذي سعى واستشهدَ من أجله, لأنه حقق هدفاً أسمى من هدفٍ أدنى, ونجحَ في الإنتصار على نفسه !
إذاً وكما قال الإمام علي " ميدانكم الأول أنفسكم .. فإن انتصرتم عليها كنتم على غيرها أقدر.. وإن خذلتم فيها كنتم على غيرها أعجز .. فجربوا معها الكفاح أولاً " نفهمُ انه من الخطأ وغير الحكمةِ ان نُحاولَ تغيير المُجتمعِ إن فشلنا في تغييرِ أنفسنا, فابدأ من نفسك!
أبو مقداد ..
12/13/2013
Friday, December 13, 2013
فكرة: تذويب الخلافات
يشعر الإنسان في شخصه ومجتمعه بحالة من الضيق والتعب من ثقل الخلافات وربما (همجية) الضديات وإن غُلِّفت في كثير من الأحيان بغلاف (ما يسمى): احترام الرأي الآخر!
لسنا في حاجة إلى الاستشهاد بواقعيات نعيشها، فهي أجلى وأوضوح من أن تُذْكَرَ أو يُذَكَّرَ بها، ومن قوة شخوصها وسيطرتها على كثير من زوايا وأركان النفس والمجتمع، فإن الإنسان بات يحلم بذاك اليوم الذي تتلاشى فيه وتضمحل في ظل أجواء من الانفتاح الثقافي والقدرة على استيعاب الآخر وجودًا قائمًا لا يمكن رفع واقعيته، ومن رحم هذه الأمنيات تدفقت بعض الأفكار وربما الأطروحات الرامية إلى تذويب الخلافات وشطبها من قاموس التعاطيات البينية والمجتمعية.
أولًا أقول: هل هذا ممكن؟ وإن كان ممكنًا فما هي طبيعة هذا (التذويب)؟
لا أجد الأمر ممنوعًا عقلًا، فالمجتمع قادر على تذويب خلافاته وتهميشها تمامًا، غير أن ذلك يحتمل أحد احتمالين:
الأول: أن يكون التذويب لصالح فكرة دون أخرى، أو فلنقلها صريحًا: لصالح تيار دون آخر.
الثاني: أن يموت المجتمع فلا تكون له أدنى عناية بغير معاشه من مسكن ومأكل ومشرب.
وإلا فكيف لهذا التذويب أن يُتْصَوَّر؟
نعم، أدعو بقوة إلى عدم تحويل الخلافات إلى مادة معطلة مُشغِلة عن ما هو أهم من مشاريع كبرى، وهذا الذي أدعو إليه ممنوع تمامًا ما لم نتمكن فعلًا من ناصية التعددية الطبيعية التي جُبِلَتْ عليها البشرية، وهنا أضع مجموعة من النقاط الرئيسية:
أولًا: حق أصيل لكل واحد من بني البشر أن يطرح رأيه، وتتفرع على هذا الحق أمور:
1- أي رأي فلا بد أن يبتني على عدم الإساءة إلى الآخرين.
2- أي رأي مُحترم، فهو كذلك طالما أنه لا يقصي الرأي الآخر، وإلا فهو غير محترم.
3- ينبغي أن يُقدم للرأي بما يدعمه من أدلة قويمة واستدلالات مستقيمة.
ثانيًا: من حق المجتمع على أصحاب الرؤى أن يتقدموا بمناقشات علمية هادئة.
ثالثًا: من حق المجتمع أن يختار ما يشاء دون تخويف ولا قمع ولا مصادرة.
رابعًا: من حق المجتمع على أصحاب الرؤى أن يحتفطوا برؤاهم ويستمروا في مناقشتها باحترام وتقدير شريطة أن لا يسحقوا مستقبله ومشاريعه الكبرى تحت أقدامهم بحجة (الحق والباطل)!
خامسًا: كما أن من حق كل صاحب رؤية أن يطرح رؤيته ويناقش رؤى الآخر باحترام وهدوء، فإن من حق المجتمع على أصحاب الرؤى أن يجتهدوا في البحث عن المشتركات لصياغة منطلقات حقيقية نحو بناء مجتمعي معرفي صحيح.
