Friday, September 12, 2014

المشاكل الاجتماعية والحل الممنهج // محمود سهلان

 
 
 
الظاهرةُ الاجتماعيةُ هي فعلٌ يمارسُهُ جموعٌ من البشر، أو همْ يتعرضُون لهُ أو يعانون منه أو من نتائجه.

مهما كان هذا التعريف دقيقًا أم لا فإنّهُ كافٍ لتوضيح ما نريد الوصولَ إليه، ومن كلمةِ "ظاهرة" قد نفهم أنّ هناك أمرًا مّا كان مكنونًا فظهر، وإذا قلنا أنّها معلولةٌ لعلةٍ ما أو عللٍ ما، لزمَنا البحثُ عن هذه العلل، لنمضي بشكلٍ منهجي في موضوعنا، لنتمكنَ من معالجةِ جذور هذه الظاهرة إنْ كانت سلبية، ودعمِها وتقويتها إنْ كانت إيجابية.

إذا كانت هذه الظاهرةُ عبارةً عن مشكلةٍ اجتماعية، فهي توضحُ أنّ هناك خللٌ ما في المجتمع، ما يستدعي البحثَ والتتبع لهذه المشكلة، ومن ثمّ محاولة إعداد المنهجِ المناسب لحلِ هذه الظاهرة السلبية، وتُسمَّى الظاهرةُ الاجتماعيةُ مشكلةً اجتماعيةً بأربعةِ شروط حسبما يرى بعض علماء الاجتماع:
 
1- أنْ تؤثرَ على عددٍ كبيرٍ وقطاعٍ عريضٍ منَ الناس.
2- أنْ تكونَ الظاهرةُ سلبيةً وغير مرغوبٍ فيها ومرفوضةً من الناس.
3- 
أنْ يكونَ لدى الأفرادِ شعورًا عامًا بضرورةِ فعلِ شيء مّا، أو القيامِ بعملٍ مّا حيال الظاهرة.
4- أنْ يكونَ هذا الفعلُ جماعيًّا وليسَ فرديًا.

هناك بعضُ الأسئلةِ يطرحُهَا المختصُ في إطار عمله، لا ينبغي إغفالها، ومنْ أهمِّهَا: ماذا يحدثُ؟ وكيفَ يحدثُ؟ ولماذا يحدث؟

وكذلكَ لا ينبغي إغفال أمرٍ مهم، وهو: ما دامتْ هناك ظاهرة فلا بدَّ أنْ يكونَ لها محلًا للظهور؛ أي أنْ يكونَ لها مكانًا وزمانًا للظهور، وهنا ينبغي أنْ نتأكدَ منْ هذا المحل، هل هوَ داخلٌ في عللِ الظاهرة أم لا، لأنَّ التعاملَ معهُ حينها سيكونُ مختلفًا.

بعدما قدَّمتُ به المقال، الآن أمثلُ لمَا طرحتُ بالتالي:

واجهتنا المشكلةُ الاجتماعيةُ (أ)، ثمّ قمنا بدراستها وتتبعها جيدًا، سنخرجُ حينها بنتائج عديدة، من أهمِّها معرفةُ أسبابِ المشكلة، ونتائجها، ومحلُ وقوعها مكانًا وزمانًا، والفئاتُ التي تنتشرُ بينها، وغيرها من النتائج.
بعد ذلك نقومُ بدارسة ما توصَّلنا إليه بشكلٍ دقيق، فنّدْرُسُ الأسبابَ والنتائجَ وغيرها، وندونُ كلَّ ما نصلُ إليه، وإنْ كانتْ وظيفةُ الاجتماعي أصعبَ من غيره، فإنَّ الفيزيائي مثلًا يمكنه أنْ يقومَ ببعضِ التجارب ويصلَ لبعضِ النتائج الدقيقة، لكنَّ الوصولَ للنتائجِ الدقيقة بالنسبة للاجتماعي أصعبُ بكثيرٍ من غيره، فهو لا يستطيعُ التجربة، فهو يعتمدُ على التاريخِ والمجتمعِ وما شاكل، وقد يكادُ المجتمعُ أنْ يكونَ حقلَ تجاربِهِ الوحيد.

أمَّا محلُ الظهورِ فربَّما يتعدد، فيكونُ لدينا المكان (أ)، و (ب)، و (ج)، وكذلك الزمان، فقد يكون دائمًا، وقد يكون في أوقاتٍ معينة، وهكذا، وهنا لا بد منْ ملاحظةِ ما إذا كانَ المكانُ ـ متعددًا أم غيرَ متعددٍ ـ من أسبابِ المشكلةِ أمْ لا، ويلاحظُ كل مصداقٍ منفردًا، فهو مستقلٌ عن غيره، وهذا يفيدنا في معرفةِ حجمِ تأثيرِ المكانِ والزمانِ في هذهِ الظاهرة، مما يوضحُ ما إذا كنَّا نحتاجُ للمواجهة، أو التوجيه، أو غيرهما.

إذا أردنا علاجَ المشكلةِ (أ) أو غيرها، فعلينا الكشف عنْ الأسبابِ بدقة، ومن ثمّ حلِّها جذريًا، وبذلك نتخلصُ من المشكلةِ، فلا يكفي استئصالُ جزءٍ من الظاهرةِ ونتائجها، ولا حتّى محلها، ما لمْ نقضِ على جذورها، فإنَّ النارَ إذا لمْ نقضِ على عللها، فإنّها ستظلُ قابلةً للاشتعال في أيّ لحظة، والمشاكلُ الاجتماعيةُ هي كذلك، فبقاءُ جذورها وعللها يعني أنّها ستعودُ للظهورِ مجددًا.

جعلنا الله وإياكم من المتحلينَ بالأخلاقِ المحمدية، وممَّن يهتمُ بأمورِ المسلمين، والحمد لله رَبِّ العالمين.

 
14 ذو القعدة 1435

1 comment:

  1. شكرا باش مهندس على مشاركة هذه المقالة الرائعة
    تفضلوا بزيارتي على الرابط التالي ...للمساعدة في حل المشاكل الاجتماعية والزوجية والتوحد وغيرها
    http://2fli.com/-57.html

    ReplyDelete