Pages

Monday, December 26, 2016

أعطاها عينيه!! // أم حنين






يقال بأن حبيبين في بعض مجتمعات القيم والمبادئ كانا يعيشان قصة حب رائعة ومخططات للزواج، ولكن الفتاة تعرضت لحادث أفقدها بصرها فعاش حبيبها كآبة وحزنًا عليها وهو يفكر بطريقة يعيد لحبيبته بصرها فانقدحت في باله فكرة وهو أن يخبرها بأن هناك مريض بمرض عضال قرر التبرع لها بعينيه لأنه ميت لا محال.

وبالفعل أجريت العملية واستعادت الفتاة بصرها ولكنها عندما أفاقت لم تجد حبيبها. 
تعبت وهي تبحث عنه حتى تذكرت أنه في بعض أيام ضيقه كان يقصد كوخًا نائيًا ينفرد فيه مع نفسه، سارعت إلى هناك وإذا بها ترى رجلاً يريح ظهره على كرسي في قبال الشاطئ، اقتربت منه ، أنه هو حبيبها.. ولكن بلا عينين. 

تبرع لها بعينيه، وابتعد عنها حتى لا يجبرها أن تمضي حياتها مع زوج كفيف. 
هناك جانب مؤلم جدًا وهو أن يكون بيننا من يسيء إلى هذه المشاهد القِيَميّة الجميلة ويتهمها بالأسطورية والمثالية والخرافية. 

قد لا يوافق الإسلام على ما فعله هذا الشاب، ولكنها تبقى قيمة إنسانية عليا من الصعب أن نجدها في قلوبٍ امتلأت بتراب الأرض ومياه آسنة تشمئز منها النفوس، قلوب لا تفهم ما معنى القيم الإنسانية.
لماذا؟..
لماذا أصبحنا نبتعد عن القيم العالية ونتهمها بالمثالية؟ 
لماذا أصبحنا نستهزىء بكل شيء جميل ونستخدم القيم الجميلة كمواضيع للمزح والسخرية، أو لإحباط الآخرين بأنك مهما حاولت فإنك لن تصل لها لأنها لا توجد إلا في مخيلة الكاتب وعالم الخيال وليس لها مكان في الواقع؟ 

لا، ليس السبب هو إنها بهذه الصعوبة والمثالية التي نصفها به ولكن لأننا قد تراجعنا عنها وأصبحنا نبرر لأنفسنا بتبريرات واهية حتى لا نكون أصحاب قِيَم إنسانية سامية تسمو بالإنسان روحيًا وعقليًا وإجتماعيًا، قيم فقدناها واستبدلناها بأمور أخرى وأعطيناها أسماء وأوصاف متعددة، فأصبحت القيمة عندنا هي (تغدى به قبل لا يتعشى بك، لا يقص عليك، لا تصدق كل شي تشوفه وتسمعه ، أنا أولى من غيري..) 

للأسف هذه القيم المشوهة هي التي أصبحت تحكم حياتنا لأنها لا تكلفنا أي جهد روحي أو معنوي، فعندما نقول للآخر إياك .. وإياك.. لأننا نبحث عن اي شيء لا يكلفنا جهدًا. 
هل ما نعيشه الآن هو هذا الذي ما أمرنا به الله عز وجلّ عندما قال (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا)
؟
أين نحن من هذه الآيات القرآنية والقيم الإنسانية في أجمل وأرقى صورها عندما يؤثر المعصوم عليه السلام الغير على نفسه وأولاده ويطعمه باللقمة الوحيدة الموجودة في بيته؟

هل نحن بالفعل نقدم الآخرين على أنفسنا، أم إننا غارقون في أنانيتنا التي نُلبسها في كل مرة لباس مختلف؟


26/12/2016

1 comment: