Friday, April 25, 2014

تقدير الذات

كلما كبشر نُحب التقدير ونبحث عنه، بل لا أبالغ إن قلت أن حتى الحيوانات تحب التقدير وتبحث عنه.

إن تقدير الذات لا ينبع إلا من الذات، ولا يُصنع إلا من داخل الإنسان. وتقدير الذات يعني مقدار الصورة التي ينظر فيها الإنسان لنفسه إن كانت عالية أو دونية!

العلاقة بين النجاح وتقدير الذات علاقة مترابطة ومترادفة، هذا لأن الذين يُحبون النجاح ويصرون عليه بشدة، ويحرصون دائماً على التقدم في حياتهم، هؤلاء في واقع الأمر يرون في أنفسهم أنهم يستحقون المراتب العليا، والمواقع الأجمل؛  لأنها تناسب أرواحهم الطموحة.

ولو نظرنا لسيرة الكثير من العظماء لوجدنا هذا الأمر متوافرًا عندهم.

تقول أستاذة علم النفس بجامعة كولومبيا د. نانسي ويلوت: "إن صورتنا عن أنفسنا تسهم بشكل فعال في نجاحنا، لأن أي خلل يحدث في هذه الصورة يدفعنا لسوء تقدير إمكاناتنا، ومستقبلنا، وطموحاتنا، ما يعرقل قدرتنا على تحقيق الأفضل".

جاء في تفسير هذه الآية عند بعض المفسرين في وعيد سليمان عليه الصلاة والسلام للهدهد: (لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه أو ليأتيني بسلطانٍ مبين)، أن سليمان (عليه الصلاة والسلام) لن يُعذب هذا الطير الصغير الضعيف بالسوط، أو الأغلال، أو النار، أو صلبه! بل إنه سيكتفي بعدم تقديره وذلك عن طريق إقصاء الهدهد عن مجلسه، وتركه مع باقي الطيور، وإنزاله من منزلة إلى منزلة.

من طرق تقدير الذات ألا ينظر الإنسان لنفسه بنظرة قاصرة، أو وضيعة.

يقول الأميركي فورد: "إن أردت أن تصنع لذاتك هيبة فعليك أن تبدأ أولاً باحترام ظلك». ومن طرق تقدير الذات الصبر، والمثابرة على الوصول، وتحقيق أجمل الإنجازات"

ويقول هنري فان دايك: "بعض الناس ينجحون لأنهم محظوظون، ولكن معظم الناجحين قد نجحوا لأنهم كانوا مصممين على ذلك".

ومن طرق تقدير الذات ملازمة الحق، والخير، والتحلي بالشجاعة، يقول الزعيم الهندي غاندي: "أول الحكمة أن تعرف الحق، وآخر الحكمة ألا تعرف الخوف".

ومن طرق تقدير الذات المحافظة على الوقت دائماً، ومعرفة قيمته، وحسن استغلاله بشكل جميل، يقول وليام شكسبير: "إنني في صراع مستمر مع الوقت، إن الوقت أقصر من أن يتسع لإنجاز ما أُريد من عمل، وهو أطول من أن أقضيه ولا أعمل شيئاً".

ومن طرق تقدير الذات التقرب من العظماء، والاحتكاك بهم، والإستفادة من خبراتهم وتجاربهم، والإبتعاد عن المستهزئين المثبطين أصحاب الهمم الدونية، يقول مارك توين: "ابق بعيداً عن الناس الذين يحاولون أن يستهينوا بطموحاتك، الصغار يفعلون ذلك دائما، لكن العظيم فعلاً يجعلك تشعر أنك أيضاً يمكن أن تصبح عظيما".

ومن قصص تقدير الذات ما ذُكر عن القائد نابليون بونابرت، حيث دعاه أحد نبلاء فرنسا إلى حفل عشاء فحضر نابليون متأخراً عن الموعد قليلاً، وفور دخوله جلس على أول كرسي وجده، فلما انتبه إليه صاحب الدعوة بعد برهة من الوقت، أتاه مسرعاً وقال له: "سيدي إن كُرسيك الذي خصصناه لك هناك في المنصة".
فنظر إليه نابليون وقال: "أين ما يجلس نابليون تكون المنصة".

وقصة عبد الله بن المبارك حينما كان في رحلة سفر واعترضته عجوز فقيرة تطلب منه شيئاً من المال، فالتفت إلى غلامه وقال له: "كم معنا"؟
فقال له الغلام: "معنا يا سيدي عشرون ألف درهم".
فقال له بن المبارك: "ادفعها كُلها إلى هذه العجوز".
فتعجب الغلام مما سمع وقال لسيده: "يا سيدي إنها لا تعرفك، ودرهم أو درهمان سوف ترضى بهما".
فقال له بن المبارك: "تباً لك، إن كانت هي لا تعرفني، فأنا أعرف من أكون".

أم علي
22 إبريل 2014

No comments:

Post a Comment