غلب الاهتمام بالحصول على شهادة عالية في تخصص ما من أجل الحصول على وظيفة مناسبة على الاهتمام بتحصيل العلوم والارتقاء بها، فصار الهم الأول هو الوظيفة المرموقة، عن طريق الشهادة العالية، عن طريق العلم، فصار العلم وسيلة لما هو أقل منه.
بينما الأجدر بالإنسان أن يتعلم من أجل العلم، ومن أجل الارتقاء بالإنسانية، وفي هذه الحالة يمكنه تجاوز مرحلة الوصول لمرحلة ما من أجل الوظيفة المرموقة والراتب المرتفع، فإذا كان العلم همك فهو لا ينتهي، وقد قال تعالى: "وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً" [الإسراء:85]، وهذا دليل واضح على أن الباحث عن العلم ليس بوسعه التوقف عن طلبه مدى الحياة فهو لا ينفد، وقد قال تعالى: "قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً" [الكهف؛ 109].
إذا كنت تفكر في الرزق فهو مقسوم، ولا يعد عيباً سعيك في توسعة الرزق، والتوسعة على عيالك، لكن ذلك لا يعني ضياع كل العمر جرياً خلف الجاه والمال والوظيفة المرموقة، فالإنسان أرقى بكثير من الوقوف عند هذا الحد، لأن طاقاته أكبر كثيراً من ذلك، وليس أوضح بياناً من قول أمير المؤمنين (ع): "وتزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر".
ولم نسمع يوماً أن السعي من أجل العلم يمنع الرزق أو يقلله، بل هو طريق كما اتخذه البعض للتوسعة على أنفسهم، ولكننا نقول أن الأول وضع سقفاً، وعلى الأغلب فهو سيقف عنده، أما الثاني ففتح الآفاق أمامه، فيمكنه الوصول لسقف الأول وتجاوزه والانطلاق بعيداً في آفاق العلم. وحتى نظرة الثاني للعلم تكون أفضل وأكبر وأوسع من الأول عادةً.
فلننظر الآن لحالنا في البحرين، وهو حال الأغلبية من الناس حسبما أزعم..
نولد فندخل رياض الأطفال عند الرابعة تقريباً.. ثم المدرسة ما بين السادسة والسابعة.. ثم نستمر حتى نكمل الثانوية على حدود الثامنة عشرة.. وكل ما مضى نكون فيه مقيدين بنسبة تتجاوز التسعين بالمائة.. ثم الجامعة لسنوات لا تقل عن أربع.. والأغلب تنتهي دراسته هنا أو قبل ذلك.. انتهى المشوار الدراسي هنا..
ندخل مجال العمل ونظل نعمل ونسعى، ومن أول يوم عمل نفكر في سن التقاعد.. ونكمل مشوار قتل الإبداع.. ثم نفكر في معاش تقاعدي مناسب ليسد حاجتنا وحاجة أولادنا.. ثم نحيا حتى نموت..
والسؤال: ماذا قدمنا لأنفسنا؟ والمجتمع؟ والأمة؟
14 يونيه 2014
No comments:
Post a Comment