Pages

Friday, September 26, 2014

الماسونية،، الغزو الغائب الحاضر // أبو مقداد

 
هو مصطلحٌ مُرعبٌ، إمّا بسبب معرفته، أو بسبب عدمِ معرفته!!

الماسونية الفكر الذي تمكن من اختراق كل زاويةٍ لم نتوقعها، والقوة التي سيطرت على العالم، لذلك فمن يعرفها سيصاب بالرعب منها، ومن لم يعرفها قد تتمكن من اختراقه بسهولةٍ جدًا، ومن دون أن يشعر!
 
بدأ الفكر الماسوني في التشكُّل والتمحور والتنظيم منذ القِدم، وقد اختُلِفَ على تاريخ بداية ظهور الماسونية، فالبعض يعتقد أنها من عصر الفراعنة. والآخر في زمن بناء هيكل سليمان، والبعض يعتقد أنها بدأت أثناء الحروب الصليبية. وبالرغم من أن من ضمن شروط الحصول على عضوية ماسونية هو أن يؤمن العضو بوجود خالق أعظم بغض النظر عن ديانة الشخص، إلا أن الأهداف العملية كانت من أجل أن يُنشأ كيانًا خاصًا يحمي الديانة اليهودية، ويحمي اليهود من التشتت، ويعيد سيطرة اليهودِ على العالم، ويقدِّمَ العالمَ لأحضان اليهود. أخذ هذا الكيان في الانتشار والتوسّع ليكون التيار الذي يتمكن من تحقيق ما يصبو إليه، ثم يأخذ بالتطور شيئًا فشيئًا حتى يُصبح القوة التي تحكم العالم اليوم. فما من مصدرِ قوّةٍ إلا وغالبًا كان لهم يدًا فيه. الحديث عن الماسونية قد يشبه الخرافة أو المستحيل، وذلك بسبب سريَّة تنظيمهم، وقوتهم الخارقة ونفوذهم اللامحدود، وتمكنهم من تحقيق المستحيل في سيطرتهم على العقول والأفكار!
 
للماسونية شكلان، الأول: الشكل التنظيمي الرسمي، حيث ينضمّ الفرد لهم رسميًا، ويشاركهم محافلهم وطقوسهم وأنظمتهم وقوانينهم، وهو التنظيم الخاص والسري والذي يحتاج لموافقة كبارهم، وأساتذتهم، ولا يمكن لأيٍّ كان أن ينضمَّ لهم. وهم يعتبرون نواة الفكر الذي يحرِّك العالم. وبالطبع فالماسوني على هذه الشاكلة يكون بكامل إرادته وعلمه واختياره، وهو خيارٌ لايمكن التراجع عنه، لأنه سيطَّلع على أسرارهم المحظورة.
 
أما الشكل الثاني: فهو الفكري والثقافي، وهذا الشكل لا يحتاج لقبول الانضمام له، ويعتمد على نشر أفكار الماسونية عبر قنوات ومشاريع وبرامج قد تبدو في ظاهرها لا علاقة لها بأصلها الماسوني، لأنها صمّمت وتدار وتهدف للسيطرة على كل من ينضم لهذه المشاريع. وغالبًا ما يكونُ الماسونيُّ بهذه الصورة لا يعلمُ عن كونه ماسونيًّا، فهو يخدم مشاريعهم وأفكارهم حسب ما يُفصِّلونها هم من دون أن يعرف، أو يعلم بذلك، إنما يخدمهم بكامل إرادته، ظنًّا منهُ أنه متطوعٌ لفعلِ خيرٍ ما!!
 
اليوم قد تكون الماسونية هي أكبر تيار فكري يتمكن من مخاطبة أذهان الناس والسيطرة عليها. فهم يسيطرون على جميع مراكز الأبحاث في أمريكا، بما فيهم مراكز الأبحاث الاجتماعية وعلماء الاجتماع والنفس. ولأن مصطلح " الماسونية" مصدر رعب، فهم عادة يتسللون متخفين بأغلفةٍ تمحي آثارهم عند من لا يتتبع مصادر هذه المشاريع، وهذا التخفي والتغليف من أجل أن تُمرر أفكارهم بسلاسةٍ وهدوء على من وصفتهم بأنهم من الشكل الثاني أعلاه. فكثيرٌ من المشاريع كانت ستفشل لو كان عنوانها الظاهر ماسوني، لذلك فهي تضطر للتخفي خلف غلافٍ تقبلهُ الفئة المستهدفة، فتبدأ بالمشاريع التي تعطيها الشرعية عُرفًا. فقد تجدهم يقيمون العديد من المشاريع التطوعية ومشاريع الخير والإنسانية والعطاء والأخوة، إنهم بها يكسبون شرعيتهم. وسنلاحظ أنهم يرفعون شعارات راقية برَّاقة، كالعدل والخير والمساواة والحرية والحقوق والكثير من الشعارات التي لا يمكن لأي أحدٍ إلا أن ينجر لها ويثق بها، إذ لن يتمكن من رفضها على أقلّ التقديرات، دون أن يعلم ما وراء هذه الشعارات، حتى إذا انغمس وتوغل وانخرط في هذه المشاريع وصار منها وصارت منه، تمكن مدراء هذه المشاريع من فرض وتمرير أفكارهم الماسونية بكل سلاسة للناس وللمجتمعات المستهدفة، دون أن يشعر بهم أحد!
 
