Friday, March 28, 2014

عقاب تلاوة القرآن

بينما كنت أصلي في مسجد إحدى المناطق، لفتني صوت جهور لطفل كان يقرأ فاتحة الكتاب..

قرأ الفاتحة وأتمها ليُعرج على سورة الفيل بينما الجميع منشغلون بصلاة الجماعة مع الإمام..

أنهيتُ صلاتي وبقيت أراقب الطفل الذي ما إن انتهت النسوة من صلاتهن مع الإمام حتى بدأ بعضهن بنهر الطفل عن (اللعب بالقرآن!!).

نظرت للطفل..
كان عمره في حدود 5-6 سنوات.. جلس على كرسي الصلاة ووضع القرآن على موضع السجود وصار يقرأ بحروف فصيحة سورًا حفظها عن ظهر قلب..

لم أفهم متى وكيف لعب الطفل بالقرآن؟! وكيف من المفترض أن تكون علاقة أطفالنا به..

هل قراءة القرآن وتصفحه لعب منهي عنه!! لماذا نحرم عليهم أن يتصفحوا كتاب الله؟
وكيف من الممكن أن يألفوه -والحال هذه- ويكون قريبا منهم؟

لا أدعو للقبول ببعثرة القرآن أو الاستهتار في التعامل معه، ولكن ذلك الموقف جعلني أتفكر في شعور هذا الطفل الذي تم نهره لأنه يقرأ القرآن في المسجد بعد أن وضعه على موضع السجود بكرسي الصلاة!!

ألن يتسائل عن الخطأ الذي اقترفه؟ مصيبة إن ترجم الطفل أن حمله للقرآن وترديده لآياته كان خطأً استحق عليه النهر علنًا..
كان الأجدر بنا جميعًا أن نثني على قراءته الفصيحة للآيات وعلى حمله السليم للقرآن، لكن الغريب أن بعض النسوة اللاتي انتهين من صلاتهن التفتن للطفل ونهرنه مباشرة من غير أن تنظر واحدة منهن حتى لكيفية حمله للقرآن أصلا!!

أعتقد أنه من الواجب علينا تحديد الأولويات في وضع أسس العلاقة بين الجيل الذي نربيه وبين القرآن باعتباره الدستور الأول في حياة الفرد والأسرة والمجتمع..

هل نريد للقرآن أن يكون الكتاب المقدس الذي لا يجوز حمله إلا بعد الوضوء والتأهب والاستعداد والعدة؟
هل نريد أن يكون الملجأ والمعلم؟

إذن فكلما صار أمام أطفالنا فلنتصفحه.. ربما في البدء رددوا آياته القصار اللاتي يحفظونها ولاحقًا قرأووه ليخلق في أنفسهم حب معرفته.. وجرأة السؤال عن محتواه وفضول النهل من معينه؟!

بعيدًا عن القرآن.. أضع تساؤلًا آخر وأعني به نفسي قبل غيري:

كم عددِ المرات التي نهرنا فيها أطفالنا رغم عدم ارتكابهم لأي خطأ سوى أنهم تصرفوا بطريقة لا نريدها ولا تتوافق مع حالة المثالية المستحيلة التي نطالبهم بها؟

نحن مطالبون حقًا بمراجعة سيل الأوامر والنواهي التي نعنف على أساسها أطفالنا كل حين..

نحتاج لمراجعة (الرسالة) التي نتركها بنفوسهم بعد كل تعنيف وزجر، ولنقيِّم صلاح أو سوء تلك الرسالة ولنصححها رحمة بنا وبالجيل الذي نربيه.

إيمان الحبيشي
23 مارس 2014

عندما تكون المرأةُ آيةً

في ماذا تختلف عن الرجل؟

في ماذا تختلف عنه غير بروز خاص في بعض أنحاء جسدها؟ وإذا ما أتاحته لنواظر الناس فإنها تنحدر عنه إلى مستوى مخلوقات أخرى لا تكترث بظهور عوراتها، وفي تصوري أنها لو تمكنت من سترها لتفوقت في هذا البعد على إمرأة تتعمد إظهار ما يثير الرجال، بل وحتى بعض المرضى من النساء!

فلنترك مواطن الوباء والإنشغال بها..

تعالوا أيها الأصحاء إلى المرأة العفيفة الرزينة الطيبة العاقلة، ولنحاول التعرف على شيء من كنوزها التي جعلها الله تعالى وجهًا لآية من آياته العظيمة..

هذه المرأة الرائعة تحتفظ وتحافظ على جمالها الخاص وتمنعه حتى عن أمها التي ولدتها فضلًا عن غيرها من أخت وصديقة، فهي لا تقبل وبرفض جاد حاد أن ينظر أحدٌ إلى ظِلِّ ما خصها الله تعالى به، ويصل انزعاجها إلى أن التطاول عليها بنظرة خاطفة قد يؤدي بها إلى سهر في ليل ترطبه بدموع الأسى، ولا أبالغ أبدًا، فتلك هي العفة التي تشتاق إليها القلوب التي ورثت طهارة الزهراء (عليها السلام)..

هذه المرأة نفسها وبكلمة واحد تقولها ويعقبها رد من رجل.. (زوجتك نفسي على صداق وقدره كذا)، فيقول هو: (قبلت)..

عندها، تنطلق في طريق العطاء وتقديم الخير لهذه الدنيا..

تتحول بحيائها الرائع إلى مرحلة جديدة يكون فيها الرجل الزوج قطعة معنوية من أنوثتها، وهذا من أعظم ما تقدمه المرأة لهذا المجتمع، ولسان حالها يقول: تعال أيها الزوج الحبيب لنعلن مسؤوليتنا الرسالية من بوابة الحب والمودة والرحمة..

(وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)..

هذه المرأة الجميلة تمتلك القدرة والإستعداد والمرونة لإحداث تغيرات حقيقية في بعض طباعها وجوانب من شخصيتها من أجل أن تصل إلى درجة معينة من التوافق مع زوجها، كما وأنها تمتلك أضعاف تلك القدرة والإستعداد لتغيير زوجها ومساعدته في صياغة شخصية مقبلة على آفاقِ حياة جديدة يُنْتَظَرُ منها أن تكون نواة خير يتلقاها المجتمع.

كل ما عليك أيتها المرأة العظيمة هو أن ترجعي إلى فطرتك.. إلى طبيعتك طبيعة الحياء والعفة والحشمة..

تواصلي مع المجتمع وقدمي إبداعاتك الثقافية والفكرية، ولكن لا تسمحي لعين مريضة أن تسرح وتمرح في أنحاء ما ميزك الله به من خصوصيات، وكوني على ثقة تامة أن لهذا المستوى الراقي من العفة علاقة اطراد مباشرة مع الصحة النفسية لكِ ولأسرتِك..

أنتِ وجه رائع لآية إلهية بالغة، فلا تقبلي أن تكوني أقل من ذلك..

انظري في كتاب الله تعالى وفي أحاديث أهل البيت (عليهم السلام) لتتعرفي على نفسك بدقة لا يفهمها غير من يتصل بالثقلين اتصالًا رفيع المستوى، وهنا أختم بما وُصِفَ به خروج الزهراء فاطمة (عليها السلام) لإلقاء خطبتها الشهيرة..

"لاثت خمارها على رأسها، واشتملت بجلبابها، وأقبلت في لمّة من حفدتها ونساء قومها، تطأ ذيولها.."

أولًا: (لاثت).. يعني شَدَّتْ وعَصَّبَتْ.

ثانيًا: (اشتملت بجلبابها).. يستظهر من الترتيب أن اشتمالها بالجلباب كان بعد شدها للحجاب على رأسها، وهذا يعني أن تلابيب الخمار كانت تحت الجلباب، وفي ذلك مراعاة راقية جدًا لمظاهر العفة والحشمة.

