Friday, December 13, 2013

أم علي

ما إن أرفع يدي بدعاء حتى يلوح طيفها على ناظري ويتألم قلبي لفقدها فليهج لساني بالرحمة لها ..

(أم علي)

جمعتني الصدفة بها في أحد المستشفيات وقد كانت خالتي تتقاسم معها الغرفة فأمضيت معها شهرين كانا الأخيرين في حياتها القصيرة .. كانت تعاني من مرض خطير ..

كنت أراقبها دائماً .. هدوئها وقلة الزائرين لها هو ما لفت انتباهي إذ لم أر سوى زوجها يرتاد على غرفتها ظهراً حاملاً وجبة الغداء .. يبقى معها قليلاً ويغادر .. وكنت ألبي طلباتها لعدم قدرتها على ذلك.

شفيت خالتي وغادرت المستشفى ولكني استمريت على زيارتها يومياً بل حرصت على أن أقضي معظم النهار معها فكنت أزورها صباحاً ومساءاً .. كنت أحاول جاهدة بأن لا تشعر بالوحدة.

 حدثتها في أمور كثيرة وكان حديثها لا يغادر ساحة أبنائها الخمسة، فتجرأت ذات يوم وسألتها (أم علي ما عندش خوات؟) .. فانهمرت دموعها غزيرة وبصوت مبحوح قالت (عندي 8 خوات) وكانت دموعها على قدر ألمها، فاحتضنتها باكية عندها أكملت  كلامها وقالت (واليوم صاروا 9 خوات).

أم علي كيف أنساكِ وصورتكِ وحيدة ممددة على ذلك السرير لا تفارق مخيلتي فكلما شعرت بالوحدة تذكرت وحدتك.

(أم علي) صورة من صور كثيرة لحالات اجتماعية مؤلمة تعاني منها مجتمعاتنا غياب القيمة الإنسانية في التعامل مع الآخرين وبات ما يحدد علاقاتنا هي القيمة المادية للآخر .. ولا أقصد من المادة المال فقط بل الفائدة المادية بشتى صورها .. ولم يعد للقيم المعنوية الإنسانية أي معنى .. وينتهي الإنسان بانتهاء قيمته المادية فبمجرد أن يتوقف عطاء الفرد المادي تتخلى عنه الناس وينتهي به الحال وحيداً.

عطاؤنا أصبح مقروناً بعطاء الآخر .. وعلى قدر ما أعطي أنتظر أن آخذ وإلا سيتوقف العطاء .. فماذا تعلمنا من ديننا وأئمتنا وهم من يقولون:

الكليني، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) قلت: قوم عندهم فضول وبإخوانهم حاجة شديدة وليس تسعهم الزكاة أيسعهم أن يشبعوا ويجوع إخوانهم فإن الزمان شديد؟

فقال: المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحرمه فيحق على المسلمين الاجتهاد فيه والتواصل والتعاون عليه والمواساة لأهل الحاجة والعطف منكم يكونون على ما أمر الله فيهم رحماء بينهم متراحمين

(الكافي: ٤ / 50 ح 16)


فلنصل أرحامنا .. نساعد الضعيف .. نعود المريض .. نعفو .. نسامح ونعطي بلا حدود وننتظر الأجر من الله سبحانه وتعالى ..

(أم حسيـن)
12/6/2013

No comments:

Post a Comment