بدون أن نشعر، تمكنت الماسونية من تمرير الكثير من الأفكار بيننا، وأصبحنا نهتف بشعاراتها ونحملها في مجتمعاتنا الإسلامية، كما تشاء وتشتهي، فصارت العلمانية والليبرالية جزءًا من مجتمعاتنا، وصارت الدولة المدنية مطالب الشعوب الإسلامية، وما هذه إلا مشاريع صنعتها الماسونية ومُررت لنا وفتحنا لها الصدور!
 
الماسونيون لا يهمهم أن تعرفَ أن ما تقوم به هو مشروعهم، أصلًا لايريدونك أن تعرف بهذا الأمر. يهمهم أنك ستحمل أفكارهم وتُنجحها وتدافع عنها متى ما تطلب الأمر. لا يريدون منا أن نعترف بمحافلهم، ولكنهم يريدون منا أن نطبق ما يقررونه فيها. هم يريدون أن تكون لهم يدٌ خفية في كل مشروع، في كل تنظيم في كل حزب، في كل تيار، في كل منظومة عملٍ. وإن لم تكن هذه اليدُ شخصًا بعينه، فوجود أفكارهم ضمن أفكار هذه المجموعة تكفيهم. ونحن نتساهل "مو لهالدرجة عاد" أو "مو معقول كل هذا هم مسوينه"، ولكن الواقع يقول عكس ما نظن، فهم فعلًا معنا وبنا.
 
حين أتكلم عن خطر الماسونية فأنا أتحدث عن خطرٍ فكري وثقافي. هم لا يهتمون لحياتنا، ولا يسعون لقتلنا، إنهم يستهدفون العقول، لذلك أركز جدًا على أن أكبر خطر يواجهنا اليوم وأكبر حربٍ نخوضها هي الحرب الثقافية والفكرية، والتي تحيط بنا من كل جانب. ولا بد لنا من أن نحتمي جيدًا منها وننمي علاقتنا بثقافتنا الإسلامية الأصيلة، حيث أن جميع التيارات الفكرية الصالحة والطالحة تعملُ بقدمٍ وساق على نشرِ أفكارها وتعميمها، وتحويلها لثقافة أولى. فَلِمَ نحنُ أصحابَ الثقافة الأرقى، والدين الأرقى، نبقى متأخرين عن هذا الركب؟!
 
نحنُ أمام خطرٍ حقيقي، فالفئة المستهدفة للغزو الفكري والثقافي هي الفئة الشابة، أصحاب الطاقات والمواهب الإبداعية، لأن الشباب هُم صُنَّاع المستقبل، وإهمالنا لهذه الفئة سيُنتجُ تلقائيًا جيلًا مشوهًا ثقافيًّا، سنُحاسبُ على تشويهه!
 
المجتمع يملك من الطاقات الكوادر الشابة ما لا يمكنُ حصرها، ولا يحتاج إلا لمشروعٍ يحتضن ويُفعل هذه الطاقات وفق ما يواكبُ العصر وفق الأطر الشرعية، وهذا في غاية الإمكان لو وُجدَت  فِرقٌ متخصصةٌ لإدارةِ هذا المشروع. أقول وأركز على أن تكونَ فرقًا متخصصة كي لا تتسبب في نفور الشباب وتعطيلهم عوضًا عن جذبهم وتفعيلهم كما هو الحاصل في العديد من المراكز الثقافية.
 
في الوقت ذاته، تقع على كل شاب مسؤوليتان:-

الأولى: الحذر من الانجرار خلف أي مشروعٍ رفع اسمَ الثقافة شعارًا فقط، دونَ أن يعي ما هي خلفية هذه المشاريع، ومن أين أتت، ومَن يرعاها، ولمصلحة من تعمل!

الثانية: أن يصنع كل شابٍ من نفسهِ مشروعًا ثقافيًّا يرتقي بالمجتمع والدينِ لأعلى المراتب. ولا يعتمد على وجودٍ حاضنةٍ ما تحتضنُ مشروعه الخاص، فإن لم يعثر على الجهة التي ترعى طاقته لتوظفها وتفعلها بالشكل الذي يرضيه، يتمكن من تهيأة أرضية انطلاقته هو بنفسه، ويرعى مشروعه الخاص حتى يحتضن الآخرين لاحقًا.
 
 
27 سبتمبر 2014
 
____________________________________________________
من الجيد الاطلاع على مقالَين سابقين قد نشرتهمها في المدونة، لهما علاقة بمثل هذا الغزو الثقافي.
المقال الأول: تاء الشباب،، بنا ولكن ليس منا.
http://ertiqabh.blogspot.com/2014/09/blog-post_11.html?m=1
 
المقال الثاني: المشروع.. والمشروع المضاد.
http://ertiqabh.blogspot.com/2014/02/blog-post_1811.html?m=1
 
 

No comments:

Post a Comment