Pages

Saturday, November 8, 2014

اللقاء الثاني من صالون ارتقاء الثقافي (الجزء الأول)

10/10/2014 ميلادية 
 
 

تم عقد اللقاء الثاني من صالون ارتقاء الثقافي في يوم الجمعة 10 أكتوبر 2014 ميلادية بحضور كل من: الأستاذة أمل سالم، الأستاذة إيمان الحبيشي، الأستاذة زينب السهلاوي، الأستاذ سلمان حبيل، السيد علي العلوي، الأستاذ فهمي عبد الصاحب، الأستاذ محمد المخوضر، السيد محمد العلوي، الأستاذ محمود عبد الصاحب، الأستاذ ياسر الماحوزي. وكان موضوع الصالون امتدادًا لموضوع الصالون الأول والذي كان بعنوان الاهتمام بدقة التعبير اللفظي وقد قام الحضور بتناول الموضوع من جوانب مختلفة تتعلق بتكلّف تأويل اللفظ، ومسؤولية فهم الألفاظ، وأثر الأحكام المسبقة على فهم النص. نرجو لكم قراءة ممتعة في مضامين هذا اللقاء..  


الأستاذ محمد المخوضر:  
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،  
نرحب بكم في صالون الارتقاء الثقافي الثاني، طبعًا تكلمنا في الصالون الأول بأن أعطينا تعريف للصالون، مجرد لفتة من تعريف الصالون السابق ويمكنكم الرجوع إلى ما دار في الصالون السابق في مدونة ارتقاء وستجدون كل التفاصيل وما دار في الصالون والحوار بالكامل، ولكن كتعريف وكملخص سريع بالصالون الثاني، فكرة الصالون هو التقاء مجموعة الأطياف، مجموعة من العقول، مجموعة من الأفكار ومجموعة من الشخصيات لتتلاقح أفكارهم مع بعض وتناقش المشاكل التي يعاني منها المجتمع وتناقش الأفكار التي يحتاجها المجتمع وتناقش المسؤوليات التي يحتاجها الفرد في هذا المجتمع، وتلاقح هذه الأفكار قد تولد لدينا بعض الحلول وبعض النتائج المفيدة ولإثبات إمكانية التقاء الأطياف المختلفة والإنتاج من خلالها.
  
طبعًا عنوان الصالون الأول هو ذاته عنوان الصالون الثاني لأننا ارتأينا بأن الفكرة لم يتم إشباعها في الصالون الأول ولذلك أحببنا أن نضيف عليه في اللقاء الثاني لإثراءه أكثر وإمكانية احتوائه أكثر، وإذا أمكن أن نتوصل إلى إيجاد الحلول إلى هذه المشكلة فهذا سوف يكون ممتاز جدًا.

العنوان كان (الاهتمام بدقة التعبير اللفظي، هل هو ضرورة ثقافية موضوعية أم ترف فكري)، في الشهر السابق طُرح سؤالين محوريين وتم النقاش حولهم وتم إثرائهم، السؤال الأول كان حول جدوائية مثل هذه الجلسات ومثل هذه اللقاءات، وهل هي ضرورة فعلًا أم ترف؟ وتم الاتفاق بشبه إجماع على أن فعلًا مثل هذه الجلسات ومثل هذه الأفكار هي ضرورة يحتاجها المجتمع، تحتاجها الناس على مستوى مجتمع وعلى مستوى الأفراد.  

السؤال الثاني حول أولوية هذا الموضوع بالنسبة للمواضيع الأخرى، وهل الاهتمام بدقة التعبير اللفظي هي ضرورة فعلًا ونحتاج أن يكون هذا الموضوع هو الذي له الأولوية وهو ما سنبدأ به، أم لا نحن بحاجة أن نبحث عن أولويات أخرى يمكن أن نبدأ بها ومن ثم نذهب إلى أولويات أكثر، وسوف نكمل الحديث حول هذه النقطة أيضًا، وكما أخبرتكم يمكنكم أن ترجعوا إلى الملخص السابق للحصول على كل التفاصيل.

وأيضاً تم الحديث حول فكرة المرسل والمستقبل وثنائية المسؤولية بين الطرفين المتكلم والمستمع، المتحدث والمتلقي، بحيث أني عندما أجي أتكلم يجب أن أتحمل مسؤولية هذا الكلام الذي أقوله في قبال أن الطرف الآخر عندما يسمع تكون عليه مسؤولية محاولة الفهم، إذًا أنا أتحمل مسؤولية أن أفهمّك وأنت تتحمل مسؤولية أن تفهمني وهذه النقطة تم إثارتها وإثرائها أيضًا.

