Saturday, June 25, 2016

محمد يوسف العرادي // علياً عليه السلام في صفحات التاريخ ... إستثناء وسر عظيم




عُرف العرب بالفصاحة فجاء القرآن المعجز ليقدم نموذج التحدي الذي هو من كلماتهم 
وثقافتهم ولكنهم أصبحوا عاجزين عن الإتيان بمثله ولو أجتمع كبرائهم وحكمائهم { إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ(18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقَالَ إِنْ هَٰذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هَٰذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} هذه نتيجة العجز عن الإتيان بمثل كلمات القرآن ، فكان السحر نجاة من الهزيمة ، مثل ما قالوا في الرسول صَل الله عليه وآله ووصفوه بالسحر وغيرها من الاوصاف ... لعجزهم عن الوصول لمكانته العظيمة من الشرف والعفة والأمانة وصدق القول والعمل ، فحاربوه حقداً وحسداً من عند أنفسهم ، فكان الله ناصر عبده ومؤيده بصالح 
المؤمنين علياً عليه السلام والملائكة بعد ذلك ظهير ...

نهج البلاغة كتاب جمعه الشريف الرضي محمد بن أبي أحمد الحسين الهاشمي العلوي 
واختاره وانتخبه من كلام أمير المؤمنين عليه السلام ، قال الشريف الرضي في مقدمة نهج البلاغة [ ورأيت كلامه عليه السلام يدور على أقطاب ثلاثة : أولها الخُطب 
والأوامر ، وثانيها الكتب والرسائل ، وثالثها الحكم والمواعظ ]

وفي الحقيقة لم يتحمل الحاقدين بلاغة أمير المؤمنين عليه السلام فذهبوا إلى أنه من 
كلام الشريف الرضي غير أن الخطب التي جمعها الشريف الرضي موجودة في بُطُون الكتب والمراجع من قبل أن يولد الشريف الرضي ، هناك فئة من الحاقدين في التاريخ لا تستسيغ سماع كلام أمير المؤمنين عليه السلام لانه محك أولاد الحلال ، ومن جانب أخر يجعل نجم أمير المؤمنين عليه السلام فوق كل الصحابة ، لم يشهد التاريخ بلاغة كبلاغة علياً أمير المؤمنين عليه السلام ، لقد كان ومازال استثناء في كل شيء ، أعدالكم علي ، أقضاكم علي ، أعلمكم علي ، أشجعكم علي .... وماذا بعد ؟ 

قال ابن عباس { نزل في علي أكثر من ثلاثمائة آية في مدحه } ينابيع المودة .
وقال رسول الله صَل الله عليه وآله { إن القرآن أربعة أرباع ، فربع فينا أهل البيت خاصة ، وإن الله أنزل في علي كرائم القرآن } شواهد التنزيل .

هناك مقارنة جميلة ومنصفة قالها أبن أبي الحديد المعتزلي شارح كتاب نهج البلاغة 
حيث قارن بين أمير المؤمنين عليه السلام وبين العرب قاطبة والصحابة وجاء كلامه بعد الخطبة المعروفة بخطبة الأشباح في صفة الملائكة { إذا جاء هذا الكلام الرباني ، واللفظ القدسي ، بطلت فصاحة العرب ، وكانت نسبة الفصيح من كلامها إليه ، نسبة التراب إلى النُضار الخالص ، ولو فرضنا أن العرب تقدر على الألفاظ الفصيحة المناسبة ، أو المقارنة لهذه الألفاظ ، ومن أين لهم المادة التي عبّرت هذه الألفاظ عنها ؟ ومن أين تعرف الجاهلية بل الصحابة المعاصرون لرسول الله صَل الله عليه وآله هذه المعاني الغامضة السمائية ، وليتهيأ لها التعبير عنها ! أما الجاهلية فإنهم إنما كانت تظهر فصاحتهم في صفة بعير أو فرس أو حمار وحش ، أو ثور فلاة ، أو صفة جبال أو فلوات ونحو ذلك

وعندما يقارنه بالصحابة يقول { وأما الصحابة فالمذكورون منهم بفصاحة إنما كان منتهى فصاحة أحدهم كلمات لا تتجاوز السطرين أو الثلاثة ، وأما موعظة تتضمن ذكر الموت أو ذم الدنيا ، أو ما يتعلق بحرب وقتال ، من ترغيب أو ترهيب } وبعد ذلك يخرج ابن الحديد بنتيجة تفسر تلك البلاغة السماوية { فأما الكلام في الملائكة وصفاتها ، وصورها وعباداتها ، وتسبيحها ومعرفتها بخالقها وحبّها له ، وولهها إليه ، وما جرى مجرى ذلك فإنه لم يكن معروفاً عندهم على هذا التفصيل ... ولقد ثبت أن هذه الْأُمُور الدقيقة في مثل هذه العبارة الفصيحة ، لم تحصل إلا لعليّ وحده } شرح النهج الجزء الأول .

أمير المؤمنين عليه السلام عظيم لا تكفيه الكلمات ، وعظمته أخذت حتى قلوب المسيحيين ، يقول ميخائيل نعيمة { إنه ليستحيل على أي مؤرخ أو كاتب ، مهما بلغ من الفطنة والعبقرية ، أن يأتيك حتى في ألف صفحة بصورة كاملة لعظيم من عيار الإمام علي ، ولحقبة حافلة بالأحداث الجِسام كالحقبة التي عاشها ، فالذي فكره وتأمله وقاله وعمله ذلك العملاق العربي بينه وبين نفسه وربه لَمِمّا لم تسمعه أذن ولم تبصره عين
أين ومتى ما تتصفح كتاب التاريخ بكل العصور ستجد علياً أمير المؤمنين عليه السلام ماثلاً أمامك بأجلى صور الفضيلة والتقوى والعلم والشجاعة ، إنه في ضمير  كل حي توجد صورة له عليه السلام ، فهو الفطرة التي فطر الناس عليها .


25/6/2016

No comments:

Post a Comment