رابعًا: (تطأ ذيولها).. من طول اللباس من جهة وثقل مشيتها من جهة أخرى.

إنها الزهراء (عليها السلام)، وأنتِ ابنتها..

محمد علي العلوي
26 مارس 2014

لا تفعل ما لا يليق

كان هذا الأسبوع مليء بالإستقالة أو الفصل من العمل لأسباب مختلفة.. من ضمنه فصل موظفة كانت تعمل في الشركة لأكثر من خمسة عشر عام.

عملية الفصل بالذات عملية قاسية مهما كانت الأسباب.. وقساوتها لا تقتصر في عملية الفصل الجافة جدا.. فالخمسة عشر عاما من الخدمة والتعامل مع أفراد الشركة والتي تتكون معهم علاقة زمالة وصداقة يتم قطعها في لحظة واحدة وبدون أن يتم لحاظ تلك الخدمة أو العلاقات لهذا المفصول. ولا تقتصر القساوة حين الفصل بل يتعداها لما بعد عملية الفصل حيث أن حياة المفصول عن العمل تنقلب رأسا على عقب بعد فصله..

أعود لفصل الموظفة ذات الخمسة عشر عام من الخدمة والتي تدرجت في عملها من عاملة إلى موظفة في قسم خدمة العملاء.. كان سبب فصلها هو السرقة.

نعم السرقة!

ما حدث هو أن بعض الموظفين مخولين لأن يذهبوا إلى المحلات القريبة لشراء بعض المستلزمات للعمل.. وبعد تحري موظفة المشتريات اكتشفت أن زميلتنا قد قامت بوضع ما اشترته من مستلزمات على حساب موظف آخر. قامت موظفة المشتريات بإبلاغ مدير المصنع والذي قام مباشرة بالإتصال بالموظفة وسؤالها إن اشترت أية مستلزمات في ذلك اليوم.. وبكل جرأة نفت أنها ذهبت للشراء!

بعد مواجهتها بالحقيقة تم فصلها مباشرة.. وفي لحظة "كشف" تم إعدار وسحق خمسة عشر عام من الخدمة..

السرقة في العمل أنواع وأشكال.. فمنها مثالنا السابق.. ومنها سرقة الوقت في العمل أي أن يقوم الموظف بإهدار أوقات من عمله في أموره الخاصة.. ومنها استخدام معدات العمل لأمور خاصة كاستخدام كمبيوتر الشركة في التواصل على شبكات التواصل الإجتماعية.. وغيرها الكثير..

يحتاج الموظف إلى مراجعة دورية بينه وبين نفسه يراجع فيها ما يقوم به من أمور قد تكون خاطئة وهو غير ملتفت لها أو متهاون فيها.. المراجعة الذاتية مهمة جدا بل ضرورية.. فما أقبح أن يتم فصلك بعنوان السرقة.

تذكر.. لا تفعل ما لا يليق بك كإنسان.. في أي موقع.. في أي وقت.. لوحدك كنت أو مع الآخرين.. فكرامتك التي كرمك الله بها أمانة في عنقك.. فلا تهدرها.

ز.كاظم
28 مارس 2014

اتباع أحسن القول

قال تعالى :(الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه).

في هذه الآية الكريمة دعوة لاتباع أحسن القول، فيتضح أن هناك درجات للأقوال، فهناك القول السيء، وهناك الأسوء، وهنالك كذلك الحسن، والأحسن، والآية الكريمة تدعوا لاتباع أحسن القول بعد الإستماع لكل الأقوال.

قد يقول قائل أن القول المراد استماعه هو القول الحسن فقط، بينما أرى أن المقصود هو مطلق القول، فكيف يمكنني أن أحدد القول الأحسن لأتبعه، إذا لم أستمع لكل الأقوال؟ وكم من الأقوال الحسنة والآراء السديدة سوف أخسرها بتجاهلي لها؟ وكيف سأحدد أن هذا القول هو الأحسن لأتبعه، دون الإطلاع على كل الأقوال؟ هذه الأسئلة وغيرها توضح الحاجة للإستماع لكل الأقوال.