أيضًا تم الحديث حول المعنى اللغوي لمفردة (اللفظ) أو (الكلام) وتعريفها بأنها صوت لإيصال معنى وتم البحث في منشأ الخلاف الحاصل بسبب هذا الكلام على أساس أنني عندما أتكلم لماذا أقع في مشاكل؟ هل هو بسبب سوء الفهم، سوء الظن، التفسير الخاطيء أم ماذا؟ ما هي الأسباب؟.

وتم تلخيص مناشئ هذا الخلاف، ومن بعد نقاط مناشئ هذا الخلاف تكلمنا عن الجذور التاريخية للألفاظ وتكلمنا عن الترجمة التي تتعرض لها بعض الكلمات وبعض الكتب وبعض المقولات وما شابه، وتكلمنا عن تزوير بعض المصطلحات سواء من قبل الدول أو من قبل السلطة الدينية أو السلطة الثقافية إلى آخره. وتكلمنا عن الاختلاف التربوي في البيت وفي الشارع وفي المدرسة وتأثيره على إلقاء هذا الكلام وفهمه أيضًا، وتكلمنا عن اختلاف الثقافات واللهجات بين المناطق وبين الدول بحيث أننا نكون من مناطق مختلفة وفي لهجتي أنا مصطلح معين أقصد به شيء في حين أنك أنت من منطقة أخرى وتقصد بنفس المصطلح شيء آخر وهذا منشأ للخلاف أيضًا.

وتكلمنا عن شيوع بعض الألفاظ والمصطلحات بحيث أنها تكون مصطلحات شائعة في اتجاه معين وهو في الواقع يحمل معنى مختلف تمامًا، فعندما أطرحه في مكان ثاني أو بيئة ثانية يمكن أن يكون له معنى مختلف، فأنا أتيت من بيئة مختلفة وهذه المصطلحات عندما أطرحها في البيئة الأخرى سوف أقع في ذات المشكلة.

اليوم سوف نستأنف هذا الصالون وهذه الأفكار وهذه النقاط وهذه الفكرة المحورية العامة في صالون الارتقاء الثقافي الثاني.

لدينا بعض المحاور المقترحة وطبعًا نحن غير ملزمين فقط بهذه المحاور وإنما هي محاور مقترحة للنقاش وبإمكان أي شخص إضافة أي فكرة وأي معلومة أو إضافة في إطار العام والعنوان الرئيسي للصالون.

المحاور المقترحة هي:

1 قد يكون اللفظ محتمل ولا يقتضي الأخذ إلا بظاهره، ولكن هناك صناعة منتشرة قد نسميها صناعة تكلّف التأويل، فما هي آثارها، وما هي أسبابها، وما هي مناشئها؟

2 إذا كان اللفظ مجملًا وغير دقيق فمن يتحمل مسئولية الفهم الخاطئ؟

3 ما هي آثار الأحكام المسبقة على فهم النص؟

وأعتقد أن هذه النقاط بشكل عام لم نتطرق إليها في الصالون الأول.

لقد سأل الأستاذ محمود عن طريقة فكرة الصالون، إن فكرة الصالون عبارة عن أن المايك سوف يدور على الحضور واحد واحد وكل واحد منهم سوف يدلي برأيه وأفكاره، الفكرة الأساسية ليست نقاشية بحيث أن إما أن تقنعني أو أقنعك وإنما هي طريقة أن تدلي بفكرتك، وكما يقال أن تضارب الأفكار يولّد الفكرة الصحيحة.

ونبدأ الصالون بالأستاذ ياسر الماحوزي فليتفضل:

الأستاذ ياسر الماحوزي:
أشكرك على هذا الملخص، لقد جعلتنا نسترجع الأفكار التي طرحت في الجلسة السابقة.

بداية أريد أن أقول بأني قرأت المحاور أول مرة، ولكن كلما تعيد قراءتها تجد عمق المحاور فعلًا وعمق الموضوع المختار، أنا أول مرة عندما قرأتها لم تتركز في مخي جيدًا بقدر ما تركزت عندما قرأتها مرة ثانية وثالثة، وتبادر إلى ذهني سؤال عندما قرأت المحاور وسألت سماحة السيد عنه وهو: هل كانت المحاور تتكلم عن النصوص العلمية والأكاديمية أو أنها تتكلم عن النصوص بالإضافة إلى المناقشات والمحاضرات في المأتم أو في أي مكان؟ هل يعتبر هذا نص؟ وهل نتكلم في التأويلات أيضًا أم أنها فقط في الأكاديمية؟ وأجابني سماحة السيد بأن نتكلم في جميع الاتجاهات.

وأيضًا أصبح عندي تعمّق أكثر في الفكرة بأن الحديث فيها أكاديميًا هو بحر، عندما نتكلم عن النصوص وفي تأويلها فيها عمق وفيها بحوث ومواضيع عندما تُقرأ وتأخذ وقتها. وإذا جينا وتكلمنا عن المستوى العام وعن النقاشات العامة أيضًا هذا محور ثاني وفيه كلام كثير واثنينهم متشابكين في الحقيقة، ولكن أن تبحث كل واحد على حدة فأنك سوف تظلم الموضوع، فعلًا الموضوعين متشابكين.

