Thursday, September 18, 2014

التسامح والتعايش السلمي // أم علي



التسامح: لفظة سَئمنا الدوران حَولها.. كَأنها هِي المَركز وَنحن مُحيط دَائرة كبيرة، لا مُترابِطة الأَجزاء ونِصف قُطرها طوَيل جِدًا، نَتحرك بَعجلة مَركزية لا تُساوي إِلا الصفر.
 
التَسامح الذي أَتحدث عنه في مقالي هذا ليس تسامحًا يُعقد بين دَولتين أو أمتين ويُعَقد للوُصول إلى حياة بدون صوت مُتفجرات، ولا دماء موتى ولا نصل في النهاية.. التَسامح الذي أَتحدث عنه تسامح بين أخوة كانوا يَشدون بعضهم البعض للبِناء والآن أَصبحوا يَشدون بعضهم البعض لِهدم ما بَنوا.
 
التسامح هو الباب المَلكِي للوُصول إلى التَعايش السِلمي وِإبادة كُل مُسبِبَات الضَغائن والحِقد الذي قد يكون سبب رئيسي لاندفاعات طَائشة همها إِعلان الحرب، لتأخذ الأطراف المَعنيّة أَدوار البُطولة فِي تمثيل مشهد المُحارب الفَذّ وَالمُنتقم لنفسه وكل ما ينتمي إليه وما لا ينتمي إليه.
 
فِي هذه الحالة.. نكون نحن الجماهير الذين لا يستفيدون من تصفيِقهم سوى إِحصاء تبعات الأَلم ولَملمة آهَات عَلقت في الصدور بقول لو فعلوا كذا لكان أَفضل.
 
أَنا لا أُريد أن أَتحدث عن التسامح كمفهوم شرعي أو فِكري فهو مفهوم عميق له تفرعات لا تُفهم إلا بِفَهم الأصول، فأَنا لست جديرة بذلك وإن حاولت عَامةً ضَبط التسامح بمقاسات عقائدية وأَخلاقية تنبع من شريعتنا الإِسلامية أَمر مُهم يجب أن لا نَغفله.. أنا أُحاول أَن أَلفت النَظر إلى مفهوم لا زال مركونًا في آخر زوايا الفِكر الذي كان من المُفتَرض أن نجعله أداتنا الأَولى في التعامل مع الآخر الذي بات يُفسر الأُمور كيفما يشاء ويستعد بجدية للدفاع من دون مُهاجم.
 
ما ألحظه، واقعٌ مريرٌ جدًا من رغبة في الولوج إلى قناعات الآخرين والإِصرار على تغييرهم بلا شَرع ولا دُستور.

صحيح بأن دِيننا الحنيف حثّنا على تغيير المُنكر ولكن بطريقة تقود لِمعروف، لا لإثارة تمتمات وتَهييج لذرات، يُفترض بأن تكون ساكنة في مداراتها.
 
ما نحتاجه حقًا، أَن نعمل على تضيق الفجوة بين حُرية الرأي والهدف المرجو من إبداء الرأي.
من حقنا فعلًا أَن نُبدي رأينا في ما حولنا من أفعال لنكون ضِمن حُدود الأحقية التي أتحدث عنها.
يجب أَن نكون أَكثر حذرًا في إبداء الرأي من حيث التخلي عن سيد المُشكلات حَضرة "الهَمز واللَمز".
 
يجب أَن نُفكر بكل جوانب الدماغ لا بالجانب الذي يُعطي انطباعًا سيئًا فقط.
 
وإن تحققت أَسباب التسامح، وتحقق هو بذاته لا شك بأننا وصلنا إلى ما نَرنو إليه من تعايش سلمي، وكل ما ينبغي له مِن حُب وأُلفة ومَودة، وإِن لم يكن كذلك.. فإننا بكل تأكيد وعلى الأقل تركنا كُل مُسببات الشر على الرصيف القَديم.
 
الموضوع لا يحتاج وقتًا إلى التفكير، بِقدر ما يحتاج التطلع إلى التَغيير..
 
يجب أَن نَبدأ من أنفسنا.
 
 
20 سبتمبر 2014

No comments:

Post a Comment