Friday, June 6, 2014

طريقان متعاضدان نحو الكمال / محمود سهلان




يروى أن أحد العلماء الأجلاء عزم على مراقبة نفسه ومحاسبتها، فجنح لاعتماد طريقة معينة، فقد سلك طريقة التسجيل، فأصبح يسجل أعماله الخاطئة وكذا ذنوبه كل يوم، ثم يطلع عليها قبل أن يخلد للنوم، فصارت مراقبة النفس ومحاسبتها أسهل له مقارنة بغيره بهذه الطريقة.

عندما بدأ - هذا العالم - العمل بهذه الطريقة كانت القائمة طويلة، فظل يحاسب نفسه كل يوم عن طريق القيام ببعض العبادات التي قد تشق على النفس أمام كل ذنب أو خطيئة، وهكذا كان حاله كل يوم، مراقبة طوال النهار، ومحاسبة قبل النوم، ومع الاستمرار صار يجد تحسنا ملحوظا كل يوم، فكانت القائمة تتضائل كل يوم، حتى وصل في نهاية المطاف لمرحلة يسجل فيها بضع ملاحظات فقط، بل وصلت لمرحلة صارت الورقة فيها بيضاء، وربما لم يحتج للورقة بعد ذلك.

بهذه الطريقة تمكن هذا العالم من التخلص من ذنوبه وأخطائه وعاداته السيئة، وهي إنجاز رائع، وهو متاح للجميع كما هو واضح، ولا يحتاج المقدم عليه سوى العزيمة والإرادة.

ثم يمكنك أيضا اكتساب بعض الصفات الحسنة، عن طريق ممارستها والاستمرار عليها قدر المستطاع، والتطبع بها.

في هذا المجال أقترح عليك إعداد برنامج يومي، والتركيز فيه على بناء العقل والروح، مما يجعلك حينها مهيئا لتحصيل الملكات الطيبة التي تسعى من أجلها. ويستحسن من وجهة نظري البدء ببعض الأعمال البسيطة، فقليل دائم خير من كثير منقطع، وثم التدرج شيئا فشيئا كلما كانت النفس مقبلة، فلا بد أيضا من مراعاة حالات النفس إقبالا وإدبارا، إلا أنه ينبغي أن يكون هناك حدا أدنى لا ينزل عنه الفرد أبدا.

بالجمع بين الأمرين يمكننا بناء عقولنا وأنفسنا بشكل مميز، فمن جهة أتقرب إلى الله بالامتناع عن المعاصي، ومن جهة أخرى أتقرب بالطاعات، فهذا بلا شك طريق جيد للوصول للمراتب السامية في سلم الكمال.

٧/٦/٢٠١٤

No comments:

Post a Comment