هذه كبداية، وإذا نتكلم عن النص وتأويله أنا أرى بأن هناك ثلاث منطلقات يمكن أن نبدأ منها للحديث علشان نغطيه من جميع النواحي، النص سوف يكون مشترك فيه الفرد نفسه، والمجتمع وأيضًا النظام أو الدولة أو الـ system الذي يسيّر هذا المجتمع. على مستوى الفرد يمكننا أن نتكلم فيه على بعدين، البعد النفسي والبعد العقلي، يعني هذا النص إذا أردنا بشكل أن نتكلم فيه فبالنسبة للمتلقي والمرسل يكون التأويل راجع للنفسية بالنسبة للشخص نفسه، كيف يأوّل الكلام الذي استقبله من الشخص الثاني، الخلفيات النفسية، تنشئة الفرد نفسه في الأسرة وفي المحيط الذي يعيش فيه، كل هذا يترتب عليه أمور تؤهله كيف يستقبل النص أو الكلام من الشخص الثاني وكيف يأوّله وفي أي اتجاه.. هذا كله في المستوى العام.

وحتى على المستوى العقلي ومستوى الفرد الثقافي والتحصيل العلمي وكيفية استقبال المعلومة عقليًا غير نفسيًا وكيفية تفكيكها وتركيبها، هذه الأمور كلها على مستوى استعدادات الشخص نفسه.

على مستوى المجتمع كلما كان علمي ومتحضر، مجتمع وصل إلى مرحلة معينة من الثقافة المجتمعية راح يكون تأويل النص بطريقة أفضل، وعلى المستوى الرسمي هناك أيضًا أمور، فعلى المستوى الأكاديمي أنا سوف أتكلم بشكل عام كمقدمات وبعد ذلك يمكن أن نتداخل فيها.

سؤال: هل التأويل موضوع حديث أو مستحدث أم هو موضوع قديم وموجود أصلًا؟

من خلال القراءات التي استقرأتها، ومن خلال بعض الأمور يتبين أن التأويل هو موضوع يمتد من زمن الفلاسفة في اليونان تجده في نصوصهم الفلسفية، على سبيل المثال الجملة المشهورة (إنك لا تضع قدمك في النهر مرتين) هو نص ولكنه يحمل أوجه وتأويلات، فأبعد شيء كان تاريخ الفلسفة اليونانية بعد ذلك انسحب على الديانة المسيحية بحيث أن تفسير النص اختلف لأن اللغة القديمة كانت مختلفة عن اللغة الحديثة فاضطروا إلى تأويل وتفسير بعض النصوص بطريقة حديثة أو جديدة، فالمنطلق في التأويل دينيًا يقال بأن الدين المسيحي هو الذي أبتدأ به.

وكذلك على المستوى الديني لدينا أيضًا توجد نظريات التأويل وخصوصًا في القرآن (تأويل القرآن)، فالتأويل موجود ومستخدم ويبقى السؤال: هل هو مشروع أو غير مشروع؟ وإن كان مشروع هل هناك أسس معينة يجب أن تمارس في framework أو نظام معين نشتغل فيه للتأويل؟ هل الكل مؤهل لأن يعمل بالتأويل أو أن هناك خطوط معينة يجب أن نسير عليها؟

هذا بشكل عام التأويل، وتبقى نقطة أخيرة وهي: هل يجب أن يكون لدينا موقف مسبق من النص نفسه؟

في بعض الأحيان أرى في اعتقادي بأنه يجب أن يكون هناك موقف مسبق من النص نفسه لأن حتى الأدباء اختلفوا في تأويل قراءة النص، فهناك من التزم بالنص ويطالب بالالتزام بالنص ويجب أن لا يحمّل النص بأكثر مما هو موجود، وهناك مدرسة ثانية تقول بأنه يجب آخذ موقف أو تفسير معين وقراءة النص من خلال المؤلف ونفسيته أو العصر الذي يعيش فيه لكي نستطيع أن نستنبط الأمور من النص ويكن النص حي دائمًا، فكل مرة تقرأ هذا النص تستطيع أن تخرج منه بقراءات ثانية.

إذًا هناك مدرستين في هذا الجانب، وهذا بشكل عام القراءات التي عندي.

