Friday, March 28, 2014

هي بميزان الله

قال تعالى في كتابه: {فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ}

كحبة رمل في صحراء شاسعة، لا يحسب لها اعتبار ولا وزن ولا قيمة، تُتَجاهل ولا كأنها موجودة، وكيف بنا أن نحسب لها اعتبار أو وزن وهي لا ترى بالعين المجردة لدقة حجمها، تشبيه دقيق شبهه الخالق (عز وجل) لكل أعمال الإنسان التي يعملها سوء أكانت من الأعمال الخيرة او الأعمال الشرة.. أكانت صغيرة أو كبيرة باعتبار التضمن إذ أنه عز وجل إذا كان يجزي الإنسان بمثقال ذرة خير خيرًا وبمثقال ذرة شر شرًا فحتمًا يجزي الإنسان بمقدار ما هو كبير كذلك.

نعم، بميزاننا الدنيوي اليوم لا نقدر لهذه الذرة وزنًا ولا اعتبارًا، ولكن بميزان الآخرة لكل عمل قدره ووزنه وبمثقاله بما هو من خير أو شر، قد تكون اليوم ابتسامة.. قد تكون اليوم كلمة.. قد تكون اليوم حركة جسدية بسيطة تؤثر في قلب الإنسان المقابل إيجابًا وتدخل ولو الجزء البسيط من الفرح والسرور في قلبه، بالرغم أن هذه الإبتسامة العارضة ومن الممكن أن تكون غير محسوبة لكنها تساوي وبمقدار ما عملته وأثرته في قلب هذا الإنسان وزن يثقل كفة الخير في وزن الأعمال.. هي إبتسامة لا يراها الناس محط تقدير على فعلها أو لها وزن خاص في المجتمع فهي مجرد ابتسامة، لكنها وإن كانت كذلك فهي محسوبة في ذلك اليوم ومسجلة في ذلك الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة (خيرًا كان أو شرًا) إلا وأحصاها {مَالِهَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}.

وفي المقابل كذلك قد تكون نظرة منا لشخص تؤثر سلبًا على قلب أحدهم. نعم غير محسوبة هنا في دنيانا ولكنها في ميزان الله ميزان الحق الميزان الذي يؤثر فيه كل عمل ولو كان بمقدار ذرة محسوبة.. وترفع كفة الخير وتثقل وتنزل كفة الأعمال الشرة التي يعملها الإنسان.  وكم من الأعمال الأقل دقة والغير متوقعة غدًا نُسأل عنها في ساحة الحشر. من المؤكد أن لهذه الأفعال أسباب جعلت هذا الفاعل إما أن يفعل فعلًا حسن أو فعل قبيح، فلنفترض أن هذا الإنسان خارج من منزله -وفي منزله توترت العلاقة بينه وبين زوجته- ومر أحدهم فنظره بازدراء من غير قصد ولكن لأنه متوتر وفاقدٌ لأعصابه.. هنا تكمن قضية وهي قضية امتحان للمؤمن إذ أنه من المفترض عليه أن لا يخلط بين الأمور ويكون متغاضيًا عن ما يحدث له في مكان وما يحدث في مكان آخر لا الخلط بين الأمور.

وراءنا حساب وكتاب إخوتي، وراءنا وقوف بين يدي الباري عز وجل، الأمور الخيرة جدًا بسيطة وهي بعين الاعتبار عند رب الكون، لا نفوتها لنذكر أنفسنا بها دائمًا لنجعل الخير نصب أعيننا ونسعى لتحصيله، إبتسامة، نظرة أمل وتفاؤل تنظرها أخيك، حركة معينة تفيد احترام وتقدير للآخر. هذه وأعمال انت أعرف بها كلها تثقل ميزاننا للجنة إن شاء الله فلنتجنب ما يقابلها وإن فعلنا فلنعاقب أنفسنا ونحاسبها كله لرضا الله سبحانه.

هذه نصيحتي لي أولًا ولكم وأنتم أدرى بها .. فلنعاهد الله ورسوله وأهل البيت ونجعل الخير دائمًا وجهتنا ونتسم دائمًا به ولا يعرف الشيعة إلا به..

علي العلوي
23 مارس 2014

No comments:

Post a Comment