قد يجرنا ما سبق لأن نذكر المؤمنين بأن ينظروا لما قيل، وليس لمن قال، فقد نعتبر قول فلان سيئا فقط لأنه من المخالفين مثلا، بينما عند استماعنا إليه نجد أن قوله سديد، وهو القول الأحسن، والأولى بالإتباع، وكما ورد عن أهل بيت العصمة والطهارة: "الحكمة ضالة المؤمن"، ولذا نجد المؤمن يبحث عن الحكمة أينما وجدها، ولو دققنا سنجد أن ما نأخذه من أقوال الكفار والمنافقين ليس بقليل، وهذا ليس سيئا في ذاته، فالقول الأحسن أولى بأن يتبع.

أما الإستماع فهو مختلف عن مجرد السماع، فهو يستلزم الإنتباه والفهم وليس مجرد السماع الخالي من الإنتباه والفهم، فهو أعلى من مجرد السماع.

بالنتيجة نجد أننا نحتاج لأن نستمع لكل الأقوال والآراء الموجودة حتى نستطيع تحديد القول الحسن، وتحديد الأحسن فنتبعه، بعد أن حددنا السيء والأسوء فتركناهما، وذلك يتضح لنا من الآية الكريمة، فالمرحلة الأولى هي الإستماع، والمرحلة الثانية هي تحديد مدى حسن القول ومرتبته، والمرحلة الثالثة الخضوع للقول الأحسن واتباعه.

محمود سهلان
28 مارس 2014

هي بميزان الله

قال تعالى في كتابه: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}

كحبة رمل في صحراء شاسعة، لا يحسب لها اعتبار ولا وزن ولا قيمة، تُتَجاهل ولا كأنها موجودة، وكيف بنا أن نحسب لها اعتبار أو وزن وهي لا ترى بالعين المجردة لدقة حجمها، تشبيه دقيق شبهه الخالق (عز وجل) لكل أعمال الإنسان التي يعملها سوء أكانت من الأعمال الخيرة او الأعمال الشرة.. أكانت صغيرة أو كبيرة باعتبار التضمن إذ أنه عز وجل إذا كان يجزي الإنسان بمثقال ذرة خير خيرًا وبمثقال ذرة شر شرًا فحتمًا يجزي الإنسان بمقدار ما هو كبير كذلك.

نعم، بميزاننا الدنيوي اليوم لا نقدر لهذه الذرة وزنًا ولا اعتبارًا، ولكن بميزان الآخرة لكل عمل قدره ووزنه وبمثقاله بما هو من خير أو شر، قد تكون اليوم ابتسامة.. قد تكون اليوم كلمة.. قد تكون اليوم حركة جسدية بسيطة تؤثر في قلب الإنسان المقابل إيجابًا وتدخل ولو الجزء البسيط من الفرح والسرور في قلبه، بالرغم أن هذه الإبتسامة العارضة ومن الممكن أن تكون غير محسوبة لكنها تساوي وبمقدار ما عملته وأثرته في قلب هذا الإنسان وزن يثقل كفة الخير في وزن الأعمال.. هي إبتسامة لا يراها الناس محط تقدير على فعلها أو لها وزن خاص في المجتمع فهي مجرد ابتسامة، لكنها وإن كانت كذلك فهي محسوبة في ذلك اليوم ومسجلة في ذلك الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة (خيرًا كان أو شرًا) إلا وأحصاها {مَالِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}.

