نرى الكثيرَ من العلماءِ والخطباءِ والمثقفين يُنظِّرون لبعض الأمور، وينتقدون أخرى، لكنّنا لا نجد نتيجةً إلى ذلك العمل، بلْ قد نجد نتائجَ معاكسةً تمامًا لما كانوا يريدون!
أريدُ أن أذكر مثالًا بسيطًا واضحًا، لتكون الصورةُ أقربَ إلى ذهن القارئ العزيز..
نسمع ونقرأ كثيرًا حولَ الزواج، وما يرتبط به، من غلاءِ المهور، وتكاليفه المرتفعة، وما يجري فيه من مخالفاتٍ شرعيةٍ وأخلاقية، فكثيرًا ما تحدَّث العلماءُ والخطباءُ في هذا الموضوع، وكثيرًا ما كتبوا فيه، ولكننا لا نجدُ نتيجةً ملموسةً أمامنا، بل نرى تردِّيًا في الحال وابتعادًا عن الصوابِ أكثرَ فأكثر!!
لماذا لا ينتجُ كلُّ هذا النّقد؟ وكلُّ هذا التّنظير؟ وكلُّ هذا الوعظِ والإرشاد؟
بعدَ تأملٍ بسيطٍ في الموضوع، وجدتُ بعضَ ما أظنُّ أنّه يساهم في ضعفِ أو عدمِ إنتاجيةِ هذه الجهود، وسأطرحُ ما وجدتُ على شكلِ نقاط:
١ـ إنَّ هذه الجهودُ جاءَ الكثيرُ منها متأخرًا، فانتظارُ وقوعِ المشاكل، وتغلغلِ الثقافاتِ الجديدةِ في المجتمع، ثمّ محاولة حلِّها يجعلها أصعبُ بكثير.
٢ـ هذه الجهودُ متفرقةٌ ومشتتةٌ وليست مدروسةً، ممّا يجعلُ تأثيرها شبهَ معدوم.
٣ـ طريقةُ معالجةِ وطرحِ الموضوع ليست واقعيةً من قِبل البعض.
٤ـ الضعفُ الشديدُ في قابليةِ المجتمع لتلقي العلاج، خصوصًا في ظلّ التّراجع الثقافي الذي تعيشهُ مجتمعاتنا.
هذه بعضُ النقاطِ التي مرَّت بذهني، ولا شكَّ أنَّ هناك نقاطًا أخرى يمكنُ إضافتها لو تأمَّلنا أكثر..
على الجانبِ الآخرِ نجدُ الكثيرَ من الثقافاتِ قد اخترقت مجتمعاتنا، وعبرَ آلياتٍ متعددة، وعلى رأسِها الآلةُ الإعلامية، والسِّرُ في ذلك حسبما تداولناه مع بعضِ الأخوةِ هو أنّ الغيرَ يصنعُ واقعًا عمليًا، ولا يكتفي بالتنظيرِ للأمور، طبعًا بالإضافةِ للدراساتِ التي يُجريها ويعملُ عليها مطولًا، ثمّ يضعُ الآلياتِ المناسبةَ لها، كما أنَّ الأعمالَ تَصبُّ ـ مركَّزةً ـ في إناءٍ واحد، على عكسِ ما ذكرناه من تشتُّتِ أعمالنا، لذلك فالآخرون ينتجون، ونحنُ لا ننتج.
قد يسألُ سائل، ما هي الآليةُ التي ترونَها مناسبةً لحلِّ هذه المُشكلة؟
أقول أنّني لستُ بصدد وضع أيِّ آليةٍ الآن، إنَّما أردتُ الإشارةَ لما أتصوره فقط، ثمّ أحاول مع بعضِ الأحبَّة البحثَ عن الآلياتِ المناسبةِ لحلِّ هذه المشكلة، ولِحلحَلَةِ الأمور، سواءٌ كان الكلامُ عن الزواج، أو عن غيره من المواضيع، فكمَا ذكرنا فإنّ الزواجَ هنا ليس إلا لتقريبِ الصورة، وإنْ كان موضوعًا يشغلنا بكل حيثياته.
١٧ صفر ١٤٣٥
No comments:
Post a Comment