Wednesday, February 19, 2014

(بدون عنوان)

عندما يبتلى الإنسان ببلاء ما يشعر بإحساس يتغلل الى جميع أوصاله ويمتص كل طاقة موجودة في جسمه ويلفه حزن عميق يفقده كل معنى لما يدور حوله، ويغيب رونق الأشياء وتتشابه جميع الأشياء ويسكن ذلك الشعور المتوهج الباعث للنور المشتت لظلام الأيام وقساوتها، انه الألم.

فالأَلَمُ ( في الفلسفة ): أحد الظواهر الوجدانية الأساسية، وهي حالٌ نفسية معيَّنة يصعُب تَعريفُها، وتتميز بإحساسٍ مادّيٍّ أو معنويٍّ يعدم الراحة، أو بالضيق، أو بالمضض.

 يعيش المبتلى حالة من الضيق واليأس توصله الى حد  الإعتراض على حكمة الله سبحانه وتعالى إما لكونه جاهلاً او متناسيا علل وفوائد الإبتلاء ومنها حب الله.

فكيف يكون الإبتلاء حباً!!؟
ً
يقول الله سبحانه وتعالى ( وهديناه النجدين). (البلد 10)

الإنسان موجود إلهي على الأرض فقد خلق بمادة أولية ترشده الى التمييز بين طريق الخير وطريق الشر فعندما يولد الإنسان تكون نفسه في مستوى صفاء الملائكة ولكنه لا يبقى على صفاءه وإنسانيته, فامتلاكه لحق الإختيار والغرائز والشهوات يجعله يتأرجح بين الطريقين وكلما ارتكب الذنوب حجب نور الهداية في قلبه.

 قال تعالى: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُور) (الحج 46)

ويدق ناقوس الإبتلاء منبهاً للإنسان مما هو فيه ويدعوه للعودة الى طريق الخير والصلاح ليؤدي الهدف الذي وجد من أجله.

يقول جل وعلا (وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ). ( الأعراف/ 168)

وفى موضع آخر يقول: (وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ). ( الأعراف/ 130)
 

وحين يشتد البلاء وتتقطع السبل بالإنسان يلجأ لخالقة يتوسل ويدعو، فيرى ذنوبه كجدار يفصل بينه وبين ربه فيتوب ويستغفر ويعود من جديد الى أحضان الرحمة بالتوبة فتمسح ذنوبه وتزال الغشاوة من على قلبه فيتألق بنور الهداية وتبصر من جديد.

يقول الإمام الباقر (عليه السلام): (إنّ الله عزّ وجلّ إذا أحب عبداً غثه بالبلاء غثاً، وثجه بالبلاء ثجا، فإذا دعاه قال: لبيك عبدي، لبيك عبدي، لئن عجلت لك ما سألت إني على ذلك لقادر ، ولئن ذخرت لك فما أدخرت لك خير لك).

فلسفة عميقة جداً بين ترابط الهداية، الذنوب، الإبتلاء، الألم والتوبة فلسفة إحدى حكمها العودة الى إنسانيتنا وصفائنا الروحي.

 أم حسين
26 يناير 2014

No comments:

Post a Comment