وهكذا، فإن أطروحة الاستيعاب الصحيح للتعددية الطبيعية لا تعني على الإطلاق تذويب الخلافات كما يتصور البعض، ولكن الاستيعاب يعني وبكل بساطة: أن نحترم إنسانيتنا وأن نتقي الله تعالى في الناس.
محمد علي العلوي
12/13/2013
إلزم تكليفك وانجو
والمكلف ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي:
1) المجتهد: وهو القادر على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة، وذلك بعد حيازته وإلمامه بالمقدار اللازم من العلوم التي لها علاقة بالشريعة.
2) المحتاط: وهو الآخذ بالرأي الجامع بين الآراء المختلفة، كأن يكون هناك من يقول بكراهة أمر ما، ويقول غيره بحرمته، فيحتاط ويعمل برأي الحرمة.
3) المقلـِّد: وهو من يقلد مرجعاً جامعاً للشرائط، ويعمل وفق آرائه.
ومن الواضح أن أكثر المكلفين هم من القسم الثالث، أي أن أكثرهم يرجعون إلى غيرهم لتحصيل الحكم الشرعي، وربما أكثر من ذلك، ومع ذلك نرى أن الكثير منهم لا يلتزمون بتكليفهم، فيفتون بلا علم، ويعملون وفق آرائهم ورغباتهم، والأدهى من ذلك اعتدائهم على أهل العلم من المجتهدين، وتعديهم حدود تكليفهم، ومستواهم العلمي، وقد سبق منا القول أن لكل مكلف تكليفه الخاص، فهل من تكليف المقلِّد إصدار الفتوى، واستنباط الأحكام الشرعية؟ وهل يمكنه بعلمه البسيط - مهما علا - أن يقارع الدليل بالدليل، والبرهان بالبرهان؟
أجيب جازماً أنه غير ممكن؛ وإذا كان كذلك فتدخل المقلِّد فيما لا يفقهه، وما لا يعلمه، ما هي نتائجه؟
إن من نتائجه الجلية انتشار الفوضى، وخلق الفتن، وما أكثر متلقفيها، خصوصاً من أخفاء الهام.
ثم إن هذا المقلِّد لو التزم بتكليفه لكفى نفسه شراً كبيراً، عرض نفسه إليه عندما دخل فيما لا يعنيه، فإنه سيسأل عن ذلك يوم القيامة لا محالة، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: (وقفوهم إنهم مسئولون) [الصافات: 24].
وهب أن هناك من أهل العلم من هو مذنب، ولديه بعض الشبهات، أو بعض الخلل، وسكت عن ذلك، هل سيتعرض هو للمسائلة، أم أنت؟
أما لو التزم كل مكلف بتكليفه، وأدى واجباته على الوجه المطلوب، لتغير حالنا كثيراً، ولقضينا على هذه الفوضى والفتن المنتشرة فيما بيننا، ولبدأنا بالإرتقاء والصعود بمجتمعنا شيئاً فشيئاً.
وهنا دعوة لكل مكلف أن يلتزم تكليفه، وأن يؤدي واجباته في دائرته، دون الدخول في دائرة غيره؛ إذا كان يريد بهذه الأمة خيراً.
محمود سهلان
12/6/2013
أم علي
(أم علي)
جمعتني الصدفة بها في أحد المستشفيات وقد كانت خالتي تتقاسم معها الغرفة فأمضيت معها شهرين كانا الأخيرين في حياتها القصيرة .. كانت تعاني من مرض خطير ..
كنت أراقبها دائماً .. هدوئها وقلة الزائرين لها هو ما لفت انتباهي إذ لم أر سوى زوجها يرتاد على غرفتها ظهراً حاملاً وجبة الغداء .. يبقى معها قليلاً ويغادر .. وكنت ألبي طلباتها لعدم قدرتها على ذلك.