وفي المقابل كذلك قد تكون نظرة منا لشخص تؤثر سلبًا على قلب أحدهم. نعم غير محسوبة هنا في دنيانا ولكنها في ميزان الله ميزان الحق الميزان الذي يؤثر فيه كل عمل ولو كان بمقدار ذرة محسوبة.. وترفع كفة الخير وتثقل وتنزل كفة الأعمال الشرة التي يعملها الإنسان.  وكم من الأعمال الأقل دقة والغير متوقعة غدًا نُسأل عنها في ساحة الحشر. من المؤكد أن لهذه الأفعال أسباب جعلت هذا الفاعل إما أن يفعل فعلًا حسن أو فعل قبيح، فلنفترض أن هذا الإنسان خارج من منزله -وفي منزله توترت العلاقة بينه وبين زوجته- ومر أحدهم فنظره بازدراء من غير قصد ولكن لأنه متوتر وفاقدٌ لأعصابه.. هنا تكمن قضية وهي قضية امتحان للمؤمن إذ أنه من المفترض عليه أن لا يخلط بين الأمور ويكون متغاضيًا عن ما يحدث له في مكان وما يحدث في مكان آخر لا الخلط بين الأمور.

وراءنا حساب وكتاب إخوتي، وراءنا وقوف بين يدي الباري عز وجل، الأمور الخيرة جدًا بسيطة وهي بعين الاعتبار عند رب الكون، لا نفوتها لنذكر أنفسنا بها دائمًا لنجعل الخير نصب أعيننا ونسعى لتحصيله، إبتسامة، نظرة أمل وتفاؤل تنظرها أخيك، حركة معينة تفيد احترام وتقدير للآخر. هذه وأعمال انت أعرف بها كلها تثقل ميزاننا للجنة إن شاء الله فلنتجنب ما يقابلها وإن فعلنا فلنعاقب أنفسنا ونحاسبها كله لرضا الله سبحانه.

هذه نصيحتي لي أولًا ولكم وأنتم أدرى بها .. فلنعاهد الله ورسوله وأهل البيت ونجعل الخير دائمًا وجهتنا ونتسم دائمًا به ولا يعرف الشيعة إلا به..

علي العلوي
23 مارس 2014

تسوية الصراعات (٢)

نكمل ما بدأناه في موضوع تسوية الصراعات..

الحلقة الثانية:

طرق تسوية الصراع.. ثلاث إستراتيجيات:

١/ التركيز على القوة:

في هذه الحالة، عادة ما يفوز الطرف الأكثر قوة.

إن صاحب القوة -كما قلنا- يصبح هو صاحب الحق، وهذا هو موقف فائز / خاسر، ولكن يظل الصراع قائمًا؛ لأن الخاسر سيظل يشعر بالإستياء والغضب، وهذا النهج التنافسي يستخدم صاحبه الخدع والتكتيكات التي تجعل المنافسة غير عادلة، وينبع من موقفه في الحياة الذي يتبنى مبدأ أنا المصيب وأنت المخطئ على الدوام، وإذا كان الطرفان متساويين تمامًا في القوة، قد ينتج عن هذا كارثة وهي موقف خاسر / خاسر، حيث لا يحقق أي من الطرفين أية مكاسب.

٢/ التركيز على الحقوق:

في هذه الحالة، تخضع القرارات للمتطلبات القانونية أو للثقافة السائدة لدى الطرفين المتنازعين، ويمكن هنا الوصول إلى اتفاق بطريقة ما، ولكن هذا لا يضمن تسوية الصراع بأي حال من الأحوال، والحقيقة هي أنه بعد اتخاذ القرار يمكن أن يظل الطرفان على حالهما من عدم الرضا.

٣/ التركيز على المصالح المشتركة:

لأن كلاً من الطرفين المتصارعين يعتمد على الآخر، وعليهما أن يستمرا في التعايش والعمل معًا، فإن الإتفاق الذي يتم التوصل إليه من خلال إدراك المصالح المشتركة بينهما يمكن أن يؤدي إلى التوصل إلى حل مرض للطرفين في أغلب الأحيان، وأن كلا الطرفين يجني شيئاً ما، وهذه علامة على حل حقيقي للصراع، لأن الطرفين يستمران في العمل معًا بفاعلية بمجرد أن يتم تسوية الصراع.