السيد محمد العلوي:
الكلام في جانب التأويل وإنما تكلّف التأويل، يُطلب من القارئ أن يأوّل النصوص فلماذا يتكلّف في تأويلها؟

الأستاذ ياسر الماحوزي:
نعم نجد أن هناك جانب زائد في الموضوع وأعتقد بأن للجانب النفسي للشخص دور في ذلك، هل هو يأوّل من إلصاق تهم معينة بالنص؟ تحريف النص؟ أو أن المؤلف نفسه يجعل من النص مبهمًا والمطلوب منك أنت القارئ أن تأوّل فيه وتستخرج منه استنتاجات معينة؟

إن شاء الله إذا كانت هناك فرصة سوف أتعمّق أكثر في الموضوع لأني لا أريد أن أطيل أكثر في مداخلتي الآن.

الأستاذ محمد المخوضر:
طبعًا الملاحظة سبقني فيها سماحة السيد بأن مسألة التأويل أساسًا هي موجودة، من القرآن وأنت نازل، يعني أي كلام يمكن أن أقوله هو قابل للتأويل وهذه ليست مشكلتنا لأن هذا شيء موجود وشيء طبيعي وإنما المسألة فيني أنا عندما أتكلّف في التأويل، فما منشأ هذا التكلّف الذي عندي، ومن أي منطلق أنا أتكلّف في هذه التأويلات، وما هو الشيء الذي يجبرني أو يدفعني إلى أن ألجأ إلى مثل هذه التأويلات ومثل هذه الطريقة؟

ممكن أن تكون دوافع التأويل هو الانتقام من شخصية الكاتب مثلًا، أو من شخصية المكتوب، أي أن بيني وبين الكاتب الفلاني حساسية فكرية أو حساسية مذهبية، حساسية دينية أو سياسية وأريد أن أنتقم منه، أنتقم من الكاتب من خلال ما يكتب، فهذا الذي يكتبه يمكنني أنا بواسطة التأويل أن أقلبه عليه أو أن أستغله ضده كمن فمك ودينك غيره، فأحوّل مسار الكلام بالتأويل الذي سوف أتخذه من (إليه) إلى (عليه)، هذه مشكلة.

وقد يكون بسبب سوف فهم أو ضعف إدراك مني، فعندما أقرأنص أقرأه بمستوى إدراكي أنا ومستواي الفكري والعقلي فعندما يكون هذا الكاتب كاتب المقال أو الكتاب أو النص بأنواعه مستوى كتاباته أكبر مني وأحاول أن أقوم بتأويله إلى مستواي فإن هذا سوف يؤدي إلى أن اقع في لبس معين.

أحيانًا يكون النص أساسًا مفتوح بحيث أن المصطلحات والعبارات التي يستخدمها كاتب النص سواء المكتوبة أو المسموعة مفتوحة جدًا وحمّالة أوجه بحيث أني عندما أريد أن أفهمها فأني سأفهمها من زاوية واحدة وهي الزواية التي أسمعها والتي أنا أدركها وأنت تدركها من زاوية ثانية وبذلك يكون هذا النص هو سبب هذا التكلّف في التأويل فيكون تأويل ظنّي أكثر من التأويل المقصود.

وبشكل عام نحن أمام نوعين من الكلام، سواءً المقروء أو المسموع، نوعين من الكلام وأسميّه (الكلام الجامد) و (الكلام المتحرك)، الكلام الجامد أعبّر عنه بالأشياء المقروءة كالكتاب الذي أقرأه، مقال، صحيفة أو ما شابه، هذا عندما أقرأه فهو كلام جامد وليس فيه تعابير وجه ولا لفة جسد ولا به أي شيء سوى مجرد كلام أقرأه حتى أني قد لا أقرأ فيه من الكاتب، ومن الذي كتب هذا الكلام، هو مجرد كلام جامد وأنا فقط أقرأ معلومات أو أقرأ كلمات، في هذه الحالة أنا أحتاج إلى آليه معينة وخلفية معينة لقراءة مثل هذا الكلام الجامد.

في الطرف الآخر هناك الكلام المتحرك وهو ما يحدث الآن، أنا أقول كلام قد يكون الأستاذ ياسر لم يفهم منه جملة معينة أو أنه أوّلها بطريقة مختلفة ويمكن أن يأتيني في نفس الوقت يسالني ماذا كنت أقصد بها وأشرح له قصدي وأقطع التأويل الخاطئ والمتكلَف في نفس الوقت، هذه الفرصة موجودة اليوم ولكن عندما أقرأ كتاب عمره 200 سنة فهذه الفرصة غير متواجدة عندي وأحتاج ربما أن أسأل الآخرين أو أن أبحث أكثر فهي تحتاج إلى آليات ثانية غير الآليات المتخذة في مثل هذه الجلسات والكلام المتحرك الذي أتكلم عنه.

