السيد جعفر فضل الله
الموضوع الَّذي نحن في صدده في هذه الأوراق، يتعلَّق بفقه الدَّولة بحسب ما قد يظهر للباحث في ثنايا بعض الكتابات الأخيرة للمفكّر الإسلامي الفذّ، الشّهيد السيّد محمّد باقر الصّدر، وتحديدًا في كتابه "الإسلام يقود الحياة"، والَّذي كتبه في مرحلة انتصار الثَّورة الإسلاميّة في إيران، بعد سنواتٍ طويلة من العمل الحزبيّ الحركيّ الّذي قاد السيِّد الشَّهيد(ره) قيادته الفكريَّة والتّوجيهيَّة.
ونعتقد أنَّ عقل الشَّهيد الصَّدر(ره) التّنظيريّ، لا بدَّ من أن يغري الباحث في هذا الموضوع المهمّ، ولا سيَّما في هذه المرحلة الّتي يراد لها أن تحتضن الطَّرح الإسلاميّ الحضاريّ، في قضيَّةٍ هي من أعقد القضايا على المسرح الفكريّ والسياسيّ العالميَّين، وفي ظلِّ أشرس هجمةٍ يواجهها الإسلام ـ بنموذجه الحضاريّ ـ من خلال تناقضاتٍ داخليَّة تعمل على العودة إلى عصور الجاهليَّة، في مقابل الانطلاق به في فضاءات الفكر والممارسة الإنسانيَّة الواسعة.
ونعتقد هنا، أنَّ مقاربات السيِّد الشَّهيد(ره) ذات البناء النّظريّ الَّذي يعتمد التركيب بين المفردات الشَّرعيَّة، تجعلنا أمام مقاربةٍ مختلفةٍ للفقه، بين فقهٍ موضوعه أو خلفيَّته الفرد المكلَّف، وموضوعٍ أو خلفيّةٍ تتَّصل بإطارٍ اجتماعيٍّ أو سياسيٍّ أو اقتصاديٍّ مرتبطٍ بحركة المجتمع، ولعلّنا نوضح المقصود هنا في ما يأتي، وذلك ضمن نقاط:
النّقطة الأولى: في ضرورة فقه الدّولة
يعتبر الشَّهيد الصَّدر(ره)، أنَّ "الدَّولة ظاهرة نبويّة، وهي تصعيدٌ للعمل النّبويّ، بدأت في مرحلة معيّنة من حياة البشريّة"1. وبذلك، يؤسّس(ره) لاعتبار الدَّولة، وبالتّالي الانشغال السّياسيّ في بنائها وحركتها، جزءاً لا يتجزّأ من الممارسة الإيمانيَّة، بل ضرورةً تفترضها النبوّة في مرحلة تفعيلها على أرض الواقع. يقول الشَّهيد الصَّدر(ره): "ظهرت فكرة الدَّولة على يد الأنبياء، وقام الأنبياء بدورهم في بناء الدّولة السَّليمة، ووضع الله تعالى للدَّولة أسسها وقواعدها ـ كما لاحظنا ذلك في الآية الكريمة: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ}2 ـ وظلَّ الأنبياء يواصلون بشكلٍ وآخر دورهم العظيم في بناء الدّولة الصَّالحة، وقد تولّى عدد كبير منهم الإشراف المباشر على الدَّولة، كداود وسليمان وغيرهما، وقضى بعض الأنبياء حياته وهو يسعى في هذا السَّبيل، كما في حالة موسى(ع)، واستطاع خاتم الأنبياء(ص) أن يتوِّج جهود سلفه الطَّاهر بإقامة أنظف وأطهر دولة في التّأريخ، شكّلت بحقٍّ منعطفًا عظيمًا في تأريخ الإنسان، وجسَّدت مبادئ الدّولة الصّالحة تجسيدًا كاملًا ورائِعًا"3.
لمتابعة باقي المقال يرجى زيارة الرابط: http://www.islammoasser.org/ArticlePage.aspx?id=1954
No comments:
Post a Comment