نكتفي بهذا القدر.. وإلى حلقة قادمة نتطرق فيها إلى أساليب تسوية الصراع.

فإلى اللقاء..

أم علي
22 مارس 2014

Friday, March 21, 2014

الحقيقة واحدة والرؤى قد تتباين

يقال أن حقيقة الأشياء صفة من صفات الأحكام، وأحكامنا نتاج لما يختلج في نفوسنا ثم يصل إلى أذهاننا فنصرح به للتعبير عن ما نراه واقعًا، وسواء كان مطابقًا للواقع أم مخالفًا له، يبقى رؤية خاصة يزعمها صاحبها حقيقة.

إذن، حقيقة الأشياء هي تطابق ما في الأذهان على ما في الأعيان، لذلك قد يأتي أحدهم ويصف ذات الموقف بطريقة مغايرة لما وصفته أنت، فما تمتلكه نفسك من ثقافة تختلف عما يمتلكه الأخر، ولذلك يتغاير رسم الصورة الذهنية.

مضمون هذه الصورة يكون صادقًا بالنسبة لصاحبها حتى يثبت خطؤها أو يتجاوزها إلى معرفة أدق، ولأنها كذلك، نرى البعض يدافع بشراسة عن أحكامه وأرائه، بل ويهاجم وقد يصل إلى درجة تسقيط الآخر حتى يثبت فقط صوابية رأيه وأحكامه..

كيف لا وهذه الأحكام كونتها قناعات رسخت في ذهن صاحبها، ورسمت مواقفه وأحكامه، هذا وانهيارها يعني انهيار ما ترتب عليها، مما قد يسبب هزة نفسية عنيفة خاصة إذا كانت القناعة الخاطئة تتعلق برسم صور الآخرين في الذهن ومنها تتحدد العلاقات.

لتجنب ذلك كله علينا أن نعي أولًا أننا قد نمتلك الكثير من القناعات الخاطئة المبنية على أسس ثقافية خاطئة اكتسبناها بشكل من الأشكال، وحينها ستكون حقائقنا مجرد احتمالات قد تصيب وقد تخطئ، وسنجد مساحات واسعة للبحث والتحليل المنطقي لتقبل آراء الآخرين في محاولة لتفهمها، وحين يثبت لنا أننا على خطأ، سنكون على أتم الإستعداد للتراجع وبكل مرونة وسعة صدر.

نحتاج كثيرًا إلى هذا النمط المنطقي في التفكير لنفتح لعقولنا آفاق أوسع للتفكر مع أنفسنا اولاً، ومع المحيطين ثانيًا، لنستطيع خلق أجواء راقية من الحوارات والنقاشات الدافعة إلى تطورنا كأمة وصفت بخير الأمم، ونوفر كل طاقاتنا الهجومية إلى كل من يريد لها أن تكون غير ذلك من خلال استمرار الصدامات.

أم حسين
20 مارس 2014

غصة المناسبات

خلال العقود الأربعة الأخيرة دخلت على مجتمعنا الكثير من العادات والتقاليد الغربية. وكعادة مجتمعنا فإنه يتلقف العادات بسرعة كبيرة حتى تصبح شائعة ونافذة على جميع أفراده. وليس بغريب على من تجاوز عمره الأربعين أن يتعجب من أمور كانت في عداد العدم أيام طفولته، لكنها أصبحت عادة مترسخة في مجتمعه في كبره.

يصاحب هذه العادات الدخيلة كم هائل من الإعلام والترويج وربما تم إقحام الآيات القرآنية والأحاديث العتروية دعما لهذه العادات.

ومن هذه العادات الإحتفاء بالمناسبات. عيد الميلاد، عيد الزواج، عيد الأم أو الأسرة، وغيرها من الأعياد والمناسبات.

