Saturday, March 8, 2014

وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ

سأل احدهم الدكتور علي شريعتي يومًا ما: (لماذا الحوزة؟ ولماذا العلماء؟)

ويقصد من ذلك النقد المتواصل من الدكتور لهذه المؤسسة والفئة بالذات، بينما كان بإمكانه توجيه هذا النقد لعامة الجمهور في الدولة الإيرانية.

إجابة الدكتور كانت رائعة ومتميزة في الواقع، فقد قال: (إنها الفئة التي نتوقع منها الكثير) ..

رائع جدًا ما قاله شريعتي، وهو جواب يدل على أن صاحبه على دراية بأهمية الدين والمؤسسة الدينية وشخصية رجل الدين في المجتمع، وهو يعلم أن أي قصور من رجل الدين أو المؤسسة الدينية فسوف يترتب عليه آثار كارثية في المجتمع.

دعوني أتوقف قليلًا وأترك إجابة الدكتور شريعتي جانبًا..

في يوم ما كنت وجمع من الأصدقاء نتحدث من أجل الحديث فقط .. ثرثرة خاوية من المعاني أو المفردات المفيدة حتى طرقنا شر عظيم مستطير ..

كان الشباب يتحدثون ويثرثرون ومن ثم جاء الكلام فجأة عن الدعارة والخمور في هذا الوطن الصغير، فأخذ كل منهم يتندر على موقف سمع عنه أو عاينه بنفسه أثناء تجوله في طرق وأزقة المنامة ..

ذاك رأى ما لا يحمد رؤيته من مجموعة من (سودات الوجه) يتجولن هناك، والآخر يحكي موقفه مع خليجي (نتحفظ على ذكر الجنسية طبعًا رغم أن الجميع سيعرف أنها ...) كان مخمورًا يترنح بين الأزقة قد أخذ منه السكر مأخذه..

ومع انتهاء كل واحد منهم كانت الضحكات تتعالى مع كثير من علامات الإستفهام ترتسم حول وجهي علاوة على علامات التعجب المزعجة التي أخذت تحوم حولي وحول الحاضرين، ولكن هذه العلامات على ما يبدو لم تكن واضحة للجميع (استنتجت في ما بعد أنها تهيؤات) بل لا يكاد أحد منهم يراها، ما هذه المأساة؟

أصبح المجتمع يذكر المعاصي والرذائل على أنها نكت تتداول فيما بينهم .. تضحكهم بدل أن تبكيهم أو حتى تثير اشمئزازهم؟!

أصبحنا نستحسن القبائح عوضا عن أن نستقبحها؟

تنبهت من غيبوبة الأسئلة والتعجب وعلاماتها (؟!) وقاطعت المتحدث الأخير وهو مسترسل في سرد طرفته ب (ويش صاير؟ وين احنه قاعدين؟)

ساد الصمت.. ثم التفت لي المتحدث وقال: (هذا واقع بلدك!!)

على ما يبدو أنه كان يظن بأن بلدنا هي إحدى فروع مملكة تايلند لكي يتحدث عن واقعها بكل بساطة و أريحية وعدم انزعاج ..

بينت لإخوتي الأعزاء مدى فداحة (رافق ذلك تطاير الأعين نحو السقف وهمسات ب: بده يتفلسف) المسألة وكيف أننا نتحول من مجتمع شرقي محافظ له عادات وثقافة إسلامية من المفترض أنها قديمة ومتجذرة فينا .. إلى مجتمع يحاول أن يتشرق ويتغرب وفي مثل هذه الحالات أن يتحلل حتى من أبسط قواعد و موروثات الدين والحياء، وطبعًا تسائلت قائلًا:

أين ممثلو الدين عن هذه المظاهر؟

وإذا ماكانوا ينتظرون أن تغزونا مثل هذه الأمور في قرانا المغلقة والتي يجب أن تكون محصنة ضد ..

قاطعني أحدهم: خبرك عتيق غزتنا من زمان .. الفساد والإفساد ..

ما أثار دهشتي حقًا هو عندما قدمت اعتراضي على دور رجال الدين المقصر في رأيي الشخصي تجاه المجتمع وعدم مواجهتهم لكل ماهو فاسد إلا ما ندر .. دافع بعض الأصحاب عنهم وعن مواقفهم والإصرار على أنه ليس ذنبهم بل ذنب المجتمع.، كالعادة.

ولكن ما أراه وقد يكون ما وددت ان أعبر عنه لأصحابي .. فما أعاينه واقعًا هو تقاعس رجال الدين عن دورهم في المجتمع، فهم إما متقاعسون مقصرون أو أنهم لا يعلمون، وفي كلتي الحالتين هم مسؤولون أمام الله عن ما يقدمون لمواجهة الفساد في مجتمعاتهم .. فما داموا تصدوا لأن يكونوا ممثلين للدين فعليهم أن يكونوا على قدر المسؤولية، وهنا من الممكن أن نعود لإجابة الدكتور شريعتي (إننا نتوقع منهم أكثر من ذلك) ..

ملاحظة أخيرة..

إذا أغمضتم أعينكم عن ما يجري، وتغافلتم فلا تتوقعوا أن غيركم سيغفل عن الترويج لثقافته بين أبنائكم وأبناء مجتمعكم، وعندها لن يجدي البكاء على الأطلال واللطم على ما فات ..

#وَقِفُوَهُمْ إِنَّهُم مَّسْئُولُون َ..

محمد الأشتر
1 مارس 2014

No comments:

Post a Comment