هناك خلف الأبواب الموصدة تقبع الألف الحكايات، أحداث بعضها ما زالت مستمرة، بين أخذ وعطاء، والبعض يقاوم الخلافات الناتجة من صعوبة الاندماج، فما زال يحاول عله يحظى بنهاية جميلة يختم بها حكايته.. وهناك حكايات اتسعت أحداثها فلم يعد باستطاعة محيطها احتوائها، فأصبحت أحداثها تسرد على كل لسان وفلانة طلقها فلان.
الحياة الزوجية، حكاية الحياة، لها قدسية خاصة.. كيف لا وهي الضامنة لاستمرار الحياة والحاضنة لبني الإنسان.. تستوقفني كثيرًا تلك الحكايات الحزينة تلك التي يئس أبطالها فاختاروا الفراق نهاية لحكايتهم.
أتساءل بصدق هل تقطعت كل سبل الإصلاح!!؟
أيعقل ذلك!!؟
أم أن الطلاق يعتبر سبيل إصلاح للحياة!!؟
قرأت مؤخرًا إحصائية عن نسبة الطلاق في بلدنا مفادها يقول أن ما يقارب نصف حالات الزواج تنتهي بطلاق!!
فما الذي يحدث! ألا يستحق الموضوع أن نتساءل عن أسباب تضخم تلك النسبة!!
ما الذي تغير بين الأمس واليوم!!؟ آسفة سقطت ال (لم) سهوًا..
السؤال الصحيح هو:
ما الذي(لم) يتغير بين الأمس واليوم!!؟
أعلم أنه من الطبيعي أن تتغير الأمور وتتطور بما يوفر للإنسان أكبر راحة في حياته، ولكن ما يحدث في عالمنا ليس تغييرًا طبيعيًا، فالتغيير الطبيعي لحياتنا هو ذلك الذي يتماشى مع كل معتقداتنا ومبادئنا وقيمنا فيدفعنا إلى الأفضل. التغيير الذي نصنعه نحن فنبقي على ركائزنا الأصيلة من قيم ومبادئ وننطلق لنبني ونسمو، وبذلك نحفظ التوازن الذي نفتقده بسبب القفزة الشاهقة التي أجبرونا عليها.
فلنبدأ بالمرأة.. أين كانت وكيف أصبحت!!؟
بالأمس الغير بعيد كانت حياة الفتاة مختلفة جدًا، كان حلم تكوين حياة زوجية هو المحور الذي تدور حوله حياتها لتلفها العفة والطهارة في كل سلوكياتها وأفعالها. تكبر بين أحضان كتب المدرسة صباحًا والقرآن عصرًا وتخلد إلى النوم لتحلم ببيتها الخاص يضم زوجها وعائلتها.. فالزواج هو الحلم الأول الذي تصطف خلفه باقي الأحلام..
تكبر وتتزوج.. وتنطلق لبناء حياتها كل حياتها من بيتها، وسط عائلتها كامرأة همها الوحيد زوجها وأبنائها، يساعدها في ذلك مجتمعها فهو البيئة الخصبة لأصول وقواعد الحياة الزوجية الصحيحة المستمدة من القرآن، فيعدها بكل المبادئ والقيم والقواعد التي تهيئها لتعدّ أمة عظيمة.
واليوم كيف تنشأ فتياتنا!!؟
مؤلم الواقع الذي تعيشه اليوم فتياتنا.. والأكثر إيلامًا الشعور بأنك مكبل اليدين لا تستطيع إلا أن تنصاع مع طوفان التغيير الحاصل..
تترعرع الفتاة على أرضية مبهرجة بالشعارات البراقة والتي تفتقر لأي نوع من أصول وقواعد صحيحة تهيئها لتكون امرأة صالحة تعدّ جيل واعد.
فنحن اليوم نربي فتياتنا مع حلم آخر حلم التفوق في الحياة العامة لا الحياة الزوجية وكيف تكون امرأة متميزة في المجتمع لا وسط عائلتها، ونزرع فيها حب الذات بشتى الأساليب ونستمر في تكرار الموشح ذاته: شهادتك هي سلاحك في هذه الحياة، واستقلالك المادي هو الضمان الوحيد من تقلبات هذا الزمان، وكأننا نهيأها لدخول حرب لا حياة بعد الانفصال عن الأسرة!
اختلافي ليس في الحلم ذاته ولكن اختلافي في ترتيبه من حيث الأهمية، فعندما يحتل هذا الحلم المرتبة الأولى تنشأ الفتاة لتصبح امرأة منطلقة بثقافة لا تمت الى الإسلام بأي صلة بل وقد ترفض من حيث لا تدري كل مصاديق ومفاهيم القرآن الكريم، فمصاديق المفاهيم التي تراها خاطئة.. فكيف لها أن تدير حياة زوجية بأكملها!!؟
فعند أبسط خلاف تبتعد بها كرامتها بعيدًا عن قول الله سبحانه وتعالى (هن لباس لكم وأنتم لباس لهم)!!
تميزت المرأة في المجتمع واستقلت ماديًا بمفاهيم التميز والنجاح التي استوردناها من الخارج طيب وماذا بعد ذلك!
الرجل.. نعم الرجل فاللوم ليس على المرأة فقط فيما يحدث، فتغير المرأة جاء على هوى الرجل، فمن لا يتمنى أن يتخلص ولو من جزء بسيط من العبء والمسؤولية الملقاة على عاتقه!!؟
شجّع الرجل تغيّر المرأة حتى وإن كان ظاهرًا يحارب فكرة إنصافها وإعطائها حقوقها (بمفاهيمنا المستوردة طبعًا)، ليكون أول شروطه في زوجة المستقبل أن تكون موظفة!!
لتوزع المهام بينهما في الحياة الزوجية على اعتبارات بعيدة عن المعادلات الإلهية، فتوزيع الإسلام لمهام الزوح والزوجة قائمة على معرفة، بالقدرة وقوة الإحتمال والعاطفة فكان التوزيع بما يتناسب مع التكوين الخلقي لها كامرأة وله كرجل ضامنًا الاستقرار النفسي كعامل أول لنجاح الحياة.
فلما اختل التكوين الثقافي لطرفي معادلة الحياة الزوجية (الزوج والزوجة) كان الناتج غير سليم..
اختلفت كل الأمور وتغيّرت وتطوّرت بما نعتقد أنه في صالحنا ولكنه في حقيقته ليس كذلك. علينا بإعادة التفكير في كل ما حولنا فواقعنا مجرد صور جميلة في ظاهرها واقعها مبرمج بما يريدون فانتهت الحياة الحقيقية.
نحن الأمل لأبنائنا.. علينا إعادة صياغه أنفسنا بما يضمن لهم بيئة سليمة وخصبة بمفاهيم وقوانين صحيحة نستمدها من نور الثقلين فالحل يبدأ منهما وينتهي بهما، وأي حلول خارج نطاقهما لن تجدي..
فمتى نعي ذلك!!؟
20 سبتمبر 2014
No comments:
Post a Comment