Friday, April 4, 2014

أولادنا والدراسة وتربية (الضد)





إن أردتَ التعرف على أمر ما إن كان من الفطرة الإنسانية أو لا، فاختبره في الأطفال؛ إنهم الصياغة الأقرب إلى السلامة لو
 لا العامل الوراثي المعُكِّر في حال لم يكن موافقًا للفطرة.
من خلال تتبعي الشخصي وجدت الأغلب من الأطفال يمتلكون اندفاعًا كبيرًا نحو التعلم والقراءة والكتابة وعموم التعبير عن طريق الورقة والقلم إلى درجة أنهم قد يسببون شيئًا من الإنزعاج للمحيطين بهم خصوصًا إذا وقع الإختيار من بعضهم على الجدار ورقةً يخط عليها ما يراه غيره مجرد (خربشة) مزعجة، ولكن الواقع أنها ليست كذلك على الإطلاق، والحق أنها من أبلغ النصوص فصاحة وبيانًا لو كنا نفقه ما يفقهون.
هذا الطفل ينطلق في الحياة على فطرته مع بعض المعكرات الوراثية غير المتوافقة مع الفطرة الإنسانية، ومن هنا تبدأ أولى المشاكل التربوية بالتأسيس لثقافة المتناقضات وبشكل مروع جدًا، ومثال ذلك أنه عندما يكتسب العصبية من أحد والديه فيكون عليها سلوكًا، فإنه يُوَاجَه بعصبية أكبر من نفس الجهة التي اكتسبها منه، فهو يُنهى عن الصراخ بصراخ، ويُزجر عن حدية المزاج بحدية مزاج مقابلة ومن نفس المصدر، وهذا في الحقيقة مُرَكبٌ لا تربوي معقد جدًا لا يتمكن الطفل من حلحلته إلا في ما ندر من الحالات..
يندفع الطفل مقبلًا على التعلم واكتساب المعارف وبشكل رائع لا مثيل له عند الكبار، وإذا به يواجِه الصدمةَ تلو الأخرى، ففي المدرسة جبر وتخويف وتهديد، وفي البيت تقريع وصراخ وترويع؛ وكله بسبب انقلاب الآية، فالمدرسة ينبغي أن تتعلم من الأطفال قبل تعليمهم، وكذلك الوالدان؛ فالطفل متعلم طالب للمعرفة بفطرته الإنسانية السليمة، فلماذا يُعامل على فرض الضد دائمًا؟
عندما يرفض حل الواجب أو يتململ من المذاكرة، فهذا لأن أصل الطريقة التي يُعامل بها غلط في غلط في غلط، ولا أدري من أين جاء التخلف العسكري ليكون منهجًا خُلعت عليه صفة التربوية وهي في الواقع أبعد ما تكون عنه، بل هي بريئة منه كل البراءة!!
طلب العلم والمعرفة فطرة أصيلة جدًا في حقيقة الإنسان.. في ذاته.. في ماهيته، ولذلك يستنكر الله تعالى على من يخالفها من بني الإنسان..
(أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا).. إنه واضح جدًا أن القلوب مفتوحة على العلم بمراتبه وطرقه ومسالكه، ولذلك جاء الإستنكار مُوَجِّهًا إلى أن عدم التدبر معلول إلى أقفال وضعت على القلوب فمنعتها عن فطرتها العلمية المعرفية السليمة..
تمر الأيام وإذا بالولد المحب للدراسة والذي كان يومًا من المتفوقين في صفوفه الإبتدائية الأولى، ينقلب إلى كاره لها متذمر يبحث بل ويخترع طرقًا للتهرب والتملص من متابعة دروسه بجد وإقبال، والحق الحقيق أنه لا سبب في الأغلب غير المدرسة والوالدين، فهم يتعاملون مع الأطفال وكأنهم مخلوقات تحتاج إلى ترويض، ولا يدرون أن الترويض حاجة للكبار ولكنهم ينكرونها عن جهل مركب مقيت، أما الأطفال فهم على الفطرة ولا يحتاجون من الكبار أكثر من التوجيه الهادئ ومساعدتهم العاقلة الحكيمة على التنمية العلمية المعرفية الموافقة للفطرة، وهذا سهل جدًا عند بني الإنسان، ولكنه صعب جدًا عند من لا ينوي (الإنسانية) معرفة وممارسة.
كم من طاقات هائلة تسلطنا عليها دفنًا دفنًا؟ وكم من رائعات إنسانية دسسناها في آسن التناقضات وأدًا وأدًا؟ وكم من عقول أنيقة راقية مزقناها بعصبيات وتعصبات كريهة الشكل والرائحة؟
السلامة أيها الإنسان إنما هي في توجيه الحريات مع المحافظة عليها منطلقة لتحلق في آفاق الحرية وبَرْدَهَا، وأما ما هو حاصل اليوم فهو قمعها وتهشيم جمجمتها بدعوى (التربية والتعليم)، ولا أقول إلا: تَبَّا لهذه التربية وبالمثل لما أسموه تعليمًا، وإن تقمص كل واحد منهما ما ليس له ليتزين به ويخدع من يقبل على نفسه أن يعيش مخدوعًا.


محمد علي العلوي
30 مارس 2014
Instagram:@M_AL_ALAWI
Twitter:@alalawi14
Email:s.alalawi14@gmail.com
web: www.alghadeer-voice.com
App for iphone: https://itun.es/bh/_kmEM.i
App for android: https://play.google.com/store/apps/details?id=hr.apps.n67692157

No comments:

Post a Comment