قيل أن بائعًا حديثَ العهدِ في السوقِ كان يشكو من شُحِّ بيعهِ، وقلةَ إقبال الزبائن عليه، الأمر الذي اضطرهُ لأن يلجأ لأحدِ خُبراء السوقِ ليستنصحَه، فقال لهُ الخبير، بأن "المنافسة " سرًا من أسرارِ السوق الكبيرة، وعدم نجاحكَ حتى الآن في كسبِ السوقِ رغم اعلاناتك وترويجك لها قد يكمُن في تفوق المنافسينَ عليك في هذا الجانب، لذلكَ فإنَّكً حين تريد كسب الزبائن لبضاعتك، فاصنع لنفسكَ مشروعًا منافسًا لك!! وكيفَ ذلك؟! قال لهُ: قم بافتتاح دكانٍ آخر قرب دكانك الحالي، واعرض فيهِ بضاعةً مشابهةً لبضاعة الدكان الأول، واعرضها باسلوبٍ مختلف، فبهذا أنتَ تحصر خيارات الزبون بين محلك الأول، ومحلك الثاني، بالإضافة لكونك الرابح أيَّا كانت اختيارات الزبون!! ( انتهت القصة).
هكذا وبكل بساطةٍ يتم خداعُ الكثيرين منا، دون أن ننتبهَ لكوننا نخدمُ أفكارا ومشاريع، صِيغت لنا ورُسمت بحيث نخدمها من دونِ أن نشعُر، بل ونمارسها بكامل قناعاتنا بأنها الخيار الصحيح والضروري لسيرِ الأمور بمثالية، ولو دققنا النظر، لوجدنا أنفسنا محاصَرين من جميع الجهات بين خيارات، وخيارات أُخرى مضادة، ولا سبيل لنا الا لأن نستسلمَ لأحد هذه الخيارات، بل وأحيانا يتم تجييرنا لجميع الخيارات تباعًا، كصنع جهازٍ إلكتروني، ثم تهديدهُ بالإختراق، فيتم توفير برنامج لحمايته من الإختراق، فنكون مضطرين لشراء الجهاز، وحمايته، كما يريدونهُ تمامًا؛ وهكذا ثقافة المشروع المضاد تخترقنا كأنفاسنا وبدونِ أن نشعر!
أمةُ محمد، والتي حملت الرسالة لأكثر من ١٤ قرنًا، وآمنت بربٍ لم تره، واعتقدت بيومِ المعادِ والقضاءِ والقدر، كان من الصعب تفتيتها وحرفها عن مسار هذا الدين الحق، وارتباطهُ العقائدي والروحي بالله عز وجل، هنا كان لابد من تفعيل نظرية المشروع المضاد هذه، فبدايةً يتم خلق خط ديني فاسد يوازي الخط الديني السليم، ويشوههُ من حيث الممارسات والسلوكيات، حتى تنطبع صورةً سلبية في أذهان الناسِ مفادها أن هذا الدين لا يصلح لأن يُمارسَ في هذا العصر، وأنه دينٌ سيءٌ بدليل الأمثلة التي سيتم الإستدلال بها والمأخوذة جميعها من هذا الفكر الموازي للفكر الإسلامي، ثم يتم طرح المشروع المضاد ببراعةٍ واحتراف، حتى يُمارسَ دور المنقذ للناس، والحل الوحيد المتوفر لديهم، فيتم طرح مشروع اللادين، تحت عنوان التحرر أو العلمانية أو ما شابه من العناوين التي تصبُّ في ذات الفكرة العامة، والتي تؤسس لتحرير الإنسان من سلطة الدين لسلطة نفسه، وتخلصهُ من عبوديته لله تعالى، لـ " حريته الشخصية"، وتحرره من واجباته الدينية، لـ" حقه كإنسان" وتحررهُ من دكتاتورية الدين، لـ " ديمقراطية الشعوب" وتحررهُ وتحرره وتحرره ...
ولو أمعنا النظر لوجدنا أصل خلق هذه الثنائيات المتلازمة، هي جميعها من فصيل المشروع والمشروع المضاد الذي صنعوهُ هم لتسويق أفكارهم وثقافاتهم، فمن أنشأ الدين المستبد هو نفسه من اقترحَ حقوق الإنسان، وإن استتروا خلفَ أسماءً مختلفة، والدينُ الحقيقي بعيدٌ كلَّ البعدِ عما يدعون له ويروجون إليه!
إنهم يصنعونَ دينًا آخرا يقارعُ دين الله الحق، ويستخدموننا - كمسلمين - للترويج والدعوة، ولا سبيل لإفساد مخططهم الا عبر فهمِ ديننا الصحيح والسليم كما جاءَ بهِ محمدٌ صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله أجمعين، لا كما جاء بهِ المفسدون.
أبو مقداد ..
28 فبراير 2014
No comments:
Post a Comment