الأستاذ محمود عبد الصاحب:
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أود أن أشكر سماحة السيد على هذا المنتدى العلمي وخاصة بأني أعلم بأن سماحة السيد مشغول، فبارك الله هذا الجهد بين صلاة الجماعة والحوزة والمحاضرات فلا أعتقد بأن لديه متسع من الوقت، وأتمنى أن يستمر هذا المنتدى وأنا متأكد بأنه سوف يحقق أهداف كبرى وتطلعات وآمال مجتمع مثقف ومتمدن ومتحضر كما تفضلتم بأنه يشمل جميع الأطياف ويناقش المشاكل الأساسية في المجتمع.

هذا هو الانخراط الأول لي في هذا الصالون ويمكن ليس لدي إلمام تام بالموضوع بجميع جوانبه ولكن يبقى اللفظ بما قد أصاغ الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه المجيد في أول آية أنزلت وهي (اقرأ) ، فالقراءة متعددة والله سبحانه وتعالى يأمر الإنسان بالقراءة والتطلع، طبعًا اللفظ وُجد قبل الكتابة فالكتابة جاءت متأخرة قليلًا، والكتابة كانت كذلك في مأزق فهل تقرأ مكسورة أو مضمومة أو مجرورة إلى آخره؟ فأنشئت مدارس مختلفة في العصر الإسلامي مثل مدرسة الأشاعرة والمعتزلة والخوارج إلى آخره إلى أن أصبنا بمشاكل جمّة ومنها ما يسمى بالتكفيريين أو غيرهم من أنباط المجتمع الذين فهموا النص وأوّلوه حسب مبتغياتهم وحسب أهوائهم الشخصية، فلنأخذ في العصر الإسلامي مثل يحيى ابن الأكتم الذي أوّل النص على حسب هواه وعلى حسب أمزجته وما يتطلبه الخليفة المأمون، فصارت هناك حوارات مع الإمام الهادي عليه السلام في تأويل النص، فكان يأتيك بآية قرآنية وكان يأوّلها على نفسه ويأوّلها حسب شخصية معينة، فيأتيك بآية قرآنية لفظها صحيح قراءتها صحيحة ولكن يقول لك بأنها نزلت مثلًا في هذا المحور وفي هذا الجانب وقضايا كثيرة ومعارك فلسفية حول هذه ...... والمشاكل في الكلمات وفي الألفاظ.

إذًا المجتمع الآن بحاجة مثل ما طُرح في هذا اللقاء وهو طرح أنا أعتقد بأنه عميق جدًا وأنا لست مختص بهذا الجانب لقلة معلوماتي وقلة خبرتي في تلك الأمور الثلاث، مثلًا اللفظ هل هو محكم أو غير محكم، أو الأخذ بظاهره أو نتكلم بكلام عام أو كلام بسيط وإنما نتكلم عن أمور شتى وخاصة أن مجتمعنا الآن يواجه محنة سياسية والسلطة تضع نص وهذا النص له عدة تآويل، ففي المفاوضات negotiation، فالسياسي مثلًا أو الحقوقي عندما يوقّع على وثيقة أو على شيء راح يندم على توقيع هذا النص مئات السنين.

إذًا السلطة تتلاعب بالنصوص وبالألفاظ وبالمفردات، فنحن أمام هذه التحديات من هو المسؤول؟ وكما عرضتم في هذا المنتدى القسم الثالث ما هي الآثار وما هي الأحكام المترتبة على فهم النص؟

والنقطة الثانية من هو المسؤول؟ ومن هو المسؤول الذي يتحمل تأويل هذا النص أو الانخراط في هذا النص أو الموافقة على هذه النصوص.

هناك مثلًا خبراء في القانون، خبراء في الفقه، فيأتيك مثلًا بفتوى شرعية أو بآية قرآنية كما حدث حسب ما أذكر بالأمس عندما قال أحدهم أفتى بأن الترشح للانتخابات واجب شرعي إلى آخره، فإذًا نحن بحاجة لمواجهة هذه التحديات قبال النصوص الثقافية والسياسية أو الاجتماعية أو الحقوقية لأن الضحالة والجهالة سوف تقود المجتمع برمّته، فمن هو المختص ومن هو المسؤول؟

نحن نتحمل المسؤولية بدءً من المختص ومن الذي يعيش في هذا المجتمع والذي يعتبر لبنة، فمثلًا لا نترك الحبل على الغارب أو أنه تكليف أو واجب جماعي وليس واجب عيني بحيث لو قام به الفرد يسقط عن الآخرين.

هذه مشكلتنا، مشكلتنا بأن إذا جاءت المسئولية الفردية الذاتية يفسر لك بـ (لا يضركم من ظل إذا اهتديتم) فمثلًا يقول لك أنت مالك شغل بالآخرين انظر لما تحتاجه أنت فقط ودع الآخرين يجابهون المصير ويأتيك بآية قرآنية (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) وكلها نصوص مستوحاة من القرآن الكريم. فإذًا نحن نواجه حقيقةً هجمة شرسة لا بد أن نستقرأ هذه النصوص.