شفيت خالتي وغادرت المستشفى ولكني استمريت على زيارتها يومياً بل حرصت على أن أقضي معظم النهار معها فكنت أزورها صباحاً ومساءاً .. كنت أحاول جاهدة بأن لا تشعر بالوحدة.
حدثتها في أمور كثيرة وكان حديثها لا يغادر ساحة أبنائها الخمسة، فتجرأت ذات يوم وسألتها (أم علي ما عندش خوات؟) .. فانهمرت دموعها غزيرة وبصوت مبحوح قالت (عندي 8 خوات) وكانت دموعها على قدر ألمها، فاحتضنتها باكية عندها أكملت كلامها وقالت (واليوم صاروا 9 خوات).
أم علي كيف أنساكِ وصورتكِ وحيدة ممددة على ذلك السرير لا تفارق مخيلتي فكلما شعرت بالوحدة تذكرت وحدتك.
(أم علي) صورة من صور كثيرة لحالات اجتماعية مؤلمة تعاني منها مجتمعاتنا غياب القيمة الإنسانية في التعامل مع الآخرين وبات ما يحدد علاقاتنا هي القيمة المادية للآخر .. ولا أقصد من المادة المال فقط بل الفائدة المادية بشتى صورها .. ولم يعد للقيم المعنوية الإنسانية أي معنى .. وينتهي الإنسان بانتهاء قيمته المادية فبمجرد أن يتوقف عطاء الفرد المادي تتخلى عنه الناس وينتهي به الحال وحيداً.
عطاؤنا أصبح مقروناً بعطاء الآخر .. وعلى قدر ما أعطي أنتظر أن آخذ وإلا سيتوقف العطاء .. فماذا تعلمنا من ديننا وأئمتنا وهم من يقولون:
الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) قلت: قوم عندهم فضول وبإخوانهم حاجة شديدة وليس تسعهم الزكاة أيسعهم أن يشبعوا ويجوع إخوانهم فإن الزمان شديد؟
فقال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحرمه فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه والتواصل والتعاون عليه والمواساة لأهل الحاجة والعطف منكم يكونون على ما أمر الله فيهم رحماء بينهم متراحمين
(الكافي: ٤ / 50 ح 16)
فلنصل أرحامنا .. نساعد الضعيف .. نعود المريض .. نعفو .. نسامح ونعطي بلا حدود وننتظر الأجر من الله سبحانه وتعالى ..
(أم حسيـن)
12/6/2013
ومضات مبعثرة ..
تتمة ..
إحدى المعضلات في القراءة الخطأ .. الإسقاط الفكري .. يفهم البعض أن الإسقاط الفكري هو الجانب السلبي منه .. ليس بالضرورة .. فقد يسقط القارئ مقالة مدح على نفسه أو على شخص آخر ..
وهذه المعضلة لها إرتباط بالتصور الذهني الذي ذكرناه سابقاً .. وتكمن الخطورة في الإسقاط الفكري أن القارئ يفهم الموضوع على غير مراد الكاتب .. ومن ثم يبني عليه أحكام أو أفهام لا وجود لها إلا في مخيلته فقط ..
ومعضلة أخرى .. المكابرة في الفهم والتعلم فالبعض يأتي وكأنه حوى العلم وجمع أطراف المعرفة .. وهو في حقيقته جاهل بأصول الكتابة والقراءة .. وهذا قمة الجهل .. ويسمى بالجهل المركب .. فهو لا يعلم .. ولايعلم أنه لا يعلم !!
ومعضلة أخرى .. هي خمول العقل .. فالبعض يؤثر الراحة والدعة حتى في القراءة والتفكير .. فيسلم عقله للآخرين لكي يقرأوا ويفكروا نيابة عنه .. ثم يبني على فهم الآخرين آراءه ومواقفه .. وربما يناقش .. ويكابر .. وربما يوالي ويعادي .. وهو في حقيقته .. فهم بالوكالة !!
وهناك صنف آخر له علاقة بالقراءة الخطأ .. وإن لم يكن في حقيقته قراءته خاطئة .. قراءة ما يطلبه الجمهور !! ..
