"الثعلب.. فات فات، وبذيله.. سبع لفات" هذه الأنشودة ترنّ في أذني كلّما عادت بي الذاكرة إلى أزقّة قريتي الجميلة، التي ولدتُ ونشأتُ بين رمالها، حيث كنّا مجموعةً من الفتيات يفترشنَ الأرض على شكل حلقة، ونحن نردّد هذه الأنشودة: "الثعلب.. فات فات، وبذيله.. سبع لفات" والتي يقع عليها الاختيار تخرج من إطار الحلقة، ومن تبقى وحيدة حتّى نهاية اللّعبة هي الظّافرة بالمركز الأول، لكي تصبح هي الثّعلب في المرة الأخرى.
أيام جميلة حقًّا، كم تسامرنا فيها بحب وبراءة بين طرقات القرية.. وكم كنّا نتعاون مع بعضنا لندّخر بعض المال من مصروفنا ليتسنّى لنا شراء بعض المأكولات والمرطبات، والسعادة الكبرى هي ذهابنا لخيّاط القرية لنجمع أكبر عدد من قطع الأقمشة، لكي نصنع لدُمانا ملابسًا.
إذًا تعالوا معي لأُحدّثكم عن هذه القرية الصغيرة، التي أصبحت جزءًا لا يتجزّأ مني، بل أتباهى وأفتخر عندما يناديني مَن حولي (زينب السهلاوي) أو (السهلاوية).
السهلة الجنوبية هي إحدى قرى البحرين الصغيرة مساحة وسكّانًا، أمّا جغرافيًّا فتقع جنوب غرب المنامة، ومن أبرز المعالم التي تشتهر بها القرية، هو مسجد الشّيخ عزيز الذي يفصل بين السهلتين، ومن أكبر عوائل هذه القرية، العوائل التّالية: الرفاعي، المغلّق، آل موسى و آل عيسى.
أصل تسمية القرية بهذا الاسم هو طبيعة تربتها السّهلية الزّراعية الخصبة، وكثرة العيون العذبة والبساتين التي تمتاز بالطبيعة الخلابة، لذا نجد أغلب رجالاتها انخرطوا في مجال الزراعة وتربية المواشي، ولأجدادي تاريخٌ عريق في هذا المجال.
صِغر مساحة القرية له مميزات عدة، إذ أنّ العوائل الموجودة - بالقرية - جميعها مترابطة مع بعضها، ففي المناسبات ترى وجوه الجميع حاضرة وكأنّهم عائلة واحدة، ولا أخفي عليكم بأنّ أفراحنا وأحزاننا واحدة.
هناك بعض الشّخصيات التي لها بصمات واضحة في القرية، مثل: الوجيه السيد مهدي السيد كاظم صاحب اليد المعطاءة، التي امتدّت لكل بيت محتاج، وهو الرئيس الفخري لمركز السهلة الجنوبية، والحاج أحمد المتروك رحمه الله، وتاريخه حافل بالإنجازات الخيرية، فهو من ساهم بالأرض التي بني عليها مأتم الرسول الأعظم، وهناك بعض الأساتذة الأفاضل الذين ساهموا في بناء جميع مؤسسات القرية وتطويرها على كافة الأصعدة، منهم على سبيل المثال لا الحصر، الأستاذ سعيد السهلاوي رحمه الله، وهو من الأساتذة المخضرمين على مستوى البحرين، والأستاذ سيد عباس فردان، فهو أيضًا من الأساتذة القدامى اللذين انخرطوا في السلك التربوي، وخرّجَ الأجيال، والأستاذ جاسم آل موسى. كذلك لا ننسى الخطباء والأدباء رحمهم الله، كالحاج الملا عبد الرسول السهلاوي، والحاج الملا محسن سليم، فدواوين أشعارهم تُذكر في كل محفل من المحافل الدينية.
إن مررت بجانب السهلة ودورها
فحيّيها بالسّلام قبل أن تزورها
هذا ليس كلّ شيء، وإنّما قليل مما خطّته أناملي، عندما تحركت الذكريات بداخلي، فسارعت بكتابة ما كتبت، ولعلني أتوفق لكتابة بحث أوسع لاحقًا، عن قريتي وقرى بلادي الأخرى، الزاخرة بالتاريخ العريق، على جميع المستويات.
25 أبريل 2015
No comments:
Post a Comment