طالَب مجموعةٌ من الأطباء والباحثين والخبراء فى المجال الطبِّي بالمملكة المتحدة بحظر بيع السجائر تماماً للأشخاص المولودين بعد عام 2000، مع وجود نية برفع الحد الأدنى لعمر الأشخاص المسموح لهم بالتدخين سنوياً حتى يتم القضاء على التدخين تماماً، وذلك حسب ما نُشر على الموقعِ الإلكترونى لصحيفة "ديلى ميل" البريطانية فى السادس والعشرين من شهر مارس لعام 2014.
خلال عشر سنوات، لو تم تطبيق هذا المقترح من الآن، كم ستتدنى نسبة المدخنين في المملكة المتحدة؟
وفق خطة المقترح، فإن التدخين يُحظر على من هم دون الرابعة عشر، أي بعد عشر سنين سيتم حظره عن من هم دون الرابعة والعشرين على أقل تقدير، رغم بطئ النتائج إلا أنه تقدم ملحوظ في عشر سنوات، لا تكاد تُذكر نتائجهُ في السنة الأولى.
مسألة القضاء على التدخين نهائيًا، وصنع جيل خالٍ من التبغِ قد تكلف المملكة تلمتحدة عشرات السنوات، فهي ستتعاملُ مع مدمنين ومع جيل مُعرّض للإدمان، بالإضافة لسواحٍ ووافدين لا علاقة لهم بقرارات المملكة، لذلكَ فإن خطتهم قد تبدو صعبة جدًا وغريبة، فكيف ستنجح؟
إن مفصلًا مهما من المفاصل الذي يتفوّقُ علينا الغرب فيها هي خططهم بعيدةُ المدى، وتفكيرهم للغد، وربما الغد البعيد، وعدم توقّعهم لنتائج آنية، تتحقق بعد تخطيطهم مباشرة، وهذه - كما أتصور - خطتهم الأولى في غزونا ثقافيًا والسيطرة على عقولنا وأغلب تفاصيل حياتنا، عبر الأفلام مرة وعبر المجلات مرة أخرى والموضة والدعاية والسياسة وما شابه من الموارد التي يَصنع الغربُ من خلالها ثغراتٍ ليخترق المجتمعَ العربي الإسلامي ..
الغزو الثقافيّ اليوم، من المستحيل أن يكون قد بدأ خلال عامٍ أو عامين، لابد من أنه نتاج دراسات وبحوث اجتماعية عديدة، بالإضافة لتخطيط هادئ جعل المجتمعات العربية - حكوماتٍ وشعوب - تابعة للسياسة والثقافة الغربية في كلِّ تفاصيلها، تميل حيثُ مالت، مرةً بإرادتها ومرات بدون أن تشعر.
نجاحُ هذا المخطط الضخم، وانطلاء فكرة الغزو الثقاقي - بغلاف التحضّر والتطور - علينا بكل سهولةٍ، هو نتاج خطةٍ لم نشعر بتطبيقها، بالإضافة لكوننا لا نمتلك خطةً تحفظ وتطور كياننا الثقافي وإرثنا الأصيل الذي بدلا من أن نفتخر بهِ صرنا نشعرُ بالعارِ من ذكره!!
هم ساهموا ضمنيًا في جعل ثقافتهم وأسلوبهم، الكف العليا التي تكون مقياسًا للسلوك والتفكير السليم، كما جعلوا ثقافتنا رمزًا للتخلف والرجعية وما هو أسوأ من ذلك، فنكون بأتم الجهوزية للتخلي عن كل ما يمثل هويتنا العربية والإسلامية، وتقمص هويتهم، وبكامل إرادتنا، ولكن دونَ أن نشعر!!
أمتنا التي تعرضت لكل هذا الغزو الشرس لسنواتٍ عديدة، لا يمكن أن يتمَّ إعادتها لهويتها وثقافتها الخاصة بكل يسرٍ وسهولة وسرعة، لذلك لابد لنا من خطةٍ محكمةً بعيدةِ المدى، وجهد جماعيٍّ جبار، تساهم فيه جميعُ فئات المجتمع، قد لا نجني ثماره نحن اليوم، وقد لا نلمسَ أي بوادرَ تغييرٍ وإنتاجٍ على المستوى المادي في المجتمع، ولكن بالتأكيد أن أبناءنا أو أحفادَنا، سيجنون ثمار البذرةِ التي نغرسها اليوم.
اليوم، الجميع يعمل جاهدًا، الثقافات الصالحة والفاسدة تحيط بنا من كل جانب، إن لم نصنع لأنفسنا هويتنا الخاصة، ولم نعمل بمنهجيتنا وثقافتنا الخاصة، ولم نحافظ عليها ونساهم في نشرها، فسنكون أضعف أمةٍ يتقاذفها كل فكرٍ، يمينا وشمالا، ولا تملك لنفسها إلا أن تكونَ تابعةَ لمن يعملون، الجميعُ يعمل، وقمة التخلف هي أن نبقى جامدين، ننتظر القطار
يسير لنحاول أن نتبعه!
أبو مقداد
1 إبريل 2014
No comments:
Post a Comment