Friday, March 14, 2014

بصماتنا والآخرون

من العلامات المميزة في الإنسان هي البصمة. فكل فرد يملك بصمة خاصة به، كبصمة الإصبع، البصمة الوراثية وغيرها من البصمات المحسوسة التي لها وجود وشكل مادي تستطيع تحديدها من خلاله.

وكما أنه يمتلك بصمات محسوسة، كذلك لديه بصمات غير محسوسة أي ليس لها وجود مادي ولكن من خلالها نتمكن من معرفة ملامح عن شخصيته.

يقول الإمام علي ع: (المرء مخبوء تحت طي لسانه وليس طيلسانه)

كلماتك وأسلوبك هي ما تترك الإنطباع الإيجابي أو السلبي لدى الآخرين، وليس لبسك أو رتابة هندامك، فأسلوبك هو طريقك إلى كسب احترام ومحبة الآخرين هو بصمة من بصماتك.

نعاني في مجتمعنا من خلل كبير في تواصلنا مع بعضنا البعض، فهناك من لديه ربط خاطيء بين أسلوبه في الحديث ومدى العلاقة التي تربطه مع من يتحدث، فيعتقد بأن كلما كانت العلاقة عميقة كلما سقطت الحدود وبالتالي بإمكانه أن يرفع صوته ويصرخ ويزمجر على أخيه وأخته زوجته وإبنته أو حتى صديق له. كما وتسقط من قاموسهم أروع الكلمات ك ( آسف، شكراً، لو سمحت، من فضلك) بل ويهزؤون بمن يتعامل بها.

فلنعلم بأن وقع الكلمة على النفس سواء كان تأثرها ايجابيا أو سلبيا هو نفسه لا يتغير بتغير الشخصيات ولا يقل تأثيرة بعمق العلاقات.

لذلك نجد أن القرآن الكريم وأحاديث آل بيت النبي عليهم أفضل الصلاة والسلام زاخرة بما يُقومُ علاقاتنا.

قال تعالى في محكم كتابه في وصيته للقمان (وأغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير) (لقمان:19)

وقال نبينا الأعظم ص: (أذل الناس من أهان الناس) (ميزان الحكمة، ج453)

وفي رواية أخرى (من آذى مؤمنا فقد آذاني) (ميزان الحكمة، ج454)

 وعن أمير المؤمنين علي عليه السلام لكميل بن زياد النخعي:

يا كميل مُر أهلك أن يروحُوا في كسب المكارم ويدلجُوا في حاجة من هو نائم، فوالذي وسع سمعه الأصوات، ما من أحد أودع قلبا سروراً إلا وخلق الله له من ذلك السرور لطفاً، فإذا نزلت به نائبة جرى إليها كالماء في انحداره حتى يطردها عنه كما تطرد غريبةُ الإبل) (ميزان الحكمة ج 4 ص 438)

يطلب الإمام ع من كميل أن يدعو أهله إلى مكارم الأخلاق ويقسم بأن من يدخل السرور على قلب إنسان بقضاء حاجة أو كلمة طيبة يدخر له كلطف من الله سبحانه وتعالى ينزله عليه وقت النوائب فتطرد النائبة كما تطرد الإبل الغريبة عن فصيل الإبل.

فلنحرص على تقويم علاقاتنا، فكم من العلاقات الإنسانية تلاشى جمالها، وكم من قلوب محبة بل وعاشقة أقفلت أبوابها لكلمة جارحة أو لإسلوب مهين.

كلماتك، أسلوب حديثك، هدوئك، رحابة صدرك، حسن استماعك واحترامك هو بصمة من بصماتك .. فأحرص على أن يكون انطباعها فاتح للقلوب وللعقول.

أم حسين
11 مارس 2014

No comments:

Post a Comment