مثلاً الشركة قبل أن تبرم أي صفقة تجارية وقبل أن يبرم أي عقد فإنها تعرضه على المستشار القانوني أو المحامي ليقرأ جميع النصوص، كما هو الحال على سبيل المثال عندما يريد شخص أن يستخرج لنفسه بطاقة ائتمانية في شروط معينة والأكثرية لا يقرأها، لا يعرف ما هو الواجب عليه وما هي المخاطر التي بها، يوقع لأنه سوف يحصل على البطاقة وراح يصرف منها في أي مكان، سعيد بأنه حصل على بطاقة بها نقود كاش وسوف يحصل بها على كل ما يريد من المشتريات ولذلك لا يقرأ جميع البنود والشروط والتي توقع الإنسان في خطر الديْن وبعد ذلك قد يصل به الأمر الى المحاكم.

لن أطيل عليكم بهذا الجانب، وما في جعبتي سوى القليل لأن الموضوع جدًا عميق والمطلوب منا أن نفهم جميع النصوص وجميع الألفاظ مثل الأقدمون قاموا بتأويل القرآن بالكسرة أو بالفتحة، وناهيكم عن الأشياء الفقهية في التشريع الإسلامي حيث ظهرت مثلًا مذاهب شتّى كالأباضية والأشعرية والحنابلة والشافعية وقاموا بالتفسير في أمور شتى، فعلى سبيل المثال في مسألة المسح في الوضوء كل مذهب وكل فقيه أوّل هذا المسح، وأوّل كيفية هذا الوضوء وأصبحت هناك أمور شتى في مجالات الحياة الفقهية حتى وصل الأمر أن تكفّر بعض المذاهب والأطياف الأخرى وأصبح التكفير في هذا الزمن على قولتنا (على قفا من يشيل)، أكرر شكري لسماحة السيد على هذه الدعوة وعلى هذا المنتدى العلمي الثقافي الإثرائي والذي أنا متأكد بأنه سوف يتطور ويكون له هناك صدى تكون له هدفية، لأن النص واللفظ خلقا لهدفية وليس كما تقدم في البداية بأنكم جعلتم هذه الجلسة ترف وإنما لهدف، فالكلمة جاءت لهدف مثل المفردات القرآنية، كل كلمة منها جاءت لهدف وليس لعبث فمثلًا (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا) لماذا لم تأتي بلفظ (إنما أوليائكم الله ورسوله والذين آمنوا)؟ لماذا حددت الآية بالله و الرسول والأئمة عليهم السلام، لماذا جاءت كلمة (وليكم) ولم يقل (أوليائكم) مثلًا؟ وقس على ذلك أن لكل كلمة هدفية ولكل لفظ هدف والإنسان كذلك مطالب بهذه الكلمات وهذه الألفاظ لأن سوف تترتب عليها أمور شتى، والإمام علي عليه السلام في نهج البلاغة يصف لنا كيف أن الإنسان مسؤول عن هذه الكلمة، مسؤول عن هذه اللفظة، واستحضر قوله عليه السلام (وخلق الإنسان ذا نفس ناطقة) وهذا أفضل تعبير عن الإنسان، إذ أن الإنسان ليس حيوان ناطق أو أنه جاء من القرد إلى آخره وإنما قال (من نفس ناطقة).

إذًا هذه اللفظة وهذه الكلمة وهذا اللسان هو يبدأ قبل أن يفكر الإنسان، جاء من تفكير مسبق قبل أن يخطو أي خطوة عملية، وشكرًا لكم.

السيد محمد العلوي:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآل بيته الطاهرين.

هكذا يا بو حسين، أنت عندما تسمع كلمة يقولون أن المعقولات تنقسم إلى قسمين، معقولات أولية ومعقولات ثانية، وعملية التقاط الصورة الذهنية تكون بهذه الطريقة عندما أسمع كلمة قالها أبو حسن أو قالها أبو يوسف أوأبو مقداد أو أرى شيء ما فأنا لدي ثلاث طبقات في ذهني وليس عقلي.

الطبقة الأولى هي (القوة الحاسّة) فالإنسان لديه نوافذ على الخارج، فالعين تلتقط والأذن تسمع والأنف يشم، الحواس الخمس، هذه الصورة الأولية تسمى (معنى جزئي)، والمعنى الجزئي لا يمكن أن تنطبق إلا على نفسها فلا تقيسها على شيء آخر فهذا ليس هذا وقته، هنا يجب أن يكون تعليق، فالاستعجال بالحكم على النص وسبب الاستعجال هو عدم الانتظار لاكتمال العملية العقلية، وهكذا.

