Friday, July 31, 2015

بين نقيضين / إكسير المحبة

 

إكسير المحبة

 

 

تبرز الأخلاق في الشريعة الإسلامية كواحدة من أبرز مميزاتها وسماتها الظاهرة والجليّة، وتمام الأخلاق إحدى غايات بعث رسول الإسلام محمد بن عبد الله – صَلى الله عليه وآله – حيث يقول: “إنما بُعثتُ لأُتَمِّم مكارم الأخلاق“، ويظهر أنها من غايات جميع الأديان السماوية.

ولأنها – أي الأخلاق – من أبرز خصائص الشريعة الإسلامية، كان مُبلغّها يُعرَف بالصدق والأمانة، بل أنه – صلى الله عليه وآله – بَلَغَ حد الكمال الأخلاقي، حتى قال عنه رب الكمال والجلال: “وإنّك لعلى خلقٍ عظيم“.

لذا، كان الإسلام مدرسةً أخلاقيةً قِيَميّةً استثنائية، ومن هنا جاءت (كانت) دعوة الإمام الصادق عليه السلام: “كونوا دُعاةً لأنفسكم بغير ألسنتكم” أي بالعمل، ولا شكّ بأن الخُلق ركيزة أساسية للدعوة للنفس بالعمل.

لاحظ أخي القارئ:

إلى هنا ليس في ما تقدم من الكلام أمر جديد، فهو كثيرًا ما يُقال، بل إن أغلبنا إن لم يكن جميعنا يحفظ ذلك ويردده، ولكننا لو راقبنا أنفسنا لرأينا العجب العُجاب من التناقض والتعاكس بين القول والفعل، بين ما نعلم وما نمارسه.

الحالة الطبيعية المفترضة تلزم أن نكون – لكوننا من ملّة هذا الرسول العظيم ذو الخُلق الكريم – في أرقى وأعلى مرتبة من الأخلاق والقيم، إلاّ أن هنالك الكثير من الظواهر والتصرفات بارزة في المجتمع – ربما – تجعلنا في أسفل المراتب الأخلاقية والقِيَميّة.

الأمثلة والشواهد أكثر من أن تُعد وتُحصى، لنلقي نظرة نحو التعامل مع الوافد الآسيوي مثلاً، كيف ترى؟! ألا تجد بأن هناك حالة من الإزدراء والاستنقاص والتعامل السيء، على الرغم من السمعة الطيبة التي نُوصف بها وتُنسب لنا.. بالطبع ليس المقصود هنا التعميم وإنما المقصد هو لفت الانتباه نحو ظاهرة اجتماعية موجودة وتتوسع شيئًا فشيئًا حسب ما أظن وأتصور.

ولتتضح لك الفجوة بين ما نفهم وبين ما نفعل، وترى حالة التناقض بين ما نردد من مفاهيم وبين ما نمارس، تعال لنوجه بصرنا إلى الطرقات والشوارع، كيف نتعامل فيها؟

من أكثر المواضع التي تُنبِؤكَ باختلال المفاهيم الأخلاقية هو طريق السير، أصبحت مظاهر التجاوز للسيارات بالخروج على الطرق الوعرة التي ينتج عنها تطاير الرمال والأتربة على مسار السيارات أمرًا اعتياديًا، تمارسه فئات واسعة جدًا، وبات الدخول لطريق الطوارئ “الخط الأصفر” تصرفًا شائعًا، والحالات كثيرة لو أردت عدّها في هذا الجانب.

إنّ حصر أسباب هذا التناقض تحتاج لدراسة مُعمّقة للظواهر، ولكن يبدو لي بأن هناك سببين ساهما بوجود حالة التناقض هذه:

 

١- عدم تمكّن المفاهيم الأخلاقية والقيميّة التي جاءت بها الرسالة المحمّدية والدين الإسلامي في نُفوسنا.

٢- نتيجة تداخل ثقافتنا مع غيرها من الثقافات الدخيلة علينا نتيجة العمالة الأجنبية الوافدة من جهة والتجنيس السياسي من جهة أخرى.

 

وعليه، بتنا في حاجةٍ ماسةٍ لمراجعة مثل هذه الظواهر، حتى نعود لأصالتنا الإسلامية التي قدَّمت لنا منظومة أخلاقية راقية فنرتقي برُقيّها، ونعلو بعُلوّها.

 

1 أغسطس 2015

No comments:

Post a Comment