ﻻ يختلف إثنان على مرارة الواقع الذي نعيشة كمجتمع، فالمشاكل بكل أنواعها ومستوياتها باتت كشبكة تحيط بالفرد والمجتمع، كلما حاولنا حل عقدة منها ظهرت عقدة أخرى حتى دب اليأس في النفوس من إمكانية الإصلاح، فأصبح كل فرد منا يعيش بمعزل عن الآخر، محور حياته هي الأنا تتحكم بكل الأحكام والمواقف والروابط بما يضمن لها استمرارية أنانيتها.
مواقف من واقع المجتمع.
في البيت:
تنسى الزوجة شراء إحتياجات الأولاد المدرسية لليوم التالي، يغضب الزوج ويعتبره تقصير منها في واجباتها إتجاه الأسرة، تغضب هي بالمقابل وتبدأ بسرد المسئوليات الملقاة على عاتقها منذ الصباح حتى المساء، فهي موظفة وزوجة وأمٌ وربة منزل، وبعد كل ذلك يذهب أحدهم لشراء الحاجيات، ويتكرر الموقف.
في العمل:
إجتماع إسبوعي بين المدير والموظفات حول كيفية حل المشاكل التي يواجهنها أثناء عملهن، تطرح إحدى الموظفات مشكلتها وهي:
صعوبة عملها بالنوبة الليلية لسببين الأول بعد منزلها عن مكان العمل، الثاني عدم وجود من ينوب عنها في رعاية ابنها الرضيع، ويتضاعف العبئ عليها بسبب إعفاء بعض زميلاتها، فيطرح المدير الخيار للموظفات في الإتفاق على حل وإعلامه بالنتيجة، او سيضطر لاتخاد قرار فردي وعليهن السمع والطاعة، ويعاد طرح المشكلة لمدة ثلاثة أسابيع متتالية ولا اتفاق ولا تعاون.
في الأماكن العامة:
أخد ابنته المعاقة إلى المستشفى.. توجه للأماكن القريبة المخصصة لركن السيارات الخاصة بالمعاقين، وإذا بها ممتلئة، فيضطر إلى ركن سيارته في موقف بعيد. لا يأمن على ترك ابنته في السيارة لوحدها فالوقت الذي سيستغرقه مشياً لإحضار كرسي متحرك من المستشفى لنقلها سيكون طويلً لبعد المسافة، فيضطر لحملها، وبينما هو يمشي متعبا حاملاً ابنته يلمح أحد الإخوة الأصحاء يركب سيارتة المركونة في الأماكن المخصصة للمعاقين، وينتهي الموقف بمشادة كلامية.
كل المواقف السابقة أثر لعلة واحدة وإن تفاوتت مستوياتها وهي عدم الإحساس بالآخر. لم يشعر الزوج بزوجته المنهكة طوال اليوم، لم يشعرن الموظفات بحاجة زميلتهن، ولم يشعر ذاك الأخ بحاجة المعاق. والكثير الكثير من الأمور التي قد يراها البعض بسيطة يمكن أن تحل في حينها، والحقيقة أننا نزيل المعلول ونغفل عن العلة التي تستمر بإنتاج معاليل بأشكال مختلفة.
فكيف سيكون حالنا لو وضع كل منا نفسه مكان الطرف الآخر وجعل الطرف المقابل في مكانه بنفس تصرفاته وأحكامه؟
حتماً ستتجاوز نظرته أنانية نفسه وسينمو حسه بالمسئولية اتجاه الآخرين، وستتعزز الروابط بدءا بالأسرة وانتهاءًا بالمجتمع، ستتفكك شبكة المشاكل التي تحيط بنا لننعم بمجتمع أهدأ.
أم حسين
2 إبريل 2014
No comments:
Post a Comment