Friday, September 12, 2014

واقعنا والأحلام // أم حسين

 
 

أعشق الأحلام بل وأنتظرها كل ليلة، ففي بعضها أعيش ساعات من يومي يحيطني واقعٌ جميل فأشعر بقليل من الراحة حتى لو كنت أقضي هذه الساعات في المنام. أحلامي هي ما تجعلني أعيش وأشعر بما لا أستطيع أن أعيشه على أرض واقع حياتي.
 
ليس هروبًا من الواقع كما قد يتصور البعض، كلا.. ولكن هناك أمورًا لا تستطيع أن تعيشها في واقع الحياة.. هناك حيث تقبع الأحلام قد تصل إلى الكمال وقد تطير وقد تصل إلى الجنان وتلتقي بمن تحب وتعيش لحظة عشق، حيث لا شفاه ولا كلمات وإنما تخاطر أرواح.
 
بعد أن أستيقظ من حلم جميل، أغمض عيني طويلًا وأحاول أن أعود إلى النوم علّني أحظى بدقائق إضافية أعيشها في واقع أتمناه، وأفشل..
 
فأفتح عيني على واقعي الحقيقي، واقعنا أنا وأنت، والذي سنصنع منه واقعًا آخرًا أتمنى أن يكون أكثر جمالًا.
 
وكم هو متعبٌ واقعنا ويحتاج لعمل وجهد كبيرين وفي كل الأوقات، والتغيير إلى الأفضل في كل الجوانب عامة والجانب الأخلاقي خاصة يعتبر قمة التحدي الذي نعيشه في هذا الزمان، فالعمل هنا والراحة هناك وإلا مصيرنا إلى الحرمان حتى من أحلام المنام.
 
فمن أين نبدأ!!؟
 
يبقى الإنسان هو المسؤول الأول والأخير عن تغيير واقع حياته، فأنت تصنع واقع حياتك لا العكس.
 
وضع العالم البولندي (ألفريد كوزيبسكي) مبدأ في علم البرمجة اللغوية يقول:
((الخارطة ليست هي الواقع))
بمعنى أن كل فرد يمتلك خريطة ذهنية خاصة به وهذه الخارطة تتشكل من المعلومات التي تصل إلى أذهاننا عن طريق الحواس واللغة التي نسمعها ونقرأها والقيم والمبادئ التي تستقر في نفوسنا ومعتقدات وعُقُدٌ تكبلنا وتسور عقلنا بحدود لتغلق الآفاق فيتكون السلوك بما رُسم في هذه الخريطة. فعالمي قارئي العزيز يختلف عن عالمك وليس هناك شخصين يعيشان في عالم واحد، ولذلك نحن نختلف.
 
وأي تغيير يحدث في العالم الخارجي لن تشعر به إلا إذا غيرت ما في ذهنك لاستقباله والشعور به. ولإحداث التغيير في عالمك الخاص ليبدو أكثر راحة وجمالًا في كل صباح، عليك بمعرفة نفسك، عليك أن تعرف ما الذي يحدث داخلك، من أين تنطلق أفعالك، وما هي منابعها، فتحيي الحسنة منها وتصلح المختل. فأنت المحور والتغيير ينطلق منك.
 
أعلم جيدًا أنها ليست عملية سهلة كما نكتبها ونتلفظ بها، بل إنها غاية في الصعوبة.. فأنا أخوض غمارها يوميًا، فالنفس ككتلة خيوط متشابكة في يدك وتحتاج إلى فكها للاستفادة منها، ولتفعل ذلك عليك أن تعرف طريق كل خيط على حده لتستله.
 
كذلك النفس عليك أن تعرفها جيدًا وتكتشف مكامن ضعفها وقوتها ومن أي الأوجاع تعاني فتوقف ألمها.. ولن تأتيك هذه المعرفة على طبق من ذهب بل عليك البحث عنها على رفوف المكتبات وبين صفحات الكتب.. بالقراءة والاطلاع تفك كل الرموز والألغاز. فكلما رفعت رصيد معرفتك، كلما تفتحت لك آفاق وسبل لفك العقد التي تقف في طريق تألقك.
 
الحقيقة أن الكثير من الأمور التي تحيط بنا تدفعنا إلى الشعور بأن لا فائدة ترتجى من إحداث تغيير في هذا العالم فأغلبه سلك الطريق إلى الأسفل وبسرعة جنونية لا تجعله يلتفت ويشاهد المناظر الجميلة لبعض الزوايا على  جوانب الطريق.
 
ولكن أليس من الممكن أن نكون أنا وأنت أحد الأسباب!!؟
 
هناك ملاحظة جديرة بالذكر في علم التواصل والضبط الآلي (cybernetics) وهو أنه:
عندما يتغير عضو واحد في جهاز ما، فإن كل الجهاز يجب أن يتغير من أجل أن يتكيف مع العنصر المتغير.
 
أنا وأنت المحور (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)
 
إياك والاستسلام إلى الواقع الذي تعيشه مهما كانت ظروفه فإن كان سيئًا فأصلحه وإن كان جيدًا فاعمل على أن يكون أفضل.. ارتقي بنفسك بالمعرفة فأنت لها.
 
 
ولنكن كالنسور نحلق عاليًا.. فهي كلما ارتفعت، كلما اتسعت صورة عالمها.. ولا نكن كالنسر الذي ولد كنسر ومات كدجاجة.
13 سبتمبر 2014

No comments:

Post a Comment