Pages

Friday, May 16, 2014

أمنيات.. من السماء

التمني حالة طبيعية موجودة عند كل إنسان.. فمن منا يمر عليه يوم لا يتمنى فيه أمراً ما..  وتختلف نوعية الأمنيات نظراً لاهتمامات الفرد.. فالفقير يتمنى أن يصبح غنياً، والضعيف يتمنى أن يكون قوياً، والطفل يتمنى أن يكبر، والكبير يتمنى أن يرتاح من عناء ضغوطات الحياة، والشيخ يتمنى أن يطول عمره.. وهكذا دواليك.. وهناك من يسعى جاهداً لأن يحقق أمنياته، فينجح في بعضها أو كلها، والبعض الآخر يجلس يتمنى ولا يحرك عضلة من جسمه نحو تحقيق أمنياته..
 
في عملي السابق، كانت إحدى الفورمنات في منتصف الأربعين من العمر.. قضت أغلب حياتها في العمل، لكنها لم تستطع أن تتقدم عن منصبها الحالي لأرفع من رتبة فورمان بسبب أنها لم تحصل على شهادة جامعية.. كانت تشعر بالنقص خصوصا أن أحد الزملاء المهندسين كان يسخر منها بطريقة غير مباشرة.. بينما كنت أتحدث معها أحد المرات إذ قامت تندب حظها وتشتكي من عدم تقديرها وعدم العناية بأفكارها وجهدها الذي تبذله في العمل، فشجعتها للسعي نحو تطوير ذاتها والسعي لتحصيل شهادة جامعية.. حينها بدأت بتقديم تبريراتها بأنها كبيرة في العمر، وأنها تعمل، وأولادها على وشك التخرج من الثانوية، ووو.. لكني بسّطت الأمر لها، وأشرت لها أن العمر ينقضي ولن يتغير في وضعها العملي أي شيء ما لم تقم بإكمال دراستها.. بعدها بعدة أشهر التحقت بشركة أخرى، وبعدها بسنوات أوصلت رسالة شكر لي عن طريق أحد الزملاء بأنها حصلت على شهادتها الجامعية، وقد تم ترقيتها إلى منصب أرفع مما كانت عليه..
 
يحتاج الفرد منا إلى النظر في بعض الأمور التي سأطرحها سريعاً لتحقيق أمنياته سوءا كانت صغيرة أو كبيرة كـ: قراءة كتاب ما، أو تعديل المستوى المعيشي، أو شراء سيارة، أو زيارة حج بيت الله الحرام:
 
1. النظرة الإيجابية: من المهم جداً تغيير النظرة السلبية والتغلب على عقلية خلق المبررات والعوائق في عدم تحقيق الأمنيات.. فهناك حواجز كثيرة يضعها الإنسان -وربما مَن حوله- أمامه كعقبات وهي ليست حقيقية، بل مجرد أوهام وقيود يكبل بها نفسه عن التحرك والسعي.

2. العزم والإرادة: لابد أن يمتلك الإنسان العزم والإرادة لتحقيق أمنياته وهنا يحتاج الفرد منا أن يجلس مع نفسه ويقطع عهداً على السعي لتحقيق أمنيته.

3. التخطيط: التخطيط لتحقيق الأمنية مهم جداً خصوصاً في مرحلته الأولية.. بعض الأسئلة التي تفيد في عملية التخطيط هي: ما هي أمنيتي؟ ماذا أحتاج لتحقيقها؟ كيف سأقوم بتنظيم وقتي؟ ماذا أحتاج من تغيير في حياتي الحالية لكي أمتلك الوقت الكافي للسعي؟ كم من الوقت ستستغرق عملية السعي نحو تحقيق الأمنية؟.. إلخ. ولتحذر من أن تكون عملية التخطيط سلبية بأن تبرز المبررات والعوائق والصعوبات في تحقيق الأمنية.

4. وضع جدول زمني: أن تضع وقتاً محدداً للبدء في تحقيق الأمنية، وكذلك أن يكون لديك تصوراً معيناً حول الفترة الزمنية التي قد يستغرقها السعي لتحقيقها.

5. السعي مع التوكل: وهو أن تسعى وتعمل مع الإعتماد والتوكل على الله سبحانه وتعالى بعد أن قمت ببذل الجهد اللازم في المقدمات، وسعيت نحو تحقيق الأمنيات.
 
طبعاً، من الضروري جداً أن نضع هذه الحقيقة ماثلة أمام أعيننا وهي: أن الزمن لن يتوقف لأي فرد منا.. فالساعات والأيام والسنين تمضي وتنقضي، وما لم تعطِ لنفسك الوقت الكافي للتفكير في تحقيق أمنياتك، فإنك ستصحو يوماً وقد فاتك القطار ولم يبق من العمر بقية.. وكذلك أيضاً يجدر بك التيقن من أن تحقيق الأمنيات لن ينزل عليك هكذا من السماء ما لم تجتهد وتسعى في العمل نحو تحقيقها..
 
ز.كاظم
16 مايو 2014 

No comments:

Post a Comment