هذا الصنف من القراء .. يفهم مراد الكاتب .. ويعرف أبعاد كلماته .. وإنما لسبب أو لآخر .. أو لهوى في نفسه .. يقرأ كما يتطلبه الوضع الراهن أو الجو السائد .. يعتمد التضليل في بعض الأحيان .. وفي أحيان أخرى يضيف على الموضوع ما ليس فيه ..
والى لقاء آخر في ومضات جديدة ..
ام علي
12/5/2013
من بركات القرآن الكريم
البعض يحصل على بركات الإستماع والقراءة، والتوفيقات الإلهية، ويحصل على الثواب، وبدرجات أعلى يستفيد آخرون من علومه، وكل ما فيه من عقائد، وأحكام، وغيرها، والكل بإذن الله يحصل الثواب والبركات والتوفيقات الإلهية.
وهنا أود أن أطرح تجربة حضرتها شخصياً، وهي تجربة متميزة وراقية من وجهة نظري، ولن أفصل فيها كثيراً، بل أختصر محافظاً على لبها، وما أريد منها.
كان بعض الأحبة يجتمعون في أحد المجالس - ربما يتغير - ويقرأون القرآن، ثم يزورون الإمام الحسين (ع)، ويبتهلون إلى الله ببعض المأثور، والجميل أن هذا البرنامج العبادي لم يقتصر على يوم معين، أو شهر معين، كشهر رمضان مثلا، بل كان طوال العام.
نظراً لهذا التلاقي المميز بين هذه الثلة المؤمنة، والذي كان مبنياًُ على عبادة الله تعالى عموماً، وتلاوة كتابه الكريم خصوصاً، ثم على الأخوة الإيمانية، نجد هؤلاء - حسب ما أرى - بتوفيق من الله، قد وفقوا للكثير من العمل، على المستويين الفردي والجماعي.
فعلى المستوى الجماعي والمؤسساتي اشترك أغلب هؤلاء في بعض مؤسسات المجتمع تطوعاً، وخدمة لبلدتهم ودينهم، بل أسسوا مؤسسة خيرية، وهي لا تزال قائمة، أما على المستوى الفردي، فأصبح بعضهم رادوداً حسينياً، وبعضهم طلاب علوم دينية، وآخرون تفوقوا في دراستهم الأكاديمية ... إلخ.
هذه التجربة وأمثالها توضح مدى الإستفادة، والتوفيق الإلهي المتوقع، عندما نرتبط بالقرآن الكريم، وبالله سبحانه من حيث أمرنا، وأتمنى أن تستمر وتتجدد هذه التجربة، وتتطور أكثر وأكثر، وأن تنتشر في مجتمعنا، لنزداد إرتباطاً بالقرآن، وبالله سبحانه وتعالى.
وأختم حديثي بهذه الرواية - تبركاً - راجياً من العلي القدير أن يجعلنا وإياكم من حملة القرآن، والعاملين به، وهي: ما ورد عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن الحسن ابن أبي الحسين الفارسي، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن السكوني، عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص) : ((إن أهل القرآن في أعلى درجة من الآدميين ما خلا النبيين والمرسلين، فلا تستضعفوا أهل القرآن حقوقهم، فإن لهم من الله العزيز الجبار لمكاناً علياً)) [أصول الكافي: ج2/ ص334].
محمود سهلان
12/5/2013
ومضات مبعثرة
تتمة ..
لا يقع .. كل .. اللوم على القارئ .. فللكاتب نصيب من القراءة الخطأ .. فالبعض تتخمر في رأسه فكرة موضوع ثم يبدأ بمقدمة لا صلة لها بالموضوع .. ثم يشرع في طرح الفكرة .. ويحاول أن يغلفها بكثير من الأمثلة .. فتضيع الفكرة وسط زحام الأسطر.
وبعض من يكتب .. تفتقد كتاباته الوحدة الموضوعية .. والتسلسل البياني .. فيبدأ بشيء ما .. وينتهي بموضوع مخالف ربما حتى العنوان .. وهذه سببها شطح الخيال .. والإسهاب في الحيثيات دون التركيز على أصل الموضوع.
