قال رسول الله (ص): (ما قام ولا استقام ديني إلا بشيئين: مالُ خديجةَ وسيفُ عليّ بن أبي طالب عليهما السلام). [شجرة طوبى: 2 / 233].
من هذا الحديث الشريف يتضحُ الدور المحوري لسيفِ علي ومالِ خديجة عليهما السلام في قيامِ الدين، وهو يفيدُ حصرَ قيامه فيهما، فهناكَ نفي في البداية (مَا قَامَ) وثم استثناء بـ (إلا)، ولو أردنا التعبير بعبارة أخرى لقلنا أن القوة العسكرية المتمثلة في علي (ع)، والقوة الاقتصادية المتمثلة في خديجة (ع)، كانا أهم عوامل قيام الدين الإسلامي.
من هنا وجبَ على كل القياداتِ العربيةِ والإسلاميةِ الانتباهَ لذلكَ، فإنَّ مصدرَ الكلام لمْ يكُنْ محللًا سياسيًا، ولا رئيسَ بلدةٍ ما، بل هو سيدُ البشرية جمعاء محمدٌ (ص)، ولمَّا أكَّدَ على هذين العاملين فهو يؤكدُ على أهميتِهِمَا الكبرى أمامَ العوامل الأخرى، إضافةً لِمَا تُفيدُهُ بعضُ الأحاديث وتُبينُهُ من أهميةٍ للعلمِ والتعلم.
هذه ثلاثةُ أجنحةٍ تديرُ العالمَ بأسره اليومَ، ولنا في ذلك شواهدٌ كثيرةٌ، فانظرْ للولايات المتحدة الأمريكية كيفَ تُدير هذا العالم عبرَ هذِه الأجنحة، وهل مرَّتْ عليكَ قضيةٌ اقتصاديةٌ أو سياسيةٌ لم تسمع بذكر أمريكا فيها؟
على الطرفِ الآخرِ، مَن الذي استطاعَ أنْ يجعلَ نوعًا من التوازن في منطقةِ الشرقِ الأوسطِ غيرَ الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟ وكيف استطاعَتْ ذلك؟ فرغم الحصار والحروب التي فرضتْ عليها، إلا أنَّها استطاعتْ الوقوف بوجه أقوى الدولِ، فتناورُ وتحاورُ بعضَها، وتتحالفُ وتصادقُ بعضَها، وليس ذلكَ إلا بذات الأجنحة.
أما البلدان العربية والإسلامية فإنَّها ليسَتْ إلا دميةً في أيدي القوى الأخرى، فهِي لا تملك العلم والقوة العسكرية ولا حتى القوةَ الاقتصادية، فحتى الجانب الاقتصادي من الممكنِ أنْ يكونَ أفضلَ بكثيرٍ في عدةِ بلدان منها، وليسَ ذلكَ لعجزِها عنْ ذلك، غير أنها لمْ تتحرَك من أجلِ تحصيل هذه القوى، بل سعتْ ولا زالَتْ تسعَى لخفتِ أي صوتٍ يسعَى، ولكسرِ كل جناحٍ يحلقُ في هذا الاتجاه.
حتَّى المؤسسات والمنظمات غير الرسمية، سواء الإسلامية منها أو غيرها، فهي لمْ تتحرَّكْ في هذا الاتجاه، إلا ما ندر، وهي على الأغلبِ محاولات فاشلة.
أدَّعِي أنَّ الكيانَ الشيعي هو الأقدرُ على الاستقلالِ عن أي نظامٍ في العالمِ، فهو يمتلكُ الاستقلاليةَ التشريعية المتحركة، ويملكُ النظامَ الاقتصادي المستقل، ويملكُ أكبر مخزون علميٍ وثقافيٍ وتاريخي، لذا فإنَّ هذا التراجع والجمود يؤكدُ وجود خلل مَّا، يحتاجُ إلى البحثِ والتحليلِ، والانطلاقِ مجددًا، بكلِ أجنحةِ القوة.
قال تعالى: (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ). (الأنفال:60).
10 يوليه 2014
No comments:
Post a Comment