Saturday, June 21, 2014

دور المرأة في التنمية الحقوقية // إيمان الحبيشي


 
ورقة بعنوان: (دور المرأة في التنمية الحقوقية) / أعددتها وقدمتها في المؤتمر الوطني للمرأة البحرينية بتنظيم جمعية الوفاق الوطني الإسلامية يوم السبت ٢١/٦/٢٠١٤
 
مقدمة:
لم يعد الحديث عن جدلية الدور الذي تُمارسه المرأة موضوعاً بحاجة للمزيد من البحث والتحليل، إذ حسمته كل الجدليات لصالح المرأة وعلى اختلاف الانتماءات والتيارات الفكرية، ولأن التغيير عملية قيادية تراكمية يُمارسها جناحا المجتمع نساء ورجال، فمن الطبيعي أن نُركز على دور المرأة تارة ودور الرجل تارة أخرى، لكن شخصياً أتبنى الاعتقاد بأن المرأة حجر أساس في عملية التغيير الاجتماعي الثقافي بالذات.
 
في مجتمعٍ كمجتمع البحرين، مرت على المرأة كما الرجل ثلاث سنوات مريرة بل صادمة أحياناً، فمن كان يتوقع كمَّ الانتهاكات التي طالت المرأة بذاتها منذ الرابع عشر من فبراير حتى اليوم؟ ناهيك عن معاناتها نتيجة الانتهاكات التي طالت الرجل أباً وزوجاً وابناً.
على مدى هذه السنوات، قادت المرأة ولعدة اعتبارات عملية تغييرٍ في بناء المجتمع يراه البعض إيجابياً ويراه آخرون أحياناً ذا تبعاتٍ سلبية، قد تكون عمليات التغيير تلك بالنسبة للمرأة عملية عشوائية فرضتها الظروف أحياناً، كما فرضها تحدي المرأة لتلك الظروف في أحايين أخرى، إلا أن عملية التغيير لا بد أن تخرج من إطارها العشوائي، لتنتقل لأن تكون عملية مدروسة، مخططة وموجهة اتجاه ما يعود على المجتمع ككل بالفائدة، بحيث تُمارس المرأة دورها دون تكلف ولا شعور بعبء وكذلك دون قفز على الأدوار، ما يخلق تشتت الجهود وضياع الموارد.
 
المرأة والتصدي للعمل الحقوقي
الواقع:
من المجالات الجديدة التي دخلتها المرأة بشكل ملحوظ؛ المجال الحقوقي، فصارت ترصد الانتهاكات على الأرض، أو تُلاحقها بين جنبات المُنتهكِ حقه، تُدونها وتُوثقها وتُرسلها للجهات المعنية داخل وخارج البلاد، تُخاطب بها مؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الانسان، وتقود حملات الدفاع عن حق الانسان في التعبير عن رأيه، وممارسة حرية معتقده، مُصرة على حقه في الأمن على نفسه مُستشهدة بالعهود والمواثيق المحلية والدولية التي ألزمت السلطةُ بها نفسها، حبراً على ورق كاشفة الوجه القبيح للسلطة التي استهدفت كل أشكال الحياة والحرية والكرامة لمن عارضها على هذه الأرض، وربما تجاوزت حتى حدودها، ومن خلال هذا العمل برزت العديد من القيادات النسائية الحقوقية التي لم تُفوِّت السلطة أية فرصة لاستهدافها ومضايقتها ومعاقبتها على العمل الذي قامت ولا زالت تقوم به، وهو ما أُعده من مصاديق التغيير الذي خاضته المرأة تحت سلطة الظروف متحدية إياها بكل جدارة.
 
الطموح:
لكن ماذا عما يمكن أن تقوم به المرأة ومن بوابة اشتغالها كناشطة أو مُدافعة أو حتى مُهتمة بمجال حقوق الإنسان ضمن عملية تغيير مدروسة تستهدف ما هو أبعد من مُجرد الحديث عن انتهاكات السلطة أو رصدها وتوثيقها؟
ماذا عن دورها في إعداد مجتمع يحمل ثقافة سلوكية حقوقية بات من الواضح أننا نحتاجها في مُواجهة سلطة سلبتنا كل حقوقنا؟

أليس من الممكن أن يكون للمرأة دورها في تغيير ما راكمته سنوات القمع والتهميش؟
 
لا يُمكن أن يرزح مجتمع تحت سلطة قمعية كسلطاتنا العربية والخليجية كل هذه العقود دون أن يكتسب شيئاً من صفاتها.
 
عمليات الفرز والتحزب، عمليات تسقيط المختلفين، عمليات الانقضاض على المختلف وعزله ومهاجمته، كل تلك العمليات تمزقات صرنا نعانيها داخلياً، ولا أعتقد أن النضال في وجه السلطة يُغنينا أو مسموح له ان يُشغلنا عن عملية النضال الداخلي التي لا بد أن تكون مستمرة، منظمة، تخضع للتقييم الداخلي، وتتعرض للتقويم بين حين وآخر.
 
المرأة هي الأم في دورها الأول، هي المعلمة في رياض الأطفال ومختلف مراحل التعليم، هي الطبيبة والسياسية والخطيبة والمتطوعه وربة البيت والعاملة.
 
وحدة التغيير الأساسي في كل المجتمعات هي الفرد، فمتي ما وضعت كل امرأة في مجتمعنا نصب عينيها أهمية خلق جيل واع يمارس ثقافة حقوقية سلوكية تقوم على احترام الآخر مهما اختلفت فئته العمرية ومكانته الاجتماعية وخلفيته الثقافية، ثقافة تقوم على نقد الأفكار واحترام عملية التفكير مع صون كل ذات بشرية من التسقيط والإذلال الفكري فضلاً عن الإذلال النفسي والاجتماعي. أثق أننا حينها سنخطو بضع خطوات للأمام، ولن نحصد ثمارها اليوم فحسب بل على المدى الطويل جداً.
 
إن نجاح المرأة بشكل محدد يتبعه نجاح الوحدة الأساس في كل المجتمعات ألا وهي الأسرة وبالضرورة يتبع ذلك النجاح نجاح مجتمع بأكمله أفراداً وجماعات.
 
هل أحتاج أن أُذكركم بأن المجتمع الذي يقوم في أساسه على حرية التفكير بمسؤولية، المجتمع الذي يحترم عقول أفراده فيُخاطب تلك العقول مربياً النشأ على حرية مسؤولة قادرة على التغيير، هو مجتمع قادر على مواجهة كل التحديات التي تهدف لإخضاعه، ذلك أنه مجتمع حي منصرف لقضاياه الأهم ثم المهم، مجتمع يدفع باتجاه المصالح العامة محترماً المصالح الخاصة دون أن يلغيها (أي المصالح الخاصة) ودون أن تتفوق الأخيرة عليها (أي المصالح العامة)، مجتمع قادر على ابتكار مشاريعه الخاصة التي تحميه ممن يتربص به سوءاً، ولا أسهل من سحق مجتمع يعاني من التشرذم الاجتماعي والثقافي.
 
كلمة من هنا أدفعها تجاه كل امرأة وأُخاطب بها نفسي، لنكن بحجم التحدي ولنرفض عمليات التهام فئات المجتمع لبعضها بعضاً، بفتح ممرات وطرق التحاور والتفاهم ولا أقدر من المرأة على عملية البناء الشاقة هذه.
 
20 يونيه 2014

No comments:

Post a Comment