Friday, December 13, 2013

إلزم تكليفك وانجو

في سن معينة أو بناء على أمارات معينة، يقال أن الإنسان بلغ سن التكليف، والمشهور هو بلوغ الذكر لخمسة عشر عاماً، والأنثى لتسعة أعوام حسب التقويم الهجري المعتمد لدى المسلمين، ومن تلك اللحظة يصبح الإنسان مكلفاً، وتسجل كل أعماله في كتاب لا يغادر كبيرة وصغيرة إلا أحصاها.

والمكلف ينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي:

1) المجتهد: وهو القادر على استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة، وذلك بعد حيازته وإلمامه بالمقدار اللازم من العلوم التي لها علاقة بالشريعة.

2) المحتاط: وهو الآخذ بالرأي الجامع بين الآراء المختلفة، كأن يكون هناك من يقول بكراهة أمر ما، ويقول غيره بحرمته، فيحتاط  ويعمل برأي الحرمة.

3) المقلـِّد: وهو من يقلد مرجعاً جامعاً للشرائط، ويعمل وفق آرائه.

ومن الواضح أن أكثر المكلفين هم من القسم الثالث، أي أن أكثرهم يرجعون إلى غيرهم لتحصيل الحكم الشرعي، وربما أكثر من ذلك، ومع ذلك نرى أن الكثير منهم لا يلتزمون بتكليفهم، فيفتون بلا علم، ويعملون وفق آرائهم ورغباتهم، والأدهى من ذلك اعتدائهم على أهل العلم من المجتهدين، وتعديهم حدود تكليفهم، ومستواهم العلمي، وقد سبق منا القول أن لكل مكلف تكليفه الخاص، فهل من تكليف المقلِّد إصدار الفتوى، واستنباط الأحكام الشرعية؟ وهل يمكنه بعلمه البسيط - مهما علا - أن يقارع الدليل بالدليل، والبرهان بالبرهان؟

أجيب جازماً أنه غير ممكن؛ وإذا كان كذلك فتدخل المقلِّد فيما لا يفقهه، وما لا يعلمه، ما هي نتائجه؟

إن من نتائجه الجلية انتشار الفوضى، وخلق الفتن، وما أكثر متلقفيها، خصوصاً من أخفاء الهام.

ثم إن هذا المقلِّد لو التزم بتكليفه لكفى نفسه شراً كبيراً، عرض نفسه إليه عندما دخل فيما لا يعنيه، فإنه سيسأل عن ذلك يوم القيامة لا محالة، وقد قال تعالى في كتابه الكريم: (وقفوهم إنهم مسئولون) [الصافات: 24].

وهب أن هناك من أهل العلم من هو مذنب، ولديه بعض الشبهات، أو بعض الخلل، وسكت عن ذلك، هل سيتعرض هو للمسائلة، أم أنت؟

أما لو التزم كل مكلف بتكليفه، وأدى واجباته على الوجه المطلوب، لتغير حالنا كثيراً، ولقضينا على هذه الفوضى والفتن المنتشرة فيما بيننا، ولبدأنا بالإرتقاء والصعود بمجتمعنا شيئاً فشيئاً.

وهنا دعوة لكل مكلف أن يلتزم تكليفه، وأن يؤدي واجباته في دائرته، دون الدخول في دائرة غيره؛ إذا كان يريد بهذه الأمة خيراً.

محمود سهلان
12/6/2013

No comments:

Post a Comment