Friday, April 3, 2015

ماذا يقرأون؟ ماذا نكتب؟ // محمود سهلان

 
 
بعد فترة قصيرة من التّعامل مع الكتب، خصوصًا في جانب التّسويق، والبيع والشّراء، وجدتُ إقبالًا كبيرًا على الرّوايات والقصص، بشتّى أنواعها، وباختلاف مشارب المؤلّفين لها، وبما أنّها أحرف وكلمات فمن المفرح أنْ نجد هذا الإقبال، خصوصًا من فئة الشّباب.
 
نقطتان أُريد أنْ ألفت النّظر إليهما، وأظنّ أنّهما جديرتان بالاهتمام:
 
الأولى: الإقبال على القراءة أمرٌ جميلٌ جدًّا، لطالما ارتفعت الأصوات داعيةً إليه، لما له من دورٍ كبيرٍ في تنمية الإنسان كلِّ الإنسان، إلّا أنّ الاكتفاء بقراءة الرّوايات والقصص وما شاكل دون غيرها، أمرٌ يحتاج لمراجعة من القارئ، خصوصًا وأنّ علومًا جمّا تهمل، وثقافاتٍ غزيرةً تضيَّع في قبال الاكتفاء بقراءتها.
 
الثّانية: العديد من الرّوايات التي يقبل عليها القراء، تعاني الكثير من الضّعف في عدّة جوانب، فبعضها لا هدف فيها، وبعضها ينشر الكثير من الثّقافات الخاطئة والمسيئة، خصوصًا فيما يرتبط بالعلاقات بين الجنسين، والكثير من الكلمات والعبارات التي تخدش الحياء، وغيرها من الأمور.
 
إنّ للأدب والفنون دورها في المجتمعات والحضارات الإنسانيّة، إلّا أنّها لا بدّ أنْ توجّه كي تنتج ثمرًا غنيًّا لذيذًا، لا فاسدًا قليلَ الفائدة، بل قد يكون كثير الضّرر، وبالنّظر للإقبال من النّاس على بعض جوانب الأدب، المتمثّل في قراءة الرّوايات والقصص، لزم منّا أنْ لا نهمل هذا الجانب، وأنْ نعطيه ما يستحقّ من الاهتمام، فمن خلاله هناك مساحاتٌ كبيرةٌ وكثيرةٌ نستطيع استثمارها، وكأنّها أرضٌ خصبة، لا تحتاج إلّا لأنْ نغرس البذور فيها، أو نرميَها على سطحها، لتنتج ما نؤمّله من تقدّم وازدهار لمجتمعاتنا وأُمَّتنا.
 
لو نظرنا لبعض الرّوايات التي تأتينا من هنا وهناك، لوجدناها غنيّة بالعلوم والثّقافات والتّأريخ، وما شابه، وممّا قرأت ووجدتُ فيه ما وجدت من الفائدة، روايةٌ باسم مزرعة الحيوان، وكانت غنيَّةً جدًّا، وفيها الكثير من الإبداع والفن، ولا أظنّ بأنّنا عاجزون عن كتابة ما يساوقها ويوازيها ويتفوّق عليها، إلّا أنّنا يجب أنْ نسعى لأنْ نتقدّم في هذا المجال أكثر، لنجعله حيًّا متحرّكًا، لا جامدًا نغذّيه بالصّور البلاغيّة والجماليّة فقط، ولا نتيجة تُذكر بعدها.
 
لا ننكر بعض التّجارب المتميّزة، والتي اطَّلعتُ على بعضها، ولا الأسماء المتألّقة الغنيّة عن التّعريف، والتي أعطت الكثير لهذه السّاحة، لكنّ الموجود لا يكفي لسدّ العجز في هذا الجانب إنْ صحّ التّعبير.
 
عطفًا على ما تقدّم، والذي بيَّن اهتمام بعض فئات المجتمع، وخصوصًا الفتيات، بقراءة الرّوايات والقصص، لزم على المتمكّنين من هذا الفنّ أنْ يشمّروا ساعد الجدّ، ليستثمروا شغف هؤلاء وغيرهم، ليساهموا بما يستطيعون، ويكونوا يدًا عاملةً نحو بناء مجتمع راقٍ، وقد قامت إحدى الأخوات بكتابة رواية مؤخَّرًا، وقد تألّقت فيها، ممّا لا يجعل مجالًا للشّك بأنّ الموهبة موجودةٌ لديها، ولا بدّ أنْ تُصقل لتنتج ما لم ينتجه الغير، ولو قارنتَ ما أحبرتْهُ على وُريقاتها بغيرها، لوجدتَها قادرةً على إزاحة الكثيرين من السّاحة، وما هذه المرأة العاملة إلّا مثالًا واحدًا، ولا أشكّ أنّ الكثير بيننا قادرون على ذلك.
 
بالعود إلى النّقطة الأولى، أقول أنّنا نحتاج لمراجعة أنفسنا، ومحاولة البحث عن منشأ هذا الابتعاد عن الكتب العلميّة والثّقافيّة، والاقتصار على الأدبيّة منها، وهو ممّا لا شكّ فيه ممّا يستحقُّ البحث والعناء لفكّ طلاسمه، وإيجاد علله، والبحث عن المعالجات المناسبة له، والتي ذكرت خلال مقالي، بعض ما أدّعي أنّه من الحلول.
 
 
4 إبريل 2015

No comments:

Post a Comment