Pages

Friday, April 10, 2015

ظلمتُ نفسي // حنان محمد

 
 
(تعلمت من الحسين كيف أكون مظلومًا فأنتصر)
(بات مظلوم ولا تبات ظالم)
 
،،
 
عبارات رنانة لطالما ترددت في أوساط مجتمعاتنا ، تعايشنا معها ونرددها في كل حين وعند كل موقف.
انغمست في عقولنا وألسنتنا ولكن للأسف بسطحيّة مفهومها؛ بات كل منا قد يقبل بأي ظلم قد يقع عليه متمسكًا بهذه العبارات، ولكن..
 
هل فكرنا يومًا بعمق ومغزى هذه الكلمات؟
هل أدركنا ماهيّة أبعاد هذه العبارات؟!
أم هي مجرد موروثات مقيته تداولناها وحفِظناها لمجرد ستر ((ضعف)) سيطر على دواخلنا؟ ضعف أنفسنا، ثقافتنا، إيماننا، وما إلى ذلك..
 
والآن؛ هل تساءل أحدنا يومًا قبل أن يردد إحدى هذه العبارات،، هل الحسين كان مظلومًا فانتصر وهو قاعد؟!
أم كان يحارب جورًا وفسادًا وظُلمًا فاستشهد مظلومًا روحي له الفداء؟!
فخلد بذلك أعظم مفاهيم ودروس الحياة..
 
هل فكرنا يومًا حين نردد ((بات مظلوم ولا تبات ظالم))، أيّجب أن أكون في إحدى الكفتين إما مظلوم وإما ظالم أو لا أكون؟
ولو كنت مظلومًا هل حاولت رفع الظلامة عن نفسي؟!
 
للأسف نحن مجتمع ظلمنا أنفسنا كثيرًا بسطحية ثقافتنا وإدراكنا للكثير من مفاهيم الحياة سواءً على الصعيد الديني أو الاجتماعي أو السياسي أو.. أو..
 
وعلى ما يبدو بأن هنالك غطاءً ما نستتر به وهو ما يدفع بنا نحو هاوية المجهول، حيث جعلنا من مفاهيم وأعراف توارثناها تسيّطر على عقولنا بإسلوب ضحل جدًا، إلى جانب الظروف والبيئة المحيطة بنا، فنقبل بالعيش بمظلوميّة قد نستطيع بكل سهولة رفعها قبالة أن نتمرد على مثل هذه المفاهيم الخاطئة؛ ونستمر بالعيش لمبدأ الاستمرارية فقط مهما كانت الظروف!!..
 
ولكن يجب التنويه هنا بأن هذه ليست دعوة للتمرد على الظلم بالأساليب والصور السلبية اللاعقلانية والتي من خلالها قد أخسر أصدقاء أو أهل وأطحن خلالها علاقات تحت مسمى الانتصار على الظلم.
فكما قيل : لا تحاول الانتصار في كل الخلافات ولو كنت محقًا!!
فأحيانًا كسب القلوب أولى من كسب المواقف.
لذا، إن أهم ما في ذلك كله هو ثقافة التمرد على كل المفاهيم الخاطئة وتطوير الذات وتوسيع حيّز الوعيّ للفرد والمجتمع.
فمثل هذه المفاهيم قد تكرّس الشعور بالمظلومية بمنظورها السلبي فتنعكس على الفرد والمجتمع وتحوله لمجتمع متباكي متقاعس ينتظر مَن يأتي له بالنصر والظفر دون حراك أو عمل يؤول به نحو أن يكون قوة لا يمكن أن تُظلم أو تتزعزع أو تنهزم، ولنا في أهل بيت النبوة أسوة حسنة تتجلى فيها أوضح مفاهيم الانتصار على الظلم والظالم، فهل يمكن أن نتجاوز ما تعرض له نبي الرحمة (ص) من ظلم وما لاقاه بشتى أنواع الأذى خلال نشره الرسالة الإسلامية فنجد هناك أنواع الأذية التي حصل عليها من قبل المشركين، في بداية الدعوة الإسلامية وبعدها، منها تكذيبه ووصفه بالساحر والمجنون والكذاب وضربه وكسر رباعيته المباركة وتهجيره من مكة وغيرها الكثير الكثير وأعظمها عليه ما جرى على أهل بيته عليهم السلام من بعده والتي دعته (ص) لقول: (ما أوذيّ نبي مثلما أوذيت)..
ولكن استمر نبينا (ص) بنشر الرسالة السماوية ولم يتوقف عند ظلم تعرض له أو أذى فكانت الاستمرارية على أيدي أهل بيته (ع) بنفس النهج والخُطى..
 
وكذلك لا يمكن أن ننسى ثورة روح الله الخميني (قدس سره) وما لاقته هذه الشخصية العظيمة من ظلم ونفيّ وغيرها، ولكنه انتصر وجعل من إيران دولة قويّة عُظمى لا يمكن أن يُستهان بها؛ وما زال امتداد هذا النصر مستمرًا ليومنا هذا واضحًا جليًّا.
 
 
11 إبريل 2015

No comments:

Post a Comment