وبعض من يكتب .. لا يجيد خطاب كل الفئات .. فهمّه كله أن تخرج الفكرة من رأسه .. ولا يدري بأي أرض سقطت .. لا يعيد قراءة ما كتب .. ولا يتمعن فيما جرى فيه القلم .. فيلحقه بتوضيح أو ملحقات تفسير.
ومضة خاصة: الجميع شركاء في القراءة الخطأ.
ام علي
11/28/2013
Wednesday, November 27, 2013
بين اللقاء والارتقاء
يقولون دائمًا أن (الجدِّية) شرط لنجاح (الحوارات)، وبالتالي فإنك إن لم تكن جادًّا فمحاورتك غير مجدية..
هذه المقولة جميلة في صورتها، زاهية في شكلها، إلا أنها لا تؤسس إلى منطلق ثقافي مفهوم؛ فـ(الجدِّية) ليست مما يلتقطه الإنسان من هنا أو يظفر به من هناك، ولكنها حالة قائمة بالفعل في وجدان الشخصية المنفتحة المريدة للخير والمتطلعة للارتقاء، وإن انتفت من الوجدان فإنها لن توجد إلا بتغيير في النفس، وتغيير النفس مشروط للوقوف على الأخطاء والدخول في مصارحة حقيقية مع الذات.
عندما نسعي للارتقاء فنطلب اللقاء بيننا، ونطلبه مع الآخر فهو متحقق لا محالة مع الفرض الذي من المفترض أن يكون طبيعيًا، وهو التوفر على الاستعداد التام للانتقال والتحرك على مستويي القناعات والأفكار، وبمجرد أن يفشل اللقاء فإن الارتقاء في الغالب يفشل، وينكشف تخلف طرف أو أكثر عن فرض الاستعداد للتعاطي الإيجابي مع مختلف الأفكار، وهنا لا أقصد على الإطلاق أن الارتقاء رهين الاتفاق، ولكنه حتمًا رهين التفاهم وسعة الصدر لاستيعاب الآخر.
فلندقق قليلًا..
يقول تعالى لرسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله): (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ)، ولا يعني سبحانه بقوله (وَلَن تَرْضَى) أنهم لن يدخلوا في دعوة الإسلام، ولكنهم لن يسالموا أصلًا..
ينفي المولى تبارك ذكره حتى هذا المستوى من (الرضى) نفيًا مؤبدًا، والسبب هو انعدام الاستعداد عندهم للدخول في تفاهمات صادقة من الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) ولو في أدنى المستويات، وإن دخلوا فهم أقرب إلى النكوص والانقلاب، وهذه الحالة لا تقتصر على اليهود والنصارى فقط، ولكنها عامة في كل من يعيش مرض التفرد ويرفض التكامل مع الاخر.
في لقاءاتنا.. لا نفرض رأيًا ولا نجبر أحدًا على شيء..
في لقاءاتنا.. نريد أن نسمع لنتعلم، ونتمنى أن نُسمَع لنتعلم أيضًا..
في لقاءاتنا.. نتحمل مسؤولية الكلمة..
في لقاءاتنا.. نريد الخير لثقافة المجتمع.. لفكره.. للعطاء العلمي فيه..
في لقاءاتنا.. لا دعوة إلى تيار.. لا تعصب إلى أسماء.. لا صنمية.. لا جمود.. لا (وثنية)..
في لقاءاتنا.. نحن مع الثوابت.. وندافع عن القناعات.. ونبلور الأفكار..
لا غنى عن اللقاء الحقيقي من أجل ارتقاء حقيقي..
محمد علي العلوي
11/27/2013
احذروا.. أن تحبط أعمالكم
نسرد بعض ما جرى لنا من مواقف، قد نتظاهر بسردها من أجل النصيحة، أو من أجل الموعظة، والتنبيه للعبرة من القصة، لكن الواقع هو العجب (بضم العين) والرياء، فلا ننال إلا الذنب، فتحبط أعمالنا..
قد ندعي أننا نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر قياما بالواجب، لكن بين ثنايا ذلك يظهر الكبر (بكسر الكاف)، واستحقار الآخر، فاحذر أن تحبط أعمالك..
نحاول أن نبدع هنا، ونتألق هناك، وتخلوا النية من الإخلاص والتقرب لله تعالى، بل لأبهر فلان، وأرضي علان، فيحبط العمل..
أجل لا بد من النية الخالصة، وأن تكون أعمالنا قربة لله، وإلا فإنها تكون وبالا علينا، ليس لنا منها سوى التعب والنصب، فيحبط نفس العمل، بل وتحبط كل أعمالنا.
محمود سهلان
11/23/2013
ومضات مبعثرة
تقاطعت بي طرق الكتابة مع من لا يحسن القراءة .. دائماً الكلمة تسبب له إشكالية .. لأنه يقرأ بنفسية متحفزة .. وعقلية مشككة .. يظن دوماً أنه على صواب .. مع علمه بأنه يكذب ويحرف الخطاب .. يقرأ لقصد ويبحث عن سقط ... فهذا لا علاج له إلا الكي ..
وتصادفت مع آخر .. لكنه على النقيض من السابق .. فهو يشكو من سوء القراءة .. لأن بينه وبين من يقرأ له .. حواجز نفسية كثيرة .. فنتيجة قراءاته خاطئة على الدوام .. لكن هذا يريد حلاً .. وشتان ما بين هذا وذاك ..
على القارئ أن يخلع هواجسه وشكوكه قبل أن يشرع في قراءة الموضوع .. إن كان فعلاً .. يريد أن يتخلص من القراءة الخطأ ..
ثم يقرأ بتأني وتؤدة .. فلربما سقطت نقطة سهواً .. فقلب المعنى إلى ما يوافق هواه هو .. فحسبها عليه زلة .. أو خطأ " كيبوردي " .. أخفى سطراً بأكمله ..
إن النظر بعين الإنصاف .. صعبة على من طبعه الإجحاف .. لكنها مع التدريب .. ومنازعة النفس والهوى .. سيصل المرء يوماً إلى نتيجة .
وإلى لقاء قريب مع ومضة ( ٣ )
أم علي
11/22/2013
لماذا؟
الطريقة سهلة جداً وهي أن تسأل "لماذا" خمس مرات .. وليس العدد خمسة مهماً بقدر ما أن الطريقة تعتمد على السؤال عدة مرات لكي تصل للسبب الحقيقي لأي مشكلة .. هذه الطريقة ربما أخذت من سلوك الأطفال إذ أن الطفل في مراحله الأولى التي يكتشف فيها العالم يسأل كثيراً .. لماذا؟ .. وعادة ما يجيب الوالدان على سؤاله، لكنه لا يكتفي بتلك الإجابة فيواصل سؤاله مرات ومرات .. وإذا كان الوالدان طويلي البال، فإنهما يواصلان مع الطفل ويحاولان أن يجيبا على أسئلته التي تثير اهتمامه حتى يصيبها الملل أو يتحيرا في الإجابة فينهران الطفل ويأمراه بأن يصمت ..
ربما الحقيقة التي تزعجنا أن الكثير من الأسئلة التي يطرحها أطفالنا لا نجد لها إجابات مقنعة، وبالتالي نستخدم أسلوب "الباب اللي يجي منه الريح .. سده واستريح" ..
من أروع الأمثلة التي قرأتها عن هذه الطريقة لمدير مصنع تعلم للتو طريقة –5 Whys- .. فبينما هو يقوم بدورته الصباحية في المصنع إذ وجد أحد الأنابيب تسرب بعض الزيت .. وقبل أن يتسرع ويمارس طريقته القديمة في الاتصال بقسم الصيانة لإصلاح هذا الخلل، حاول أن يجرب هذه الطريقة الجديدة .. فسأل العامل القريب من الأنبوب: "لماذا هذا الأنبوب يسرب الزيت؟" .. أجابه العامل بأنه لا يعرف السبب، ولكن هذه المشكلة بدأت بالحدوث منذ عدة أشهر .. شكر المدير العامل وتوجه الى قسم الصيانة ليسأل رئيس القسم عن هذا التسريب.
