وأهداني صديقٌ كتابًا // أم حسين

كثيرًا ما أنقذتُ الكتب من حاوية مسجد قريتي حينما كنت طفلة، فقد كان البعض يرميها لمجرد أنها تخص تيارًا دينيًا أو سياسيًا معينًا، وكنت حينها لا أستطيع استيعابَ فكرة  أن أرمي كتابًا!!

وفي الحقيقة ما زلت لا أستطيع ذلك.

 

لم تكن تلك بداية رحلتي مع الكتب.

 

فقد نشأت بين أحضان عائلة تعتبر القراءة من ضروريات الحياة، فمن لا يقرأ يُعتبر جاهلًا عند الجميع ويُنظر إليه كمجرم في حقِّ نفسه. ومن لا يتفوق يكون في نظرهم مُعاقًا، فما زالت مكتبة عمي واضحةً أمامي بكل ما فيها من كتب تنوعت بين العربية والإنجليزية، وأنا جالسة على الأريكة أقرأ من كنوزها كل جمعة.

 

تُعرِّف ويكيبيديا الكتاب على أنه مجرد وعاء لمعلومات غير دورية والذي بطبيعة محتواه وتنظيمه وضع ليُقرأ من أوله إلى آخره في تتابع منطقي ولكل كتاب عنوان محدد.

 

إنَّه ظلمٌ كبير.. فالكتاب ليس مجرد وعاء بل هو حياة..

 

كلماته تحملك إلى شتى البقاع وتنقلك بين مراحل الزمن بين ماضٍ ومستقبل..

تجعلك تعيش حياة لم تعشها فتُعرفك على شخوص جديدة..

بين صفحاته تحب، تكره، تغضب وقد تتألم فتذرف الدموع لتكفكفها أوراقه.

 

هو الصديق الذي لا تُمل ملازمته، وإن أوشكت على الرحيل تشتاقه.. يحتضنك ويحل كل معضلة ومشكلة.. وحتى بعد رحيلك عنه يبقى ينتظر عودتك يومًا ما ليأخذك في رحلة جديدة..

حتمًا ستكون جديدة؛ فالزمن يتغير والإنسان يتغير ورحلات الكتب تتغير تبعًا لتغير الزمان والإنسان.

 

قال أحد الفلاسفة:

”الكتب سعادة الحضارة، بدونها يصمت التاريخ ويخرس الأدب ويتوقف العلم ويتجمد الفكر والتأمل“

 

وقال بيتشر:

”الكُتب نوافذ تشرف منها النَّفس على عالم الخيال فبيتُ بلا كتب كمخدعٍ بلا نوافذ”

 

فيا من تعيشون حياةً واحدة، الحياة تنتظركم بين صفحات الكتب.. مخطئٌ من يعتقد بأن القراءة مجرد هواية نقضي بها أوقات فراغنا..

 

هي حياة تهبك مفاتيح سرية لأبواب لطالما رأيتها مغلقة، وأحضانها تعلمك ما لم يستطع أيُّ حضن في العالم أن يعلمك..

فمحظوظ محظوط من يكبر بين أحضان الكتب.

همسة امتنان وتقدير:

تعتريني اليوم سعادة عارمة فقد أهداني أخ لم تلده أمي كنزًا من (30 كتاب) فكل الشكر لقلبك الكبير.. أفتخر بمعرفتك كثيرًا.

 

 

3 يناير 2015