Friday, April 25, 2014

ضابطة الحركة، وإلا فالويل والثبور

الشاحنة مركبة كبيرة ثقيلة بطيئة الحركة، وهذا لائق بشأنها تمامًا، ونفس هذه الشاحنة نتمكن من تحويلها إلى سيارة سباق خفيفة سريعة، وما علينا هو أن نأخذ جسمها الخارجي ونصهره ثم نعيد تشكيله بما يتوافق مع جسمِ سيارة السباق، ومن بعد ذلك نبدأ باستبدال محركها الميكانيكي وسائر قطع الغيار ليتبدل عنوانها من شاحنة إلى سيارة سباق حقيقية، وهذا ممكن جدًا.

ولكن، أن نركب في الشاحنة محرك سباق، أو أن نعكس المعادلة فنركب في سيارة السباق محرك شاحنة، فهذا حال لا يستقيم، ولا مآل فيه لغير الفشل يتبعه فشل.

وفي جميع الأحوال فإن استجابة كتلة السيارة للمقود والفرامل من المفترض أن تكون استجابة تامة وإلا فلا غير الدمار مصيرًا.

....................................

الحصان حيوان جميل رشيق خفيف الحركة، ولكنَّ حصان السباق لم يكن كذلك إلا من بعد تدريبات وتهيئة، ونفسه يمكن تحويله إلى حصان لقفز الحواجز ولكن بشرط التدريب المناسب للقفز، وأيضًا لا يصعب أن يكون حصانًا للإستعراضات الكلاسيكية إذا ما أدخل في دورات تدريبية تهيؤه لميدانه الجديد.

وفي جميع الأحوال فإنه لا غنى غالبًا عن السرج واللجام، ثم أنه لا فائدة منهما إن لم يتعلم الحصان الإستجابة لهما بما يقرره الفارس.

....................................

ثمرة البرتقال معروفة، وثمرة الليمون معروفة أيضًا، وهناك إنسان قرر مدفوعًا بحاجة أو حاجات أن يركب ثمرة جديدة من البرتقال والليمون، وبدأ بدراسة الفكرة حتى وصل إلى أن نقل جزء من نبات إلى نبات آخر بشكل معين وفي ظروف معينة وبأدوات وآليات معينة يحقق عملية التطعيم أو التركيب بين النباتات، وها نحن اليوم نأكل مركبات مختلفة في الألوان والطعم.

....................................

التغيير ممكن، بل هو ممكن جدًا، ولكنه لا يكون تغييرًا إن لم يستند إلى:

أولًا: أصول ثابتة غير قابلة للتغير.

ثانيًا: ضَوَابِطُ تحكُمُ العناوين وتَحُدُّ المواضيع.

ثالثًا: توفير أدوات التغيير.

رابعًا: الإحاطة الصحيحة بالآليات والمناهج التغييرية.

الخامس: الإستعداد الذهني والنفسي لتلقي الثقافات الجديدة على أسس صحيحة.

ماذا تريد أن تكون؟ ما هي أهدافك وغاياتك؟ ما هي الأدوات المتوفرة بين يديك؟ ما هي الموانع والمعوقات؟

كل تغيير ممكن، ولكنه أقرب إلى التشويه إن لم يقم على أسس صحيحة تراعى فيها ظروف الموضوع وأطرافه ومحيطه مراعاة دقيقة مسؤولة، والمفتاحُ الأصلُ في سؤالٍ، هو:

من أنت أولًا؟ وإلى أي جهة تقصد التغيير؟

أنت: إنسان، ثم أنت: مسلم أو مسيحي أو يهودي أو صهيوني أو شيوعي أو ماذا؟ ثم أنك من بيئة: قروية أو مدنية أو صحراوية أو ساحلية أو ماذا؟ اجتماعيًا؟ اقتصاديًا؟ وماذا عن العادات والتقاليد؟

كل ذلك يدخل في رسم الأطر العامة لموضوع التغيير، ولنتذكر دائمًا أن شجرة البرتقال لن تكون يومًا شجرة تفاح!

لذا، فأنت أنت وأنا أنا وهو هو وهي هي، ولكل واحد منَّا أطره الخاصة والتي ما إن تتحطم حتى تضيع الهوية وتنكشف العورات، وفي الغالب لن يكون من هذا الذي يحطم أطره الخاصة غير التبعية لغيره والإنبهار بالآخر مع العجز التام عن صناعة واقع يناسبه.

لو أن الأقدار تدور، وتتحول قيادة العالم إلى (نيجيريا) –مثلًا- فإن الفرنسي لن يتمكن من أن يكون نيجيريًا، وإن حاول فإنه سوف يكون مثل العربي اليوم الذي يحاول أن يكون أمريكيًا ويتوهم النجاح، غير أنه ليس اكثر من أضحوكة يتبادلها (كبار العالم).

ليست الدعوى هنا إلى البقاء في أطر ضيقة لا تؤدي إلى غير العصبية والتخلف، ولكنها تمامًا إلى التحرك نحو التغييرات الإيجابية مع المحافظة على الأطر التكوينية من جهة والدينية من جهة أخرى، ومن هنا ينطلق بثبات وطمئنينة وقوة وعزة نحو آفاق لا يحيط بها عقل إنسان.

محمد علي العلوي
22 إبريل 2014

No comments:

Post a Comment