Friday, June 27, 2014

رجالٌ مع وَقفِ التنفيذ // إيمان الحبيشي




كان مُتلهفًا جدًا ليُكمل نصف دينه، يحثُّ والدته كُل حين على البحث الحثيث عمن ستكون أمًا لعياله، وما إن وقعَ نظره عليها حتى هتف منتشيًا (خير البر عاجله)، وعن طيب خاطر قدَّم المهر وسلَّم تكاليف الحفل، واستعد بكل ما يملك من قوة لليلة عقد قرانه.. تهندم ووضع العطر واختار بزة لم يلبس مثلها قط، ثم تأبط ذراع زوجته بعمق حفلتهما وتنهد تنهيدة من حقق كل ما يُريده من الحياة.

في لاحق الأيام نسي الشاب هندامه وعطره، وعلَّق بزته التي لم يقترب منها بعد حفلة قرانه، وعلى الرغم من أنه كان يمتلك صوتًا جهوريًا مطالبًا والدته بترشيح زوجة له، إلا أن صوته لم يعد مسموعًا، فكانت زوجته تقترب من وجهه كثيرًا لتسمع همس (تعليقه) عن سؤال خطر في بالها، وكانت سعيدة بأن تُلقيه على مسامع زوجها، ليُبعد رأسه عنها بكل تقزز (وش فيش صمخه!)
كل اللهفة التي كانت بعيني ذلك الزوج انطفأت بعد أيام أو أسابيع أو أشهر، ولم تكن تتضح تلك اللهفة سوى في لحيظات صغيرة يختطفها من تلك الشابة عنوة!
تساؤلات كثيرة كانت تخطر ببال تلك الشابة ولم تجد لها إجابة..
من أكون في نظر هذا الزوج؟ ماهي الصورة التي يراني فيها: (الشابة المثقفة الجميلة / أم الشر الذي لا بد منه؟!) كيف ستكون أيامنا الجميلة التي لم (أعشها) بعد؟ كيف سنُخاطب أطفالنا الصغار غدًا حين يمُّن الله بهم علينا؟ حتى متى سنكون ضيوفًا في بيت عائلته؟ ما هي الخطة الخمسية التي وضعها ذلك الزوج لحياتهما القادمة؟ ما رأي زوجها في اللون البنفسجي؟ هل لاحظ ملابسها الجديدة اليوم؟ هل لاحظ أن آخر حوارٍ دار بينهما كان منذ ..... لا تعلم من الأيام؟ هل يعلم أن والدته تحبها كثيرًا كثيرًا حتى أنها تنهره حين يُحدِّث زوجته أمامها بكل تعجرف؟
اكتشفت تلك الزوجة أن تساؤلاتها لا يُمكن أن يُجيب عليها ذلك الزوج!
فتمردت بعد حين وطالبته بإنهاء عقد زواج مرّ أذاقها معنى الحرمان والإهمال، رغم أنها ظنته عقدًا للاحتواء ولإغداق الرعاية وتحقيقًا لحياة مشتركة متكاملة! كان كل ما يهم ذلك الشاب هو أن يُدفع له مقابل خسائره على هندامه وحفلتهما ومهرها الذي لم تعد تستحقه!
وصار يُساومها عقدًا مقابل المال!
لستُ بصدد الحكم على صحة موقف تلك الزوجة، أو حتى الحكم على مطالبة ذلك الزوج، إلا أني أتساؤل حقاً،، كم هو عدد الزوجات اللاتي يعشن تحت جناح الزوج، محرومات مُهملات تشعرنَ بالذّل مع كل لفتةٍ يبتعدُ فيها الزوج عن النظر لوجه زوجته! كم حجم الإهانه التي تشعرها نساءٌ في ظل رِجالٍ يعتقدون، أن الحياة الزوجية مُكونة من غرفة واحدة، فإن لم تقبل أن تدخلها تلك الزوجة بطريقته هو، أو إن أصرت على الخروج منها، فقد استحقت عقابًا ماديًا يمكّنه من استبدالها سريعًا بامرأة أخرى مدفوعة التكاليف سلفًا!
مُحزن أننا وفي هذه الألفية، وبين تلاطم أمواج الثورة المعلوماتية، وتحت براثن وسائل التواصل الاجتماعية، وبينما نحن أمة رسولٍ قال: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي)، إلا أن بيننا رجال يفتقدون الرجولة، أو يحصرون رجولتهم في الفحولة، قاذفين زوجاتهم في بحر لُجّي من الحاجة للاهتمام، و لتبادل الرؤى وللشكوى وللفرح ولتفاصيل إنسانية دقيقة لا غنى لأي حياة مشتركة عنها، ليتلقفهم وحوشٌ خارج أسوار منازل الزوج، يُسمعونهن عذب الكلام ويُشعرونهن بحجم عقولهن، وروعة شخصياتهن.

لست بصدد الدفاع عن المرأة التي لا سبيل لسد حاجاتها إلا عبر زوجها، بينما يتمكن الأخير من سدِّ حاجته، أياً كانت بمثنى وثلاث ورباع من الزوجات، إلا أنني بصدد مُحاولة للفتِ نظر رِجالِ هذا المجتمع؛
احتفظ بهندامك ولهفتك واهتمامك لما بعد حفلة الزواج، وثق أن المنزل الزوجي مُكوّن من عدة مرافق!
25 يونيه 2014

No comments:

Post a Comment