Monday, December 26, 2016

بريدي الإلكتروني (٥) تحدي الألم بالقراءة // محمود سهلان








بينما كنت أتصفح أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي المعروفة، لفت نظري وسم تستخدمه إحدى الأخوات، وقد أثار هذا الأمر فضولي كثيرا، فعن أي ألم تتحدث هذه الأخت؟ وكيف لها أن تتحدى الآلام بالقراءة؟! فما كان مني إلا أن كتبت لها رسالة قصيرة عبر نفس التطبيق:

الأخت الفاضلة نجاة، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لفت نظري وسم تستخدمينه بكثرة مع كل منشوراتك التي تتعلق بالقراءة، وهو: (تحدي الألم بالقراءة)، فأحببت أن أتعرف على قصة ذلك الوسم، لعله يكون تجربة أستفيد منها، هذا إن كنت تودين مشاركة ذلك مع الآخرين، والله من وراء القصد..

تحية طيبة
مصلح اجتماعي
..........

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

على الرحب والسعة يا أستاذ..

عشت طفولة طبيعية جدا، أحلم فيها أحلام الأطفال وأمارس ما يمارسون بقريتي الجميلة في كنف والدي، ولم يكن هناك شيء يذكر، واستمرت حياتي كأي فتاة تتنقل في مراحل الدراسة حتى أتممت المرحلة الثانوية بنجاح، ثم انضممت بعد ذلك لمعهد البحرين للتدريب، وكانت بدايتي طبيعية كذلك.

التحقت بالمعهد وشغف التعلم يقودني، وقد جرت الأمور طبيعية كذلك في البداية إلى أن بدأت بعض نوبات الألم تنتابني، وقد كان الألم شديدا جدا، ومع متابعة الأمر مع المستشفى اتضح يا أستاذ أنني قد أصبت بمرض فقر الدم المنجلي المعروف بالسكلر، ولا أنسى أنه كان بالعام ٢٠٠٣ ميلادية.

في بادئ الأمر شكل الأمر صدمة كبيرة جدا نزلت على نجاة، ولكن ما عسانا أن نفعل يا أستاذ، وقد تعرضنا لابتلاء خارج عن إرادتنا؟! نعم كان الألم الجسدي ومثله النفسي شديدا علي، لكنني مع ذلك تمالكت نفسي وسرت نحو تحقيق آمالي، إلا أنني لم أعد سليمة كما كنت، فتحولت إلى شابة سقيمة بمرض تعلمونه جيدا وتعلمون صعوبته.. مرض كثيرا ما قضى على أحلام الشباب والفتيات..

مع المعاناة مع هذا المرض ونوباته، تمكنت من الحصول على بكالوريوس علم النفس، وهي مرتبة علمية أفخر بها، وقد سبقتها أيضا بدبلوما وطنية في المحاسبة، ما جعل لي رصيدا علميا أحمله معي، وأنا أفخر بما حققته كثيرا.

دخلت في مجال العمل في بعض فترات حياتي لكن صحتي لم تسمح لي بذلك، لذلك بقيت بعيدا عنه..

كنت أحب القراءة، وأكثر من الاطلاع على الكتب، لكن طفرة حصلت لدي في العام ٢٠١٤م، حيث شاركت في تحد للقراءة على الانستغرام، وهو قراءة ١٠٠ كتاب في عام واحد، مع بعض التفاصيل المطلوبة، وقد تمكنت من إنهاء التحدي بنجاح، وهذا ما استمر في السنة الماضية، وفي هذا العام كذلك، وقد شاركت في تحديات أخرى تجاوزت بامتياز في مجال القراءة أيضا.

أما الوسم فقد اتضح أمره، فإنني أعتقد أن التزامي بالقراءة بهذا الشكل، وشغفي للكتاب، جعلاني في حال صحي أفضل، أنسى فيه آلامي ومتاعبي، وتقل معه نوبات الألم القاسية بسبب المرض، وهذا ليس من باب المبالغة بل هو واقع أعيشه، حيث أنني أتحدى آلامي الشديدة بالقراءة، والتي كان لها مفعول السحر والأثر الكبير جدا على نجاة، فلولا القراءة فلا يعلم أحد بحالي اليوم إلا الله..



26/12/2016


No comments:

Post a Comment