Sunday, December 22, 2013

ومضات: حياتك من صنع أفكارك

إن سعادة الإناء أو شقاوته أو قلقه أو سكينته تنبع من نفسه وحدها.

إنه هو الذي يعطي الحياة لونها البهيج، أو المنقبض، كما يتلون السائل بلون الإناء الذي يحتويه : ( فمن رضى فله الرضا، ومن سخط فله السخط ).

عاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أعرابيا يتلوى من شدة الحمى، فقال له مواسيا ومشجعا: ( طهور )، فقال الأعرابي: بل هي حمى تفور، على شيخ كبير، لتورده القبور. قال ( فهي إذن ).

يعني أن الأمر يخضع للاعتبار الشخصي، فإن شئت جعلتها تطهيرا ورضيت، وإن شئت جعلتها هلاكا وسخطت.

إن العمل الواحد بما يصاحبه من حال نفسي يتغير تقديره تغيرا كبيرا.

وانظر إلى هاتين الآيتين وما تبرزانه من صفات الناس قال تعالى: ( ومن الأعراب من يتخذ ما ينفق مغرما، ويتربص بكم الدوائر، عليهم دائرة السوء، والله سميع عليم )، وقال تعالى ( ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر، ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول، ألا إنها قربة لهم )

هؤلاء وأولئك يدفعون المال المطلوب.

هؤلاء يتخذونه غرامة مؤذية مكروهة، ويتمنون العنت لقابضيه.

وأولئك يتخذونه زكاة محبوبة تطيب النفس بأدائها، وتطلب الدعاء الصالح بعد إيتائها.

وشئون الحياة كلها لا تعدو هذا النطاق.

قيمة العمل، بل قيمة صاحب العمل ترتبط إرتباطا وثيقا بحقيقة الأفكار التي تدور في الذهن، والمشاعر التي تعتمل في النفس، قال " ديل كارنيجي " : ( إن أفكارنا هي التي تصنعنا، واتجاهنا الذهني هو العامل الأول في تقرير مصايرنا ).
ولذلك يتساءل " إيمسون " : ( نبئني ما يدور في ذهن الرجل، أنبئك أي رجل هو ).

نعم هي حقيقة يجب أن نعيها جميعا، فكيف يكون الانسان  شيئا أخر غير ما يدل عليه تفكيره ..؟! ، واعتقادي الجازم أن المشكلة التي تواجهنا هي: كيف نختار الأفكار الصائبة السديدة ..؟ فإذا انحلت هذه المشكلة انحلت بعدها سائر مشكلاتنا واحدة إثر أخرى. قال الإمبراطور الروماني " ماركوس أورليوس " : ( إن حياتنا من صنع أفكارنا ) . - وكان هو السبب في اختيار عنوان هذه الومضة ..

فإذا نحن ساورتنا أفكار سعيدة كنا سعداء، وإذا تملكتنا أفكار شقية غدونا أشقياء، وإذا خامرتنا أفكار مزعجة تحولنا خائفين جبناء، وإذا تغلبت علينا هواجس السقم والمرض فالأغلب أن نبيت مرضى سقماء ... وهكذا.

إذا فكل ما يصنعه المرء هو نتيجة مباشرة لما يدور في فكره، فكما أن المرء ينهض على قدميه وينشط وينتج بدافع من افكاره، كذلك يمرض ويشقى بدافع من أفكاره أيضا ..

أم علي
12/22/2013

No comments:

Post a Comment