في مادة التصميم الرقمي -digital design- دأب الدكتور متعمدًا على وضع مسألة معقدة في اختباراته تكون عادة لدائرة إلكترونية كبيرة تحتوي الكثير من المكونات الإلكترونية.. وكانت يوصينا قبل كل اختبار بأن نتبع الخطوات التالية:
1. اشعر بالذعر والخوف لدقائق قليلة، فهي حالة طبيعية جدًا..
2. خذ نفسًا عميقًا وهدئ من روعك..
3. ابدأ بأي جزء من الدائرة وقم بتحليله..
4. ثم انطلق من هذا الجزء للخارج تدريجيًا حتى تقوم بتحليل كل الدائرة الإلكترونية..
لم تكن تعجبنا طريقته ولا هذه الأسئلة بالذات، فالوقت لا يكون متسعًا لحل بقية الأسئلة وفوق ذلك صرف الكثير من الوقت والجهد في حل المسألة المعقدة.. لكن بعد مرور عدة امتحانات استطعنا أن نتعوّد على حل الأسئلة الأخرى بسرعة، ومن ثم التركيز على المسألة المعقدة، وقد ألِفنا هذه الطريقة واستطعنا أن نتمكن من حل الدوائر الإلكترونية المعقدة تبعًا لطريقته الآنفة الذكر..
هذا النوع من التفكير والأسلوب في معالجة القضايا كان مفيدًا لي في الكثير من تجارب الحياة على صعيد العمل بل والحياة بصورة عامة، إذ أن الإنسان تحيطه الكثير من الأمور المعقدة الكبيرة على الصعيد الأسري، الاجتماعي، الوظيفي والتي يظل أمامها حائرًا لا يدري من أين يبدأ وكيف يتصرف! وهذا أمر طبيعي جدًا، لكن المشكلة تكمن حين يظل على هذه الحالة من الحيرة ولا يتمكن من أن يتزحزح منها، أو أن يبدأ في جزء من المشكلة ويدور حول هذا الجزء حتى يستنفذ كل وقته وجهده فتضيع فرصته في حل المشكلة كلية فتتراكم ويعيش في دوامة المشاكل والتحديات بدون أن يخطو خطواته للأمام في تحليلها أو حلها..
لاحظ الخطوات الأربع السابقة في التعامل مع أي تحدي أو مشكلة أو قضية أو مشروع أو أي شيء عظيم وكبير يقف الإنسان محتارًا في كيفية حله أو إنجازه:
الخطوة الأولى هي مراعاة لطبيعة النفس حينما تجابه تحديًا أو مشكلة ما، ومن الحكمة أن يتم التعامل مع هذه النفسية كما هي لا أن يتم تجاهلها، فتعويد النفس على أن هذه الحالة من الخوف أو الذعر أو الاضطراب الأولي هي حالة نفسية طبيعية هو تعويد لها -النفس- لأن تتقبل هذا الخوف وتتعامل معه بصورة صحية وهي أن تعيش الخوف شريطة أن يكون مؤقتًا.
الخطوة الثانية تبدأ في تجاوز ذلك الخوف عن طريق عقد النية على تجاوز تلك الحالة النفسية من خلال أخذ النفس العميق أو أي طريقة تهدئ من الروع أو الحيرة.. لا تجعل نفسك عرضة للعصبية والغضب أو اليأس من جراء مواجهتك لمشكلة ما تجعلك محتارًا أمامها أو مشروع ضخم أكبر مما أنت متعوّد عليه.
الخطوة الثالثة مهمة جدًا في تحديد نظرتك إلى جزء من هذا الأمر المعقد الكبير والتركيز عليه لتحليله وحله، ذلك أسهل بكثير من محاولة حل المشكلة أو التحدي ككل مما قد يشتت الذهن.
والخطوة الرابعة لها بُعدين، الأول: التدرج في الحل، والثاني: عدم إغفال مهمة حل المشكلة ككل، فالأجزاء تُكوِّن الكل، والتدرج ينطلق من الجزء إلى الأجزاء الأخرى حتى يتم تحليل وحل الأمر وإنجازه كله.
ختامًا، أرجو أن وُفقت في طرح طريقة سهلة عملية للتعامل مع القضايا التي قد يعجز الإنسان أو يجد صعوبة في التعامل معها، وإلى اللقاء معكم في الأسبوع القادم.
8 نوفمبر 2014
No comments:
Post a Comment