يقال أن حقيقة الأشياء صفة من صفات الأحكام، وأحكامنا نتاج لما يختلج في نفوسنا ثم يصل إلى أذهاننا فنصرح به للتعبير عن ما نراه واقعًا، وسواء كان مطابقًا للواقع أم مخالفًا له، يبقى رؤية خاصة يزعمها صاحبها حقيقة.
إذن، حقيقة الأشياء هي تطابق ما في الأذهان على ما في الأعيان، لذلك قد يأتي أحدهم ويصف ذات الموقف بطريقة مغايرة لما وصفته أنت، فما تمتلكه نفسك من ثقافة تختلف عما يمتلكه الأخر، ولذلك يتغاير رسم الصورة الذهنية.
مضمون هذه الصورة يكون صادقًا بالنسبة لصاحبها حتى يثبت خطؤها أو يتجاوزها إلى معرفة أدق، ولأنها كذلك، نرى البعض يدافع بشراسة عن أحكامه وأرائه، بل ويهاجم وقد يصل إلى درجة تسقيط الآخر حتى يثبت فقط صوابية رأيه وأحكامه..
كيف لا وهذه الأحكام كونتها قناعات رسخت في ذهن صاحبها، ورسمت مواقفه وأحكامه، هذا وانهيارها يعني انهيار ما ترتب عليها، مما قد يسبب هزة نفسية عنيفة خاصة إذا كانت القناعة الخاطئة تتعلق برسم صور الآخرين في الذهن ومنها تتحدد العلاقات.
لتجنب ذلك كله علينا أن نعي أولًا أننا قد نمتلك الكثير من القناعات الخاطئة المبنية على أسس ثقافية خاطئة اكتسبناها بشكل من الأشكال، وحينها ستكون حقائقنا مجرد احتمالات قد تصيب وقد تخطئ، وسنجد مساحات واسعة للبحث والتحليل المنطقي لتقبل آراء الآخرين في محاولة لتفهمها، وحين يثبت لنا أننا على خطأ، سنكون على أتم الإستعداد للتراجع وبكل مرونة وسعة صدر.
نحتاج كثيرًا إلى هذا النمط المنطقي في التفكير لنفتح لعقولنا آفاق أوسع للتفكر مع أنفسنا اولاً، ومع المحيطين ثانيًا، لنستطيع خلق أجواء راقية من الحوارات والنقاشات الدافعة إلى تطورنا كأمة وصفت بخير الأمم، ونوفر كل طاقاتنا الهجومية إلى كل من يريد لها أن تكون غير ذلك من خلال استمرار الصدامات.
أم حسين
20 مارس 2014
No comments:
Post a Comment