Friday, April 17, 2015

الكبوات والعوائق..تداركٌ أو لا تدارك // محمود سهلان

 
 
كثيرًا مّا يتعرّض الإنسان للكبوات في حياته، أو لا أقل بعض العوائق الخارجة عن يديه، أو حتى بعض التّقصير منه، ممّا يؤدي لتأخره في مجال أو آخر، مما يؤثّر على كلّ حياته.
 
هذه الكبوات، وهذه العوائق، وهذا التقصير، تؤدي بالإنسان لخسارة الكثير من الوقت، والكثير من الفرص في حياته، وربّما الكثير من الجهد، فهي بالتالي تؤخّره عن أهدافه (إن كان له أهدافًا)، أو عن الوصول لما يغطّي حاجاته، سواء كان الخلل على مستوى الدّراسة والعلم، أو على مستوى العمل والكسب.
 
هذه الحالة نتيجة لبعض المقدّمات لا محالة، والآن صارت مقدّمة مجتمعة مع مقدمات أخرى، لترسم لنا نتيجة جديدة، فمن الضروري حينها عدم إغفالها، فيلزم لمن مرّ بهذه المرحلة أنْ يفكّر فيها، ويدرسها جيدًا، ليتدارك ما يمكنه تداركه، وينطلق في حياته من جديد.
 
قد نستطيع تقسيم النّاس باعتبار الهدفية إلى أصحاب أهداف، وإلى غيرهم، وهم اللّاهدفيون، أمّا الثاني فعادة يكون أصحابه ممن جعلوا أهدافهم لا تتعدى حاجاتهم ورغباتهم، فحولوها أهدافًا، فتلك الكبوات أو العوائق الماضية، تقل أهمّيتها، ويقل تأثيرها في مشوارهم، ففي النهاية يمكنهم العثور على وظيفة يستحقون عليها أجرة، أو تجارة تدر عليهم المال، وهنا تكون حياة هؤلاء مناسبة بالنسبة لهم، وما سبق من كبوات وعوائق وتقصير وتضييع للوقت والفرص، لم يكن له ذلك الأثر بالنسبة لهم. وإن كان في حقيقته ذا أثر، ومع ذلك قد يفشل هؤلاء حتى في توفير هذه الحياة.
 
أما أصحاب الأهداف الكبيرة، سواء كانت على المستوى الفردي أو على المستوى الجماعي، فإنّ هذه الكبوات والعوائق يكون له الأثر الكبير في مشوارهم، فإنّ ضياع الوقت، وضياع الفرص، من شأنه أنْ يؤخر هؤلاء عن التقدم نحو أهدافهم، إما بمراوحتهم ذات المكان أو بتراجعهم للخلف أحيانًا، فيترتب على ذلك بعض الأمور، من أهمها أنّ هؤلاء قد يعيشون الكثير من الألم النفسي على ما ضيّعوه، والضغط النفسي الملازم لسعيهم لتعويض ما فات، خصوصًا وأن الحاجة للحاق بركب الناجحين من أصحاب الأهداف، ستجعلهم يكثفون جهودهم، ويضغطون أوقاتهم، فتغدو الـ ٢٤ ساعة قصيرة جدًا بأعينهم.
 
عطفًا على ذلك، فإنّ من الأفضل لكلّ مقبل على هذه الحياة أنْ يسعى للسير بشكل صحيح، في الوقت المناسب، وأنْ لا يركن للكسل، وحب الراحة، وما إلى ذلك من الصفات السلبية التي تؤدي لتضييع الوقت والجهد والفرص، فإنّه سيدفع ثمنها لاحقًا بكلّ ألم ومرارة، بل قد تكون عائقًا لا يتجاوزه مدى حياته، خصوصًا إذا كانت نفسه ضعيفة، فلا تكون حينها كبوة أو عائقًا، بل تكون رصاصة الرحمة على كلّ أحلامه وآماله وأهدافه. لذلك فمن الأفضل أداء الأمور بوقتها، وبذل الجهد بوقته، قبل أن يتضاعف المطلوب مرات ومرات، فيتضاعف الجهد المؤدي للوصول للمطلوب مرات ومرات ومرات.
 
لست أدعو من تعرّض لمثل هذا الأمر، وتأخّر في طريق تحقيق أهدافه، لأن ييأس أو يتراجع، بل على العكس تمامًا، أدعوه للجد والاستمرار للوصول لمطلوبه، ولو كلّفه ذلك كثيرًا، لكنّ الحياة هي هكذا، فلزم منا أنْ ننبه لهذه الحال، لا كحديث مثالي كما قد يراه البعض متّهمًا (فالمثالية عند بعضهم تهمة)، بل كتجربة عشتها لا أريد لغيري أنْ يعاني جانبها السلبي، وأريد له أنْ يأخذ الإيجابي منها، ويستمر في سعيه لتحقيق أهدافه، مهما كانت التكلفة باهظة، فقد قال لي أحدهم كلمة رسخت في ذهني (أنت اقتحمت الحياة)، وكان تعبيره قريبا للدّقة كما أظن.
 
قال تعالى: (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) [التوبة: ١٠٥].
 
 
٢٩ جمادى الآخرة ١٤٣٦ هـ

No comments:

Post a Comment