Friday, March 14, 2014

سوق النخاسة

يروي لنا التاريخ أحداث سوق النخاسة، حيث البشر يباعون ويشترون كالبهائم، فالمرأة تباع وتشترى وتوهب وتكترى ويساق الأحرار سوق العبيد. ويخيل للمرء أن تلك الأسواق قد ولّت إلى غير رجعة، لكنها في الحقيقة تعود وتأخذ في كل زمن شكلاً ملائماً للبيئة التي تنشط فيها مثل هذه التجارة .

قديماً كانت أسواق النخاسة مقتصرة على بيع وشراء الأجساد، وأما في سوق النخاسة العالمي المعاصر فقد تعددت السلع واختلف البائع والمشتري وفتحت أقسام وفروع جديدة. ومن الأقسام الجديدة القسم السياسي، فالمواقف السياسية في عصرنا هذا – كما هو مشاهد ومقروء - تباع وتشترى بحسب العرض والطلب لا بحسب مصلحة البلد ومقدرات شعوبه، فأعداء الأمس أصدقاء اليوم والعكس كذلك والثمن ليس مصلحة البلد أو أمنه القومي بل الثمن نقداً وعدا.ً وأقرب مثال فضيحة النفط مقابل الغذاء تلك الفضيحة التي ألقت بظلالها على أكبر كيان أممي " الأمم المتحدة "، والأمثلة على صفقات القسم السياسي التابع لسوق النخاسة الحديث أكثر من أن تحصى.

وكما ذكرت أن في سوق النخاسة العالمي المعاصر أقسام مستحدثة، هناك أيضاً أقسام موسمية ومعارض مؤقتة تعرض فيها السلع وتقام لها المزادات.

وتنشط في بلادنا في هذه الأيام سوق للنخاسة بنشاط موسمي جديد تستمر فيها عروض البيع والشراء حتى نفاد الكمية. البضاعة المعروضة في هذا السوق ليست أجساداً أو عقولاً بل ضمائر ومقومات المروءة بمعناها السائد في مجتمعاتنا.

في السابق كان المعروف يعمل إما مروءة أو حياءاً ولم يكن صاحب المعروف ينتظر تسديد الفاتورة إن صح التعبير. وفي السابق أيضاً كانت الرجال تأنف الكذب والخداع والخيانة وتستنكف مظاهر خوارم المروءة، وكانت في السابق أيضاً تسفك دماء من باع ضميره.

واليوم يمارس البعض هتك الفضيلة، وتباع المروءة والضمائر وتلك المعاني الجميلة على الأرصفة وعند الإشارات ووسط الدوارات بقطعة قماش ترفرف طرباً بقتل ما تبقى عند الناس من حياء.

أما صفقات بيع الضمائر فتعقد حين المساومة على رحلات استجمام في الخارج أو ترقية في وظيفة أو حتى بدفع دراهم معدودة، خذ وهات وسلّم واستلم وأعمل والدفع لأجلْ، قائمة للأسعار طويلة لا تنتهي.

كانت صفقات سوق النخاسة في السابق تعقد في دورات المياه ( أجلّكم الله ) أما في أيامنا هذه فعلناً وبكل صفاقة وقلة حياء.

نغزة: سيفتتح قسم جديد في سوق النخاسة العالمي المعاصر متخصص في بيع المبادئ وسيعلن المزاد في حينه.

أم علي
13 مارس 2014

No comments:

Post a Comment