Pages

Wednesday, February 19, 2014

ثلاث دقائق فاصلة

الأشخاص أصحاب الآراء الحرة والفكر المستنير وخاصة ممن يمتلك الشجاعة الأدبية في طرح ما يعتقد ... تجده مثيراً للجدل ... بسبب أن الآخرين لم يتعودوا الصراحة المطلقة أو الشفافية في النقاش ... لذا تجدهم في صراع دائم ... ونقاشات لا نهاية لها ... وفي النهاية ... وبالتالي فحاله كمن يبحث عن إبرة في كومة قش ... يبحث عن الشفافية والصراحة في مجتمع غلبت عليه المجاملات .

التعايش .. أو العيش في مجتمعات كهذه ... لمن إختار ... يحتاج إلى إعادة صياغة بعض مفرداته ... والتعامل بحسب المعطيات والمحيط الذي يعيشه ... لأن المجتمعات أشبه بدوائر ومجاميع عمل ... يجتمع عليك من لا ترغب محادثته أو من لا تأنس حديثه أو الجلوس معه ... لذا فقد قيل ... أن الإدارة هي فن التعامل مع الممكن ... فالمجتمع لم ينسج باختيارنا ... لذا علينا التعامل وفق الواقع ....

هل يعني ذلك التنازل عن المبادئ أو المجاملة على حساب الشفافية أم ماذا ؟

في برنامج متلفز ... كان اللقاء مع إسحق رابين ... الرئيس اليهودي الأسبق ... سأله المذيع ... هل تكذب ؟
قال : لا ... قال : إذا لماذا لم تخبر عرفات بتفاصيل الأمور عندما كنت تلتقي به ؟ ...
قال : أنا قلت له الحقيقة ... ولكن ليس كل الحقيقة ...

ربما يكذب هذا اليهودي ... لكن نريد كلمته الدبلوماسية التي نطق بها " هل المطلوب قول الحقيقة كاملة في كل مرة " ... وهل لو قلنا بعض الحقيقة ندخل في عدم الشفافية ... بل وهل الشفافية مطلوبة في كل شيئ وكل حين .. !!

الشفافية ... قد تعتبر تهور ومغامرة في بعض الأحيان كيف ؟ ... من يتكلم بالشفافية ... غالباً ... لا يكترث بالنتائج ... فأقصى اهتماماته وتركيزه هو قول ما يعتقد من غير إضافات ... حتى لو أغضب بقوله الكثيرين وربما القريبين ... وقد تكون الشفافية تخفي خلفها شخصية سريعة الغضب ... أو قصيرة النفس في النقاش ... أو ربما البيئة كان لها دور كبير ... فمن اعتاد العيش في مجتمعات يتعاملون بالشفافية ... لا يستطيع الفكاك من خصلة الشفافية عندما ينتقل إلى العيش في مجتمعات تكون المجاملة هي العامل المشترك في التعاملات .

أرى ... من وجهة نظري ... أن التركيز عند الحديث أو النقاش ... لابد وأن يصب في الهدف والنتيجة التي يريد أن يصل إليها المتحدث ... ثم يستعمل الأسلوب المناسب ولا بأس أن تخالطه بعض المجاملات ... بشرط أن تذكر الحقيقة كاملة أو غير ذلك بالقدر الذي يتحقق فيه الهدف من الحديث أو النقاش .

قضية أخرى يجب التنبه لها ... ألا وهي ... ضرورة التحاور ... وعامل التوقيت مهم جداً في قبول الفكرة وتحقيق الهدف ... والطرف الآخر ومدى قابليته واستعداده للنقاش ... ولا يغفل الجانب النفسي .

ومما يعكر صفو الشفافية في النقاش أو الحديث ... هو الوقوف عند كل محطة من محطات الحديث ... فينتقل النقاش من الوصول إلى هدف ما إلى محاولة التركيز والتصيد عن دقة العبارة وصحة المعلومة ... خاصة إذا كانت المعلومة لا تقدم ولا تؤخر في القضية كلها ...

ونقطة أهم ... الحرص على الإلتقاء في المساحات المشتركة وتأجيل البحث في مساحات الإختلاف لأن عامل الزمن والعلاقات الودية ... من الممكن أن يقلص مساحات الإختلاف .

ثلاث دقائق فاصلة ...

الدقيقة الأولى :

قبل بداية النقاش ... لماذا تناقش ... وما هي الجدوى من النقاش ... وهل الذي تناقشه في مستواك الذهني والفكري ... هل حسبت الأرباح والخسائر عند دخولك حلبة النقاش ... هل هي معركة تحدد مصير الحرب أم أنها استنزاف للطاقة وتعكير صفو يومك !!!

الدقيقة الثانية :

أثناء النقاش ... هل يسير النقاش نحو الهدف الذي رسمته ... هل الطرف الآخر يتجاوب معك وعلى نفس الموجة ... لا تكابر ... ولا تعتد برأيك ... وتنازل عن مواقع لتكسب أرضاً أوسع ... هل لديك الشجاعة للإنسحاب !!!

الدقيقة الثالثة :

عند انتهاءك من نقاش حاد أو جدلي بيزنطي ... إسأل نفسك ... ما الذي تحقق ... وماذا استفدت ... أم إنه إشباع غرور ... والإحساس بنشوة النصر ولو بالجدال .. !!

أم علي
16 فبراير 2014

No comments:

Post a Comment