أينما تُريدُ وضعَها، فضعها.. إنها قاعدة حاكمة سيالة تُوَجِّهُ السُلوكَ وتبني لِثقَافَةٍ إيجابيةٍ تمتلك في نفسها الكثير من الطاقات والقدرات المؤهلة لتغيير مسار حياة الإنسان ونقله من (ضيق) الأحلام إلى آفاق (الإنجاز)..
إنها قاعدة (الحسم)، ولا أقصد بالحسم ذلك المفهوم الذي يتداوله البعض ويمارسه آخرون بجفاف وجمود وعقلية عسكرية مخنوقة، فالحسم ليس هكذا أبدًا، ولكنه مفهوم يخص الناطقية في الإنسان وما تتمتع به من شأنيات عالية، وهو مطابقة مفتاح التطور والإبداع والترقي، وهو من جهة أخرى سلطة العقل والتعقل على ثقافات الإنسان وسلوكه..
إنه مغادرة حالة وخلق أخرى.. إنه الوقت الصحيح الذي يتحول فيه العاقل من منطقة إلى غيرها.. إنه عدم التسويف ونفي التأجيل.. إنه القرار الحكيم والقدرة على التنفيذ عن همة وعزم..
إنه صناعة واقع جديد بعد تخطيط صحيح وتفكر مستقيم..
مثال أُحِبُّهُ..
يقال له: اختر كتابًا واقرأ منه خمسين صفحة كل يوم، وما إن تنتهي منه فانتقل إلى كتاب آخر.. وهكذا..
يرد متعجبًا: هااا؟؟!!... هل قلت (خمسين صفحة)؟؟ ومن أين آت بوقت ومزاج لقراءة خمس صفحات فضلًا عن الخمسين التي تتحدث عنها؟
أقول الآن..
ليست القضية قضية وقت ولا مزاج ولا شيء مما يُتَعذر به عادة، ولكنها فقط في (مهارة الحسم) والقدرة على صناعة واقع جديد؛ فالإنسان العاقل القوي صاحب الهمة العالية والعزائم الراقية (يحسم أمره) بقرار الخمسين صفحة، فهو (يحسم) اختيار الكتاب، ثم (يحسم) أمر الحركة (الحاسمة) فيحققها ويجلس بعد أن يقطع (المُشغِلات) من هاتف جوال وما نحوه، ويبدأ بطي الصفحات وتسجيل الملاحظات (مُحَرِّمًا) على نفسه قطع القراءة لأي سبب من الأسباب دون الضرورة الحقيقية..
إنه (الحسم) الذي يتألق بروعة عجيبة عندما تظهر ثِمَارُه ويعيشها المتثقف به فيبدأ رحلة التكامل والارتقاء مسجلًا بصمات الإبداع في مختلف المراحل التي يطويها على طريق الإنجاز وصناعة الواقع والتاريخ بقوة الحكمة ونشاط الفكر وحكومة (الحسم)..
مِثَالٌ كان في القراءة، وإلا فالحسم الحكيم فضيلة تحرك العقلاء لتحصيل فضائل أخرى، مثل (الحسم) بالاعتذار عن الخطأ، و(الحسم) بالتجاوز عن الآخرين، و(الحسم) بالانتهاء عن صغائر الذنوب فضلًا عن كبائرها، و(الحسم) بإقامة صلاة الليل.. وقس أيها الحصيف على ذلك، فآفاق الفضائل مفتوحة إلى قاب قوسين أو أدنى..
محمد علي العلوي
26 فبراير 2014
No comments:
Post a Comment