ومع ترسخ هذه العادات في المجتمع تنشأ معها عدة أمور أتطرق إلى أمرين:

1. الإلزام:
وهي حالة تصاحب العادة بحيث يعيش الناس إلزاما معينا تجاه المناسبة. فلابد من إبراز مظاهر هذه العادة من التبريك وإقامة إحتفال وشراء الهدايا. وقد يشكل هذا الإلزام ضغوطا نفسية ومادية على الإنسان. ويا ويلك ويا سواد ليلك إن نسيت!

2. المقياس:
وأيضا يصاحب الإحتفاء بالمناسبة حالة يخلقها الناس مع المناسبة فتصبح مقياسا للتعبير عن اهتمام وحب وتقدير الآخرين بصاحب المناسبة. فإذا نسى الآخرون فذلك دليل على عدم اهتمامهم وتقديرهم لصاحب المناسبة. وكلما كان مظهر الإحتفاء كبيرا كلما كان دليلا على التقدير والإهتمام والحب، والعكس صحيح.

دار حوار بيني وبين أخي بعد أن تحدثت معه حول هذه المقالة، فسرد ما حدث معه:

" طبعًا الموضوع ما بتكلم عنه لأن فعلًا يزوغ المر.. أمس رحت بيت أبويي وبنات اختي جايبين هدية لأمي.. طلعنا العصر وأولادي في قلوبهم غصة..

بابا تفشششلنا وااااجد واتمنينا لو اليوم ما جينا"

العجيب في الإحتفاء بهذه المناسبات أنها دخلت وروجت لتدخل السرور في قلوب الناس، لكنها أصبحت في بعض الأحيان غصص يتجرعونها.

ز.كاظم
21 مارس 2014

هوس الجن والمس.. ثقافة مزرية

يطرقون أبواب العرافين ومن يدعي أنه اكتسب من العلم علمًا يجعله يطلع على خفايا الأمور وأسرار النفوس فيكشف عمن حسد صاحبه ومن حاك لقريبه أمرًا..

سنوات طويلة يقضيها البعض متبخرًا ببخور مقروء عليه ومتدرعًا بحرز خاص وجب عليه أن لا يعرف محتواه..

أموال طائلة أهدرت، وعلاقات استنزفت، وجهد بذله الباذلون ليفكوا طلسمًا تعسر حاجةً أرادوها أو علاقةً فشلوا فيها، أو مصدر رزق تعسر عليهم فتحه.. أو ذريةً حرموا منها..

لست بصدد الدخول في حقيقة (السحر ومس الجان أو حتى مناقشة إمكانية الحسد) لأني أدرك أن هذا الموضوع بمثابة القلعة الحصينة الملئى بالدهاليز، وأخشى كثيرًا أن نتوه بينما نحاول التفكير معًا في تشخيص مشكلة ما ومن ثم التفكر ربما في حلها..
لذلك دعونا نفكر قليلًا في كم القصص من حولنا والتي كان للسحر والجان حضور فيها..

(١) علاقة زوجية اطلعت عليها عن قرب.. بدأت بتجانس جيد، وكعادة العلاقات الجديده كان الزوجان يخوضان مخاضًا للخروج بخارطة طريق حياتهم الزوجية القادمة..

سوء فهم عابر.. زعل خفيف و.. وبدلًا من محاولة رسم تلك الخارطة انشغلت الزوجة بفكرة سيطرت على كل فصول العلاقة (هناك من يريد بنا سوءًا)!!

طرقت أبوابًا ما أنزل الله بها من سلطان..

تواجدت عند أحدهم وفور بداية (القراءة) هزت رجلها وأيديها فصرخ الشيخ: (هاااا.. صدناه)!
همس للزوج (زوجتك مصابة بمس، فأحد أقاربها الذي أرادها زوجةً دونك وضع ما وضع لها في الشراب)!!

