بطبيعة الحال فإن على الدوام الفِعل يُكسِب للفاعِل أسهُما تزيد في رصيده الدنِيوي و الأُخروي، سواءً كان فِعلاً ممدوحا أو مفدوحا، فـ هنالِكَ تَصرُفات يقوم بِها المرء يرونها معاشِر الناس أنها "فِعلٌ مجنون". هذا يحدث حينما يكون صاحِب الفعل امرءٌا من عامةِ الناس.
الحال جداً مختلِف عند أولياء الله، فهم يُكسِبون الفعل أسهُماً من أفعالِهم ، فإن نبي الله الخليل قد وَدّع زوجته و ابنه الرضيع في أرض بلا زرع!، وغدى عنهم خمسة عشر عاما عائدا بعدها يُعانِق إسماعيل "ع" ويقول له (إني أرى في المنام أني أذبحك) فـ يرد عليه إسماعيل "ع": يا أبتي افعل ما تؤمَر. فيكون الرد الرباني " إن هذا لهو البلاء المُبين".
إن التسليم لأمر الله سبحانه و تعالى و الامتثال لأوامِره هو ما يبتلي اللهُ بِه الفرد، فإن جماعةً من بني إسرائيل كانوا يحيطون برجلٍ صالح ، فسألوه:" أما حان وقت الفرج؟" فقال لهم عندي لكم بشارة "الفرج بعد أربعين عام من الآن"، قالوا : الحمد لله ، فقال لهم "بقولكم المحمود صارت ٣٠ سنة" فكرروا الحمد إلى أن قال لهم الآن ساعة الفرج! فانظِروا لتلِك القافلة التي تَمُر فإن صاحِبها هو المُنجي! فغدوا يتهافتون إليه يقبلون رأسه ويده ويتشبثون بملابسه أخذا للبركة مِنه وقال ثلةٌ مِنهم: إننا سَنودع فرعون وأهله جهنم الدُنيا وسنسِلُ عليهم سيف الثأر ونقطعهم وننشر بقاياهم! فرد عليه نبي الله موسى الكليم عليه السلام { قولوا له قولاً ليّنا } فردوا عليه مستنكرين يملأ وجوههم الاستنكار والغبنة "أنصبرُ بعدما صبِرنا أربع مائة عام!" فقال لهم موسى "ع" إني داخلٌ لِفرعون" و رمى بعصاه و تحولت لثعبان وكأنه سينقض على فرعون حتى أحْدَثَ في نفسه، واستمرت المفاوضات أربعين عاماً يطلب نبي الله موسى من فرعون أن يخرج بني إسرائيل من مِصر و ما كان فرعون راض بذلك، حتى قال موسى لقومِه شدوا الِرحال وتأهبوا فإننا سنخرج ليلاً عبر البحر لأن فرعون لم يوافق على خروجكم من مِصر ، فاشتاطوا غضباً "أصبرتنا أربعين عاماً بعد أربعمائة عام لتتوسل فرعون خروجنا.. أو أنت المُنجي!" ففشل بنو إسرائيل في اختبار رِبهم ولم يصبِروا على الابتلاء ورسموا صورة للقنوط.
إننا فِقنا الأربعمائة عام بمثلِها مرتين وكَمٍ مِن الأعوام في امتحان الصبر و التمهيد الحقيقي للمولى عجّل الله تعالى فرجه الشريف، ليأخُذَ مِنا - مِن المبتلين من الشعراء و الخطباء - مأخذهم في لَومِ المعصوم و التطاوُل على غيبتِه ليرسموا صورة قنوط جديدة فالبعض تارك الواجب المطلوب مِنه في هذا الزمن ليكونوا بفعلهم هذا كُوفِيْين في النُصرة و التمهيد للحجة "عج"، فسلامٌ على أنصار الحسين الذينَ بذلوا مهجهم دون الحسين عليه السلام فكانوا يرونَ القتل تحت رايةِ الحسين ألذُ من الحياة، فـ قال عليه السلام "يستأنسون بالمنية دوني كاستئناس الطفل لمحالب أُمه"، فَمِن أمةٍ تمخض ثلاث وسبعون، علنا نَكون مِن المتمخضين في نُصرة إمام زماننا.
اللهم اكتبنا من أنصاره و أعوانه و المستشهدين بين يديه، فرِج اللهم لنا كل غمٍ وهم، واحصي عدد أعدائنا فإننا ﻻ نُحصيهم وافنِهِم أبدا وأجعلهم على دوام الحال في ذُلِ موقف.
٩ مايو ٢٠١٥
No comments:
Post a Comment