Friday, November 14, 2014

برودة الجو // ز.كاظم


بسم الله الرحمن الرحيم
 
خرجتُ من المنزل صباحًا متوجًا إلى العمل.. فتحتُ الباب لأتأكد من حرارة الجو، فكان الجو رائعًا فقررتُ أن أترك معطفي في المنزل. لم تمر ساعة واحدة إلا وانخفضت درجة الحرارة بسرعة شديدة مع هبوب رياحٍ شمالية جعلت من الجو باردًا وملبدًا. قال لي أحد الزملاء ألم تتطلع على نشرة الأخبار الجوية البارحة لتأتي هكذا بدون معطف، رددتُ عليه وأنا أرتجف من البرد: لا. 

لم أتحمل برودة الجو، ورجعت للمنزل الذي لا يبعد كثيرًا عن مكان عملي لآخذ معطفي وأرجع مرة ثانية للعمل.
 
في اليوم التالي، كانت درجة الحرارة أقل من ذلك اليوم الذي انخفضت فيه درجة الحرارة بصورة سريعة ومفاجئة، بل وتوالت الأيام وفي كل يوم تكون درجة حرارة الجو أقل من اليوم السابق. ومع أن درجة الحرارة في كل يوم تقل، إلا أنني لم أشعر بتلك البرودة كما شعرتها في اليوم الأول وذلك راجع لتغيّر الجو بصورة سريعة ومفاجئة.
 
اليوم صباحًا علمتُ باستقالة موظفة في الأمس. مضى على هذه الموظفة عدة سنوات في العمل وانتهت -تلك السنوات- بصورة سريعة في اجتماع مع رئيسها وموظفة أخرى كان بينهما خلاف وسوء تفاهم، وأثناء الاجتماع غضبت فأرادت الخروج فقال لها رئيسها إن خروجك سيُعتبر تقديم استقالتك، فخَرجتْ. طبعًا لم يكن أمر استقالتها مفاجئًا لي فكل المؤشرات كانت تدل على أن أمر استقالتها -وغيرها- قادم.
 
كلمتُ رئيسها -وهو مدير تم توظيفه من قبل شهرين يمتلك الكثير من المؤهلات والخبرة في مجال عمله- واستعلمتُ منه تفاصيل ما حدث في الصباح، وبعد الظهر أعطيته رأيي حول الموضوع.
 
إن كان الجو فاجئني بسبب عدم سماعي لأخبار النشرة الجوية فخبر استقالة الموظفة لم يكن مفاجئًا لي.. عدم اطلاعي على نشرة الأخبار لم ينفِ أن هناك مقدمات على تغيّر الجو فهو ما تقوم به جهات الإرصاد الجوي من رصد لرياح بادرة قادمة من الشمال في اتجاهها لمنطقتنا. فالجو لم يتغيّر بصورة مفاجئة وبدون مقدمات إنما هناك حركة جوية طبيعية كانت نتيجتها تغيّر الجو المفاجئ لي. كذلك هو أمر الموظفة الذي كان كل قسمها في حركة دائبة في الأسبوع الماضي بسبب ارتفاع معدل الإنتاجية وقُصر فترة الإنتاج مما دعا بكل القسم لأن يعمل طوال أيام الأسبوع مع عطلة نهاية الأسبوع. وإن لم يكن بالإمكان تغيير حالة الجو، إلا أنه يمكن للفرد أن يتفادى التعرض للبرد ببعض الاستعدادات. أما أمر الموظفة فقد كان يمكن تفاديه لو تم الاستعداد جيدًا. 
 
طبيعة هذا القسم -قسم منتجات النفط والغاز- أن الطلبات تأتي مفاجئة ولكي تفوز بها لا بدّ أن تكون فترة الإنتاج تنافسية وبصورة قياسية فهي في بعض الأحيان تكون خلال يومين. وهذه الحالة مع تدخل قسم المبيعات -السيء- على قسم الإنتاج تولّد حالة من الضغط على جميع أفراد القسم من موظفين وعاملين فترى القسم يعيش حالة من السرعة والعجلة تتخللها الكثير من الأخطاء مع ارتفاع معدّل الضغط النفسي عند العاملين خصوصًا أنهم يعملون لساعات طويلة -12 ساعة- في اليوم. مما زاد الطين بلة أن هناك بعض الموظفين من مهندسين ومشرفين لم يقوموا بأداء مهماتهم بشكل صحيح ومبكر، مما دفع بالمدير العام لأن يتخذ قرارًا كلّفنا تقريبًا خسارة نصف يوم من العمل، وللأسف الشديد عندما واجهت المدير العام بخطأ هذا القرار أخذته العزة بالإثم وألقى بالمسؤولية على عاتق المهندسين.
 
قد يتم تقبّل هذه الحالة من الضغط في العمل لو أنها كانت حالة نادرة، أمّا أن تكون وتيرة العمل هكذا وباستمرار، فهذا مما يدفع بالعاملين والموظفين لأن يعيشوا حالة من الضغط والتي حتمًا ستولّد الانفجار في أي لحظة. هذا التدرج في طبيعة العمل قد يتقبله الموظف لفترة طويلة، لكنه يظل عرضة للانهيار لأنه حتى مع حالة التدرج فإن الضغط مئاله الانفجار.

طبعًا، عندما تتحدث مع مدراء الأقسام الأخرى، فالكل يتحدث عن قيمة العامل والموظف وأنه يجب تطوير كفاءاتهم وتوفير بيئة ملائمة لهم ليحبّوا العمل الذي يقومون به، لكن كل ذلك يغدو هباءً إذا ما لم يتم التخطيط جيدًا والعمل حثيثًا على تطوير مهارات العاملين والموظفين، مع العمل جديًا على توفير بيئة مناسبة للعمل وهذا يتطلب:
 
1) اتخاذ قرارات صعبة تجعل تطوير أداء الموظف والعامل أولوية في العمل،
2) العمل على وضع خطة لتطوير أداء الموظفين والعاملين وتنفيذها،
3) إخضاع الموظفين والعاملين لدورات وورش عمل لتطوير قدراتهم وكفاءاتهم،
4) متابعة تطوّر الموظفين والعاملين متابعة دقيقة،
5) الثناء عليهم وتشجيعهم على أدائهم الجيد والمتميز،
6) إسداء التوجيه اللازم لهم ومساعدتهم حينما يكون الإداء ليس بالمستوى المطلوب،
7) توفير بيئة مناسبة لهم ليمارسوا دورهم بدون ضغوط مستمرة.
 
كل ذلك يتطلب جهودًا حثيثة ومستمرة لوضع خطط وأسس وقواعد وتطبيقات لسير أداء الموظفين والعاملين، وهي عملية صعبة في البداية، لكنها بعد ذلك تُعطي ثمارها وتصبح حالة طبيعية في العمل. هناك بعض المدراء من يدفع بالموظف للعطاء دائمًا لحسن إدارته، وهناك من تكرهه والعمل وكل ما يتعلق بالأداء لتركيزهم على الصغائر من الأمور ولسوء إدارتهم ولعدم امتلاكهم نظرة شاملة بعيدة المدى. لذلك فإن أكثر من يشغل المناصب الإدارية يحتاجون أيضًا لتأهيل وتطوير أيضًا.
 

15 نوفمبر 2014  

No comments:

Post a Comment