Friday, June 20, 2014

الكرة البرازيلية وسلطة الواقع الثقافي // محمد علي العلوي





لم تكن المؤشرات حينها في صالح المنتخب العراقي لكرة القدم، فسقوط النظام البعثي في ٢٠٠٣م بعد ثلاثة عقود من الانغلاق الإجرامي الخانق، وبعد تمكن القاعدة وأخواتها من الإثارات الإرهابية في ظل غياب السيطرة الأمنية، وبعد تحول العراق إلى ساحة من الخوف والدماء، فإن مسألة نجاح المنتخب العراقي في اجتياز الأدوار التمهيدية لبطولة كأس آسيا لكرة القدم ٢٠٠٧م كان أمرًا بعيدًا جدًا فضلًا عن أن يحرز البطولة ويعود بكأسها إلى بغداد!!
 
فاز العراقيون وحملوا الكأس عاليًا بعد أن أزاحوا مجموعة من المنتخبات العريقة والقوية مثل كوريا الجنوبية في نصف النهائي وأخضر شبه الجزيرة العربية في النهائي!
 
كتبتُ حينها مقالًا يدور حول نتيجة دلالية محورها أن أبناء گلگامش عندما يتحركون باسم العراق فمن الصعب أن يُهزموا..
 
إنها قوة الانتماء وما ينتج من غِيَرٍ تُحَرِّكُ الطاقات إبداعًا على طريق الإنجازات والظفر، ومن هنا قد نفهم بُعدًا من أبعاد الاستهداف الإمبريالي للعراق والعراقيين.. القضية فكرية ثقافية، فتأمل جيدًا..
 
أذكر في بطولة كأس العالم لعام ١٩٨٢م أن المنتخب البرازيلي كان صورة فنية متحركة غاية في الرشاقة والبهاء.. لم يكن فريقًا كرويًا عاديًا، ولكنه كان بالضبط فلكلورًا برازيليًا أقل ما يقال عنه أنه: مبهر!
 
كانت الكرة البرازيلية على أصولها.. حِسٌّ.. فَنٌّ.. إمتاع إلى أبعد الحدود، ولكن المفاجأة الصادمة كانت عندما خرج البرازيليون على أيدي الإيطاليين في مباراة دراماتيكية لن ينساها جمهور كرة القدم.
 
بعد البطولة هاج الرأي العام الرياضي في البرازيل مطالبًا أجهزة كرة القدم بالكف عن الاستعراض واستحداث طريقة لعب جديدة تجلب لهم البطولات وإن لم تستمع الجماهير بالكرة البرازيلية الساحرة، وبالفعل كان للرأي العام ما أراد فجاء منتخب ١٩٨٦م مشروع مسخٍ كبر في بطولات أخرى، فقد حاول البرازيليون التخلي عن عشقهم لفنون الكرة ومهاراتها، والتحول إلى ما لا يناسبهم ولا يفقهون في كرة القدم، وبالرغم من إحرازهم لبعض البطولات العالمية غير أن صورة ١٩٨٢م لا تزال عالقة في الأذهان تنتظرها الجماهير مع كل بطولة يكون للبرازيل فيها حضور..
 
تعالوا معي للحظات..
 
لم يتخلى الإنجليز عن كرتهم الإنجليزية التي تعتمد الكرات الطويلة والاقتحامات العرضية..
 
لم يتخلى الألمان عن لونهم الخاص الذي تميز بالقوة والسرعة واللعب الجاد حتى اللحظة الأخيرة..

فالسؤال الآن:
 
لماذا تخلى البرازيليون فتاهوا، والتزم الإنجليز والألمان بالرغم من إخفاقاتهم؟

في تصوري أن العامل أو العوامل التي أثرت وتؤثر في الالتزامات الإنجليزية والألمانية مشتركة إلى حَدٍّ كبير مع تلك التي يتميز بها العراقيون، أما البرازيل فإلى البحرين أقرب!!
 
عندما يُميزُك أمرٌ ما، فاحرص على التزامه وتطويره واحذر التخلي عنه، خصوصًا عندما تكون ضعيفًا في انتمائك إلى حزب أو تيار أو.. وطن، والتزم ما يُميزُك عندما تكون مُحَاربًا في انتمائك الحزبي أو التياري.. أو الوطني، واحذر حذر الغزال من السبع أن تلبس قميصًا ليس لك كما حاول البرازيليون.
 
إن للواقع الثقافي والفكري الذي يعيشه الإنسانُ فردًا وأسرةً وعائلةً ومجتمعًا وشعبًا، حضور حقيقي وقوي جدًا على نتاجه في مختلف الميادين دون فرق على الإطلاق..
وتذكير أخير، ثم فالقياس عليك..
 
هل تذكرون منتخب البحرين لكرة القدم في كأس آسيا ٢٠٠٤م عندما كان الشعب يعيش وعود الإصلاحات والعدل والإنصاف؟

أحرز حينها المركز الرابع، وكان مستعدًا لما هو أفضل لو لا عامل الخبرة..

أما اليوم، فكما يقول شعب (السيسي): إبئى أبيلني..

No comments:

Post a Comment