Friday, March 28, 2014

عقاب تلاوة القرآن

بينما كنت أصلي في مسجد إحدى المناطق، لفتني صوت جهور لطفل كان يقرأ فاتحة الكتاب..

قرأ الفاتحة وأتمها ليُعرج على سورة الفيل بينما الجميع منشغلون بصلاة الجماعة مع الإمام..

أنهيتُ صلاتي وبقيت أراقب الطفل الذي ما إن انتهت النسوة من صلاتهن مع الإمام حتى بدأ بعضهن بنهر الطفل عن (اللعب بالقرآن!!).

نظرت للطفل..
كان عمره في حدود 5-6 سنوات.. جلس على كرسي الصلاة ووضع القرآن على موضع السجود وصار يقرأ بحروف فصيحة سورًا حفظها عن ظهر قلب..

لم أفهم متى وكيف لعب الطفل بالقرآن؟! وكيف من المفترض أن تكون علاقة أطفالنا به..

هل قراءة القرآن وتصفحه لعب منهي عنه!! لماذا نحرم عليهم أن يتصفحوا كتاب الله؟
وكيف من الممكن أن يألفوه -والحال هذه- ويكون قريبا منهم؟

لا أدعو للقبول ببعثرة القرآن أو الاستهتار في التعامل معه، ولكن ذلك الموقف جعلني أتفكر في شعور هذا الطفل الذي تم نهره لأنه يقرأ القرآن في المسجد بعد أن وضعه على موضع السجود بكرسي الصلاة!!

ألن يتسائل عن الخطأ الذي اقترفه؟ مصيبة إن ترجم الطفل أن حمله للقرآن وترديده لآياته كان خطأً استحق عليه النهر علنًا..
كان الأجدر بنا جميعًا أن نثني على قراءته الفصيحة للآيات وعلى حمله السليم للقرآن، لكن الغريب أن بعض النسوة اللاتي انتهين من صلاتهن التفتن للطفل ونهرنه مباشرة من غير أن تنظر واحدة منهن حتى لكيفية حمله للقرآن أصلا!!

أعتقد أنه من الواجب علينا تحديد الأولويات في وضع أسس العلاقة بين الجيل الذي نربيه وبين القرآن باعتباره الدستور الأول في حياة الفرد والأسرة والمجتمع..

هل نريد للقرآن أن يكون الكتاب المقدس الذي لا يجوز حمله إلا بعد الوضوء والتأهب والاستعداد والعدة؟
هل نريد أن يكون الملجأ والمعلم؟

إذن فكلما صار أمام أطفالنا فلنتصفحه.. ربما في البدء رددوا آياته القصار اللاتي يحفظونها ولاحقًا قرأووه ليخلق في أنفسهم حب معرفته.. وجرأة السؤال عن محتواه وفضول النهل من معينه؟!

بعيدًا عن القرآن.. أضع تساؤلًا آخر وأعني به نفسي قبل غيري:

كم عددِ المرات التي نهرنا فيها أطفالنا رغم عدم ارتكابهم لأي خطأ سوى أنهم تصرفوا بطريقة لا نريدها ولا تتوافق مع حالة المثالية المستحيلة التي نطالبهم بها؟

نحن مطالبون حقًا بمراجعة سيل الأوامر والنواهي التي نعنف على أساسها أطفالنا كل حين..

نحتاج لمراجعة (الرسالة) التي نتركها بنفوسهم بعد كل تعنيف وزجر، ولنقيِّم صلاح أو سوء تلك الرسالة ولنصححها رحمة بنا وبالجيل الذي نربيه.

إيمان الحبيشي
23 مارس 2014

No comments:

Post a Comment