كل التجانس الذي كان واضحًا للعيان في علاقتهما (تقارب في: السن/ الإلتزام الديني/ المستوى الإجتماعي والثقافي)، ضُرب بعرض الحائط من قبل تلك الزوجة، فصارت تطرق الأبواب تلو الأبواب، وتستنرف الأموال تلو الأموال، ورغم إنجاب الأطفال، إلا أن وهمًا سكن تلك الزوجة فأنساها زوجها ومنزلها، حتى إذا طرقت باب أحد ليخبرها أنها تتوهم، كانت تعربد: إنه (لا يفقه شيئًا) وإنها لا بد أن تطرق أبواب آخرين.. وفي كل تلك الغمرة فقد الزوج مشاعره تجاهها وأعلن عن استسلامه في مواصلة التجديف بقارب مثقوب ربانه منتش لا يقوى على التفكير.. فوقع الطلاق.

قد أستنزفُ الكثير من الوقت بينما أتلو على مسامع حضراتكم قصصًا مشابهة، لا تتشابه فيها فصول الحكاية بقدر ماتتشابه فيها هلوسات الوهم واليأس وربما الجهل..

في اعتقادي أنها مشكلة ذات ركنين أو لنقل ثلاثة أركان:

- الركن الأول: (إنسان بأرضية مستعدة جدًا لتلقي بذرة الهوس.. هوس الإبتلاء بالجان والسحر، بل لربما كان هذا الإنسان صاحب البذرة والزرع أصلًا نتيجة عملية تربوية قائمة على علاج الحمى بكسر بيضة! واستدعاء وقوع الطفل (الطبيعي جدًا) الذي للتو يخطو أولى خطواته للبخور وحرق الأسماء!)

- الركن الثاني (إنسان يعيش نشوة القدرة على حل مشكلات الناس، فعن طريق حرز يكتبه يكون له الفضل في علاج مشكلة زوجين وحماية كيان أسرة أو -وأستغفر الله مما أقول - يكون له الفضل في أن ترزق أسرة ما بالذرية، وربما امتزجت تلك النشوة بحب المال والشهرة إلا من رحم ربي..

وربما كان ركنهم الثالث مجتمعنا الذي لا زال ينتفض خوفًا من الجن والمس والسحر فيتورع حتى عن مناقشة الأمر لئلا يبتلى به، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لاحتفاءه بمن ادعى العلم بعالم مجهول غامض طمعًا في أن يخرج أحدهم من محنته التي لطالما أعيته.

أكرر، لست هنا بصدد مناقشة حقيقة تلك الأمور أو القدرات، لكني أناقش مشكلة (تعامل) البعض معها.

ترى ما حقيقة المرض؟ أو تعسر الرزق؟ أو الحرمان من الذرية؟ أو عدم التوفق للزواج؟ 
أليست هي مجموعة ابتلاءات قد يبتلى بها أي إنسان مؤمنًا كان أم فاسقًا؟ كبيرًا كان أم صغيرًا؟

أوليس الأجدر بنا أن نجتهد لنغير واقعنا المعاش الذي لم يعد يرضينا؟!

إذًا، فعلام الركون لزيد وعمرو ليضع يده على رأسنا أو ليبخرنا أو ليقرأ طلاسمه علينا؟!
لست متبحرة في الدين ولا أدعي فيه علمًا، لكني وبفهمي البسيط القاصر أدعي وبكل ثقة أن تصريح الله لنا (فإني قريب أجيب دعوة الداعِ إذا دعاني) هي كلمة فصل في أننا لا نحتاج لعراف ولا مستفتح بكتاب، إنما نحتاج للعمل والرضا والقرب من قاضي الحاجات مفرج الهموم دافع الكربات..

نعم قد نحتاج لمن يرشدنا.. لمن يسمعنا.. لمن يتفهم ما نعانيه، ولكن يجب أن تبقى تلك الحاجة حبيسة حدودها وإلا تحولت لوهم قاتل يلتف حول كل جميل في حياتنا ليغتاله، والسبب أننا نعيش قبحًا في جانب من جوانب الحياة.

إيمان الحبيشي
21 مارس 2014