ومن بعد (القوة الحاسّة) لدينا قوة ثانية اسمها (القوة المتخيّلة)، طبعًا كلمة الخيال كلمة جدًا إيجابية ولكن بسبب عدم اطلاع المجتمع أو تثاقل الناس عن القراءة وعن الاطلاع أصبحت كلمة (خيال) وصف سلبي للإنسان، مع إن هذه هي قوة ذهنية متوسطة بين الحاسة وبين القوة العقلية الثالثة.

هذه (القوة المتخيّلة) تأخذ الصورة من القوة الحاسّة وتشكلها في ظرف معين ونحن لسنا بصدد التفصيل في هذه الآلية ولكن الشاهد هنا، القوة العاقلة هي الثالثة وهي التي تحوّل (المعنى الجزئي) الملتقط والذي مرّ بالمرحلتين إلى (معنى كلّي) ، كيف يتم ذلك؟

تجرّده عن كل ما يميّزه عن أي شيء آخر، مثال بسيط: عندما أرى كتاب أمامي فأنا أراه بعيوني عبارة عن أوراق وصفحات مغلفة وفيها كلام إلى آخره، هذا أراه بالحاسّة، وهذا الكتاب لا ينطبق إلا على نفسه فقط، يعني بالقوة الحاسّة لا أستطيع أن أقول بأن هذا كتاب، فقط ما ألتقطته الباصرة هو الكتاب فإذا ذهبت إلى القوة المتخيّلة (الثانية) فإنه يبقى الحال على ما هو عليه، القوة العاقلة تخلّص هذه الصورة من أنانيتها وتحوّلها إلى مفهوم كلي عنوانه (كتاب)، يعني كلما أجد كتابًا أقول هذا كتاب وهذا ليس بالحاسّة ولا بالمتخيّلة وإنما بالقوة العاقلة، إذًا وظيفة القوة العاقلة أنها تؤسس إلى مفاهيم كلية وما يميّز العاقل عن غير العاقل هذه الجنبة، فالذي يخلط في الأمور هذا يعني بأنه لم يصل ولم يعطِ عقله المجال فتجده مباشرة يكبس على القوة الأولى أو القوة الثانية.

من أين ياتي هذا الكبس؟

أنا عندما أسمع كلمة أي كلمة المطلوب مني أن أحملها على معناها النصي وهذا عمل العقل، فإذا قال لي شخص بحر فهو يقصد البحر فلا أقول لا هذا سياسي ومادام قال بحر فهو يقصد من وراء تلك الكلمة شيء غير، كلمة (يقصد من وراها شيء غير) ليس عمل العقل، ربما الصورة وصلت إلى العقل وجهزنا المعنى الكلي ونحن لدينا قوة رابعة هي التي إما أن تلمّع العقل وتجعله في حالة من التألق أو أنها تدمّر العقل وهي (قوة العاطفة).

تكلّف التأويل ليس من العقل فالعقل لا يؤّل، القوة العاقلة لا تؤّل، القوة العاقلة تلتزم بالقوانين بنسبة 100% وهذا موجود في كل واحد.

والعاطفة تعني خلفيتي الثقافية وخلفيتي العقائدية والتي يسمونها (الأيديولوجيا) من ألفها إلى ياءها ويدخل ضمنها البيئة التي تكلموا عنها الأخوة والتربية والتجارب، هذه كلها تزدحم وتذهب إلى (القوة العاقلة) فيحدث صراع بين العقل والعاطفة والمفروض أن هذا غير موجود وأن يكون هناك حالة من التناغم بين العقل والعاطفة لأن العقل يحتاج إلى العاطفة حتى يتألق، فعندما تُظهر فكرة عقلية مجردة بنسبة 100% لا يمكن أن تُستقبل ولا يمكن أن تُقبل لأنها جامدة وحق أن لا تُقبل فلا بد أن تُطرّى بالعاطفة وتُطرّى بالتجربة إلى آخره.

إذاً مشكلتنا نحن في تأويل النصوص ومشكلتنا في فهم النصوص بشكل خاطئ ومشكلتنا في تكلّف التأويل ليست مشكلة عقلية وإنما هي مشكلة عاطفية.

العاطفة معنى أعمّ من الحالة النفسية وإلا ما معنى التأويل؟

هذا مثال كثير ما أذكره، عندما تغوص في البحر متر واحد سوف ترى الماء، وإذا تعمّقت 10 أمتار سوف ترى (الحراسين)وهذا منظر غير الذي رأيته في المتر الواحد فتجدهم يسبحون في مجموعات كبيرة والشكل يختلف، وعندما تغوص 50 متر زيادة سترى العجائب، أنت في جميع الأحوال تغوص في الماء سواء متر واحد أو خمسة أمتار، ولكن كلما تعمّقت كلما اكتشفت أمور أجمل وأفضل ولكن في الماء نفسه، وأحذر أن تنحرف وتدخل في مغارة داخل الماء فلن ترى ما تراه وأنت منفتح على الحياة البحرية من الداخل.