رئيس المصنع: لماذا الأنبوب بالقرب من الماكينة "أ" يسرب الزيت؟
رئيس قسم الصيانة: لأن هناك حلقة وصل تسرب بعض الزيت من الأنبوب.
رئيس المصنع: ولماذا حلقة الوصل تسرب بعض الزيت؟
رئيس قسم الصيانة: لأن الكاسكيت –gasket- الموجود في حلقة الوصل قد عطب.
رئيس المصنع: ولماذا الكاسيت عطب؟
رئيس قسم الصيانة: لأن الزيت المستخدم ليس ذي جودة عالية، مما يجعل الكاسكيت يعطب في فترة قصيرة جداً. قبل عدة أشهر كنا نستخدم زيتاً أفضل جودة من هذا الزيت ولم تكن تحدث هذه المشكلة بهذه السرعة.
رئيس المصنع: ولماذا نستخدم زيتاً ليس ذي جودة عالية؟
رئيس قسم الصيانة: لا أعلم، ولكن القرار بشراء هذه النوعية من الزيت جاء من قسم المشتروات.
ذهب رئيس المصنع الى مدير قسم المشتروات ودار بينهما هذا الحديث:
رئيس المصنع: لماذا تم تغيير نوعية الزيوت المستخدمة؟
رئيس قسم المشتروات: لأن لدينا مشروع لتقليل قيمة المشتروات، والزيت الجديد أقل سعراً من الزيت القديم.
رئيس المصنع: ومَن الذي أقرّ هذا المشروع؟
رئيس قسم المشتروات: أنت.
من الملاحظ أن هذه الطريقة في السؤال للوصول الى السبب الحقيقي للمشكلة تحتاج الى أن يقوم المدير بالسؤال والفحص والانتقال من قسم لآخر للحصول على الإجابة عوضاً عن طلبه منذ البدء بإصلاح الخلل. ولم تكن المشكلة لتحل لو لم يعرف أن السبب الحقيقي لهذه المشكلة ليس الزيت الأقل قيمة أو قسم الصيانة أو قسم المشتروات، وإنما الخلل منه هو .. إذ من الواضح أن هدفه كمدير كان فقط تقليل قيمة المشتروات بدون النظر الى تبعات هذه القرار .. ربما كان يظن أنه يوفر بعض الأموال لمصنعه بطريقته هذه لكنه في الواقع يخسر أكثر لأنه لم يدرس القرار دراسة وافية ..
الطريقة ليست منحصرة في الجانب الصناعي بل نستطيع أن نستفيد منها في علاقاتنا الاجتماعية .. وهي تخدمنا في التالي:
1. أن لا نتعجل في الحكم على الأمور قبل أن نفهم ونسأل عن الأسباب الحقيقية.
2. هذه العملية تدفعنا لمعرفة الأسباب الجذرية لأي مشكلة لا الإقتصار على أسباب سطحية قد تكون صحيحة، لكنها ليست بالضرورة الأسباب الحقيقية.
3. الصبر على السؤال وجمع المعلومات كاملة من مصادرها لكي نتوصل للحكم السليم.
4. الكثير من الأمور لا يُحكم عليها بالظاهر.
عندما يسألنا أحد أطفالنا بسؤال لماذا ويكرره مراراً، فهل سننهره أم سنحاول الوصول الى إجابة على سؤاله أو على أقل الفروض أن نقول لا نعلم .. أم قول "لا أعلم" عيب! لا. ليس عيباً أن تقول لا أعلم ولكن العيب أن تظل لا تعلم مع توافر وسائل التعلّم.
ز. كاظم
11/21/2013
Monday, November 25, 2013
التضحية بالحقيقة ... هلاك المجتمع
المشهد الثاني:
عائلة واحدة
ومضات مبعثرة
كيف تقرأ:
11/18/2013