Friday, April 4, 2014

لنكن أصحاب مشروع




نعيشُ على وجعِ ذكرياتٍ بحجمِ رأسِ أحمد فرحان، وهدمِ الدوار، ودخول قواتٍ أجنبية لبلدنا تُلاحقنا في الطرقات، وتقتحم البلدات لتقتلنا على الهوية؛ نعيشُ على أملِ الإلتقاءِ مع أربعةِ آلاف معتقلٍ بين محكومٍ وموقوف (طفل/إمرأة/رجل) تتراوح أحكامهم بين الإعدام والمؤبد مرورا بمختلف السنوات، نعيشُ بحرقةِ قلبٍ على مئاتِ المطاردين الذين تتربصُ بهم عيونُ الخيانةِ والخديعةِ والتوحش فتوقعهمْ بين قتيلٍ وأسيرٍ ومهاجر، نعيشُ على كسرةِ خبزٍ مسروقة وأراضٍ منهوبة، أعيننا ترقبُ كيف تتقافزُُ خيراتِ أرضنا بين يدي أغراب او ثُلةٍ متنفذةٍ دون أن نتمكنَ من إيقافِ قتلنا واعتقالنا وسرقتنا وإهانتنا، دون أن نتمكنَ حتى من سدِّ حاجتنا. وفيما مسلسلِ الإستهدافْ والإبادةِ والإقصاءِ متواصلٌ يسيرُ بخطىً حثيثةٍ نحو هدفه.. نستنزفُ أنفسنا بعملٍ ضمنَ جانبٍ وحيد، بعضنا يختزلهُ بالفعالياتِ الميدانيةِ السلميةِ، بالخطبِ والبياناتِ الحقوقيةِ، بالدعاءِ والصبرِ والصلاة، وصار البعضُ أيضاً يختزلهُ بإيجادِ معادلةٍ (للقوةِ) من قبيلِ (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ،، وأقول واثقةً جداً مما أقول انَّا نمتلكُ أكثرَ منَ الخطبِ والفعالياتِ وكذلك أكبرَ من الملتوفاتِ وتبني عملياتِ الرشق والحرقِ وأكثرَ من هاشتاقاتِ الصراخِ مع بعض الفعالياتِ والأعمالِ أو ضدها،،
لستُ بصددِ استصغارِ كلِ ذلكَ لكني صِرتُ أتسائل، بين كلِ تلكَ الجهود هل نتجهُ حقاً باتجاهِ تغييرِ واقِعنا المُعاش؟ ألا نمتلكُ سوى تلكمُ الأدوات؟ في ظل انشغالنا بهذا الجانب، ألم نُهمل جوانبَ غيرِها بذاتِ الفعاليةَ او رُبما أكثرَ فاعلية؟ ألم نستغرق في جانبنا السياسي مهملينَ جوانبَ ثقافيةٍ واجتماعيةً وتربويةٍ لم يغفلِ النظامَ ضربها واستهدافها؟ كثيرون يتسائلون وأنا منهم تُرى مالعمل الذي نتمكن من خلاله من تحقيق التغيير الحقيقي المحسوس والفاعل؟!
(العمل).. إنهُ القصةِ التي أراني مُلزمةً بالحديثِ عنها كُلما أُتيحتْ لي فُرصةَ الحديث وإن خشيتُ أحياناً أن لا أُوفقَ لأُوصِلَ الفكرةَ كما تعتملُ تماماً بنفسي، إلا أني أعتقدُ أننا جميعاً مَدينون للمعتقلينَ وللشهداءِ وللنساءِ المنتهكاتِ داخلَ وخارج المعتقلات بل للوطنِ وللأجيالِ القادمة، مَدينون بأن نعرف حقاً (مالعمل؟). مالعمل الذي يجبُ أن نُقدِمه لنتمكنَ من تغييرِ معادلةِ استهدافِنا واستضعافِنا وملاحقتِنا والتنكيلِ بنا،، ترى مالعمل؟!
نمتلكُ أن نَخلقَ واقعاً مُختلفاً عبرَ العلمِ والإلتزامِ بالهويةِ والعقيدةِ ومعرفةِ التاريخِ ووضع الأهدافِ الصحيحةِ وبُعدِ النظرِ بتقييمِ وضعنا ومعرفةِ جوانبِ ضعفنا وقُوتنا وكذلكَ جوانبِ قوةِ وضعفِ الخصمِ ومن ثمَ العملِ الحثيثِ على تأسيسنا عِلمياً وثقافياً وسياسياً واقتصادياً واجتماعياً دون إغفالِ الجانبِ السياسي ودون أن نسمحَ بطغيانهِ على بقيةِ الجوانب. لا بُدَ أن نُدرِكَ أصلاً عمليةِ التركيب والإرتباطِ اللازمةِ بين كلِ تلكمُ الجوانب فإن صَحَّت ألقت بظلال نجاحها على الجانبِ السياسي.
لا نَعيشُ وضعاً سياسياً متأزماً فحسب، بل أوضاعاً اقتصاديةٍ واجتماعيةٍ غايةٍ في الخُطورةِ والتعقيد وَجِبَ علينا العملُ عليها ومحاولةِ علاجها والإنطلاقِ بكل قوةٍ منها نحو مجتمعٍ قويٍ تخشى السلطةُ أيَّ سلطةٍ استهدافَهُ وتحسبُ ألفَ حسابٍ قبلَ أن تُفكِر في خدشِ كرامته.ِ ولا يُمكنُ لذلكَ أن يتحققَ إلا عبرَ عمليةِ تقييمٍ حقيقية لنا مُسقطينَ أثناءها كل المسمياتِ والإنتماءاتِ الحِزبيةِ التي صارت تأخذُ من جُهدنا وقُدرتنا، مُبتعدينَ عن ظاهرِ الأمور متعمقين للداخل تماماً، مُتجلببينَ بالمرونةِ والحزمِ في طرحِ إشكالاتنا مُسلحِّين بالشجاعةِ الكافيةِ لنتراجع عن (اللا مجدي) مُتجهينَ بقوةٍ لكل ما هو (مجدٍ ومؤثر) ..
لستُ من دعاةِ الوحدة.. أنا أُؤمِّن جداً بالإختلاف، فالإختلافِ سمةٌ إنسانيةٌ واجتماعيةٌ من الخطأِ الكارثيِ مُحارَبتها بل وجَب علينا أن نَتَعلمَ كيفَ نتعامَلَ معها ونتقدمَ مِن خِلالها.
لِنكُنْ أصحابَ مشروعٍ بعيدِ المدى ...



ايمان الحبيشي
١/٤/٢٠١٤ 
Instagram:@eman_alhubaishi
Twitter:@alhubaishiem
Email:alhubaishi.e@gmail.com 
  

1 comment:

  1. الأخت الفاضلة إيمان الحبيشي....
    في ظل هذه الأزمة انغمس الناس في امور أقل أهمية من غيرها ..
    بل هذه الأزمة نتيجة لافعالنا و ما عملته ايدينا ..
    للشيعة بالبحرين امكانات كبيرة .. لان يستقل بنفسه و مشاريعه و اقتصاده
    و ما يمكنه من صناعة واقعه ... لمن لم يحصل شيء ..
    أولها البدئ بالثوابت .. العقائد و ترسيخها , لتكون منارا ليرشدنا للطريق الصحيح ..
    لكن العمل كيف يبدأ ؟ تغيير عقليات ... و يبدأ كل ببيته !!

    ReplyDelete