والتأويل نفس الشيء ولكن في الحالة الإيجابية، يعني أن النص القرآني موجود وأنا مطلوب مني أن أحمل النص على ظاهره وهذا هو المطلوب يعني إذا لم أؤوّل وأرجعت الآيات على أنها مدح وثناء في أهل البيت عليهم الصلاة والسلام فأنا لن أُعاقب على ذلك، مثلًا (مرج البحرين يلتقيان) يقصد به أمير المؤمنين والسيدة الزهراء عليهما السلام، فإذا لم أقل بأنهما أمير المؤمنين والسيد الزهراء عليهما السلام وقلت بأنه البحر وبينه البرزخ أي البحر المالح والبحر الحلو فأنا لن أعاقب على ذلك أني حملت النص على ظاهره، ولكن إذا تعمّقت أكثر سأكتشف أمور كثيرة ولكن في الاتجاه الإيجابي وليس الاتجاه السلبي، في الاتجاه السلبي يعني العاطفة والحالة النفسية هي التي سيطرت على القوة العاقلة وهي التي من المفروض أن تقدم (مفاهيم كلية مجرّدة) تزيّن وتُلمَّع بالعاطفة فأعتقد بأن مشكلتنا في المحور الأول تكلّف التأويل مشكلة نفسية وليست مشكلة عاطفية، فالقضية قضية نفسية.

مداخلة:
هي مشكلة عاطفية وليست نفسية

السيد محمد العلوي:
لا أنا قلت العاطفية أعمّ من النفسية.

مداخلة:
نعم ولهذا يجب أن تقول بأنها نفسية وليست عاطفية.  

السيد محمد العلوي:
لماذا تتكلّف في تأويل كلامي؟

وبناءً عليه إن قلت عاطفية صح وإن قلت نفسية أيضًا صح، وأعتقد بأن المسألة تحتاج إلى تقنية علاجية أكثر مما هي صناعة جدل أو صناعة استدلال. وشكراً

الأستاذة أمل سالم:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
في البداية فعلًا الكلام الذي قاله السيد كان عبارة عن تفصيل دقيق جدًا، أنا عندما بحثت في الموضوع لكي أعرف من أين يحدث التأويل بالضبط، مثل ما ذكر الأستاذ فهمي في الصالون الأول وتكلم عن عملية الاتصال الفعّال ذكر بأن هناك ثلاثة عناصر وهي المستقبل والمرسل والرسالة، فالإشكال الذي تكلم عنه السيد بالتفصيل هو بالضبط ما يحدث في عملية الاتصال فأنا عندما أستقبل كلمة أو رسالة من الأخ ياسر مثلًا أستقبلها بأن أفك الرموز وعملية فك الرموز هو ما تكلم عنه السيد وفصلها بالتفصيل.

عملية فك الموز هو الذي تحدث فيه العملية التي ذكرها السيد وتدخل فيها العاطفة فأنا عندما أفك هذا الرمز يدخل في هذه العملية مستواي الثقافي وتدخل أيضًا علاقتي بالشخص الذي أرسل لي رسالة ويدخل الماضي الذي يربطني فيه والمواقف التي ربطتني به من قبل وأشياء كثيرة بالإضافة إلى الأجواء الموجودة وهذه أعتقد ما يسمونها معوقات الاتصال، هذه الأمور تدخل في معوقات الاتصال، أما بالنسبة مَن يتحمل المسؤولية فأنا أعتقد أن الطرفين يتحملون المسؤولية، أتكلم على مستوى الأفراد، والأخ أبو حسن تكلم بمستوى أشمل ، تكلم على مستوى الأفراد والنظام والجماهير.

فأنا عندما أتكلم على مستوى الأفراد، الطرفين المستقبل والمرسل اثنينهم يتحملون المسؤولية، فالمستقبل يتحمل مسالة فك الرموز ومن المفروض أن يضع العاطفة في الجانب الإيجابي، والمرسل يتحمل جزء من المسؤولية لأن من المفترض أن يكون كلامه واضح ولا يكون فيه تحيّز ويفترض أن يكون هناك تجرّد من الطرفين على أساس إيصال الرسالة بطريقة صحيحة وفي نفس الوقت يتحمل المستقبِل المسؤولية بحيث أنه إذا لم يفهم الرسالة أو لم يفهم المعنى أو لم تكن الرسالة واضحة يفترض منه أن يسأل (هناك تغدية راجحة كما يقال) فيسأل المرسل بأن هناك نقطة غير واضحة فهل يمكن أن توضحها لي حتى لا تحملها أكثر من محمل؟

هذا الذي عندي حاليًا وأترك المجال للآخرين، وشكرًا.


ترقبوا الجزء الثاني من التغطية الكاملة لحوار صالون ارتقاء الثقافي..
 
 
 

No comments:

Post a Comment