قال تعالى :(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه).
في هذه الآية الكريمة دعوة لاتباع أحسن القول، فيتضح أن هناك درجات للأقوال، فهناك القول السيء، وهناك الأسوء، وهنالك كذلك الحسن، والأحسن، والآية الكريمة تدعوا لاتباع أحسن القول بعد الإستماع لكل الأقوال.
قد يقول قائل أن القول المراد استماعه هو القول الحسن فقط، بينما أرى أن المقصود هو مطلق القول، فكيف يمكنني أن أحدد القول الأحسن لأتبعه، إذا لم أستمع لكل الأقوال؟ وكم من الأقوال الحسنة والآراء السديدة سوف أخسرها بتجاهلي لها؟ وكيف سأحدد أن هذا القول هو الأحسن لأتبعه، دون الإطلاع على كل الأقوال؟ هذه الأسئلة وغيرها توضح الحاجة للإستماع لكل الأقوال.
قد يجرنا ما سبق لأن نذكر المؤمنين بأن ينظروا لما قيل، وليس لمن قال، فقد نعتبر قول فلان سيئا فقط لأنه من المخالفين مثلا، بينما عند استماعنا إليه نجد أن قوله سديد، وهو القول الأحسن، والأولى بالإتباع، وكما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة: "الحكمة ضالة المؤمن"، ولذا نجد المؤمن يبحث عن الحكمة أينما وجدها، ولو دققنا سنجد أن ما نأخذه من أقوال الكفار والمنافقين ليس بقليل، وهذا ليس سيئا في ذاته، فالقول الأحسن أولى بأن يتبع.
أما الإستماع فهو مختلف عن مجرد السماع، فهو يستلزم الإنتباه والفهم وليس مجرد السماع الخالي من الإنتباه والفهم، فهو أعلى من مجرد السماع.
بالنتيجة نجد أننا نحتاج لأن نستمع لكل الأقوال والآراء الموجودة حتى نستطيع تحديد القول الحسن، وتحديد الأحسن فنتبعه، بعد أن حددنا السيء والأسوء فتركناهما، وذلك يتضح لنا من الآية الكريمة، فالمرحلة الأولى هي الإستماع، والمرحلة الثانية هي تحديد مدى حسن القول ومرتبته، والمرحلة الثالثة الخضوع للقول الأحسن واتباعه.
محمود سهلان
28 مارس 2014
No comments:
Post a Comment