Friday, April 18, 2014

(حق الناس) على منظمات (حقوق الإنسان)

فُتِحَتْ في بعض الدول الأوربية مراكز شرطة لحماية (الحيوان) من ظلم (الإنسان)، وبحسب متابعتي لشيء من البرامج التلفزيونية المعنية بنقل تجارب تلك المراكز المتخصصة وجدت أن العمل فيها على درجة عالية من الدقة والإخلاص بل والتفاني من أجل حياة أفضل (للحيوان)، فما من معلومة تصلهم عن (إنسان) يسيء معاملة الحيوان بأي شكل من الأشكال فإن قوة تتوجه إلى الهدف وبيمينها قانون رسمي نافذ يجرم ذلك الإنسان (المستهتر) لصالح الحيوان (المظلوم)!!

أشعر باحترام كبير تجاه مثل هذه المبادرات الإنسانية الراقية، ونفس هذا الشعور يتضاعف عندي أسفًا على المسلمين وهذا دينهم يزخر بما يرشدهم إلى احترام مخلوقات الله تعالى بكل صنوفها وأنواعها ولكن واقعهم العام يشهد بخلاف ذلك تمامًا..

على أية حال، فإنني أتفهم جيدًا حاجة (الحيوان) لإنسان يحمل بين جنبيه روحًا متألقة ونفسًا مضيئة يحميه من آخر قد أُشبِعَ وجوده سفاهة وسخفًا حتى انتهى إلى ظلم ما لا معين له عليه من (الحيوانات)، ولكن الذي يؤلم حقًا أن يحتاج (إنسان) إلى (إنسان) ليحميه من (إنسان)!!

أيُّ معادلة سخيفة هذه التي نعيشها ونندمج معها تمامًا إلى أن وصل الأمر ببعض السفلة أنهم يعترفون بمنظمات (حقوق الإنسان) ثم يجتهدون لتضليلها من أجل أن يواصلوا سحقهم لأبسط حقوق (الإنسان)، ومن عِظَمِ ما رأينا وشهدنا وسمعنا وتابعنا، أصبح طبيعيًا عاديًا أن يُمَارَسَ الظُلْمُ في كل مكان حتى تصاب الملفات (الحقوقية) بالتخمة إلى أن (يتكرم) المجتمع الدولي على المظلومين بقرارات (حصار اقتصادي) على الظالم يمتد إلى سنوات وسنوات قبل أن يُوقَعُ قرارٌ دولي آخر بالتدخل العسكري، ولكن بعد أن تمتهن كل حقوق المظلومين وتنتهك فيهم أبجديات (الإنسانية)!

ما الذي يصنعه (الحقوقيون) أكثر من أنهم يعلمون الناس (حقوق الإنسان) ثم أنهم يوثقون ضد من ينتهكها وكأن الأمر (هواية) أو ماشابه؟؟!!

يبدأ الآن حديثي..

لسنا في حاجة إلى منظمات (حقوقية) ترتبط في أصولها الأدبية بأكبر منتهك (لحقوق الإنسان)، ولكننا في حاجة ماسة إلى منظمات حقوقية محلية تنشر بين الناس ثقافة (الحقوق الإنسانية) بتجرد تام، وشرط ذلك أن يكون (الحقوقي) نفسه حاملًا في عمقه ووجدانه ثقافة الحب والإحترام والدعوة للتقارب والتعايش بين الناس صدقًا صدقًا، فإنه إذا عَلَّمَ الناس (حقوقهم) لا يكون في موقفه كالقائل بما لا يفعل، وكأنه موظف يبحث عن مكاسب بشكل من الأشكال!

عندنا في البحرين مجموعة من المنظمات الحقوقية، ولا يخفى أن عدد الحقوقيين قد تضاعف عشرات المرات خلال الثلاث سنوات الأخيرة، وبالفعل فالكل يشهد تقدمًا شعبيًا في ميادين التوثيق والنشر الإعلامي ومتابعة ما يدور في (جنيف)، ولكن الكل أيضًا يشهد تراجعات نوعية في ثقافات الإحترام وتقبل الآخر وفهم الاختلاف، والحق أن مثل هذه الفضائل لا يمكن سلخها عن العمل الحقوقي إلا إذا كان هذا الأخير لعبة يراد إلهاء الناس بها..

ما أفهمه هو أن يكون (الحقوقي) علَّامة في الإنسانية بمختلف أبعادها، لا أن يكون فهَّامة في القوانين والمواثيق الدولية فقط، فإن هذه الثانية لم تكن إلا لمعالجة أحوال الأولى، والعمل (الحقوقي) ليس من وظائف القوت والمعاش، أو لا ينبغي أن يكون كذلك، وبالتالي فإن المنتظر من (الحقوقيين) أن يكونوا منابر متحركة لنشر المحبة والخير وثقافات الإحترام والتقدير للأديان والأفكار والتوجهات وما شابه، وهذا هو (حق الناس) على منظمات (حقوق الإنسان).

محمد علي العلوي
15 إبريل 2014

No comments:

Post a Comment